منصور الجمري
مقترح البحرين… ولأن البحرين هي صاحبة الاقتراح فحبذا لو أنشأت محكمة بحرينية لحقوق الإنسان، وبذلك فإن البحرين يمكنها أن تقدم «أنموذجاً عملياً» يتم تطبيقه في البلد صاحب الاقتراح.
مقترح «المحكمة البحرينية لحقوق الإنسان» بإمكانه أن يحقق العديد من الأهداف، وأهمها أنه سينفذ تعهدات البحرين أمام المجتمع الدولي، ولاسيما أن البحرين اعتمدت العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (قانون 56 لسنة 2006)، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (قانون 10 لسنة 2007)، كما اعتمدت أيضاً الاتفاقيات التي تحرم التعذيب والتمييز وتضمن حقوق المرأة والطفل، وغيرها من الاتفاقيات الحقوقية الأخرى.
إن العهدين والاتفاقيات تتطلب من الدولة تنفيذ كل البنود الملزمة دولياً، وتتطلب إلغاء التشريعات والممارسات التي تنافيها. ومثلاً فإن المادة الثانية من عهد الحقوق المدنية والسياسية ينص على أن «تتعهد كل دولة طرف في هذا العهد، إذا كانت تدابيرها التشريعية أو غير التشريعية القائمة لا تكفل فعلاً إعمال الحقوق المعترف بها في هذا العهد، بأن تتخذ، طبقاً لإجراءاتها الدستورية ولأحكام هذا العهد، ما يكون ضرورياً لهذا الإعمال من تدابير تشريعية أو غير تشريعية». وحالياً فإن البنود الحقوقية لا تطبق كما هي مطروحة في العهدين والاتفاقيات، بل إن الكثير من القوانين والقرارات والاجراءات والممارسات تخالفها بكل صراحة.
إن البحرين ليست فيها آلية لتفعيل العهدين والاتفاقيات الأخرى على الأرض، وليست فيها آلية لإلغاء تلك القوانين والقرارات والممارسات التي تخالف كل البنود الحقوقية الملزمة دولياً للبحرين. كما ان البحرين عليها التزامات جديدة تتمثل في توصيات لجنة تقصي الحقائق وتوصيات جنيف، وكثير منها ينصب في ضرورة تطبيق الالتزامات الدولية التي أعلنت البحرين أنها تحترمها، بل واعتمدت الاتفاقيات الملزمة لها.
ستكون أفضل هدية بحرينية لقمة الدوحة التي وافقت على مقترح البحرين (في مارس الماضي) بإنشاء «المحكمة العربية لحقوق الإنسان» أن تؤسس البحرين على أرضها محكمة لحقوق الإنسان، وأن يكون القضاة مستقلين ومشهوداً لهم بالخبرة والكفاءة والنزاهة ومدربين على القيام بالمهمات التي تناط بمثل هذه المحكمة، وبذلك نقدم للعالم أجمع أنموذجاً إصلاحياً يمكن الرجوع إليه بصورة فعلية.