منصور الجمري
الإمساك بزمام المبادرة لحلحلة الأوضاع يتطلب الإيمان برؤية إيجابية وواعية نحو المستقبل، كما يتطلب الأمر القدرة على تحقيق الالتزامات بعقلية إيجابية متفائلة. وفي هذا السياق، فإن هناك حاجة مُلحّة، على مستوىً وطنيٍّ، إلى مراجعة توصيات لجنة تقصّي الحقائق وتوصيات جنيف، والعمل على تنفيذها بصورة تنقل الوضع الحالي الذي يتسم بالتلكؤ الذي يضر بالغايات الحميدة المرجوة من تنفيذ هذه الخطوات التصحيحية.
نرى أن البيانات التي صدرت من الأمم المتحدة، والمفوضية السامية لحقوق الإنسان، ومن جهات صديقة للحكومة، جميعها تبدي شعورها بخبية أمل، أو باستياء، أو بأسف، لأن الوقت يضيع دون التقدم إلى الأمام كما يأمل الجميع. والحديث حالياً يدور حول تأجيل أية خطوات تصحيحية حتى العام 2014، بعد انتهاء الدورة البرلمانية الحالية، على أمل أن القوى السياسية تسأم وتفقد مختلف القوى الفاعلة شعبيتها وتخرج جهات أخرى تحقق بعض المطالب الخدمية في الوقت الضائع.
وإذا كانت هذه التخرصات صحيحة، فإن من يدفع بها يود القول بأن «السياسة تجري كالمعتاد» مهما حدث في البحرين. غير أن مثل هذا الطرح قد يغلق الطريق أمام المعتدلين الساعين إلى تحقيق المطالب التي يمكن الحديث عنها ويمكن تلبية الكثير منها، ولكنه يفتح المجال أمام وضع يتسبب في تكاليف أكبر مع مرور الزمن.
إن بلادنا تحتاج إلى كل الجهود المخلصة التي تسعى للحفاظ على المصداقية السياسية وعدم ترك الوضع يتراجع عن الالتزامات الكثيرة التي تعهدت بها الدولة، ولاسيما أمام مجلس حقوق الإنسان بجنيف.
سيكون من الخطأ عدم الاستفادة من كل النصائح التي يقدمها الأصدقاء حالياً، بشأن ضرورة اتخاذ ما يلزم من تدابير إصلاحية؛ لأن التعويل على إطالة أمد الواقع الحالي ليس من المؤكد أن يجلب النتائج التي يرجوها البعض من ذلك.
لن نتحدث عن الوضع المثالي الذي يأمله هذا الطرف أو ذاك، ولكننا بحاجة إلى أن نتحدث عن خيارات واقعية تنظر إلى المشهد السياسي الحالي بعين مختلفة، وأن نسعى جميعاً إلى استبدال الجمود العقيم بمبادرات فاعلة تحشد كل التوجهات نحو مسار أفضل يتطلب تنازلات عملية تحفظ حقوق المواطنين جميعهم، وتحفظ أمن واستقرار البلاد.