عبدالعزيز عبدالكريم الهندال
كان وسيبقى الحراك البحريني حراكا مدنيا سلميا يهدف للإصلاح السياسي والاجتماعي والاقتصادي، حراكا انطلق من حب البحريين لمملكتهم وإصرارهم على النهوض بها في كافة الميادين، ولأن الأخطاء والنواقص والمثالب كثيرة فكان لابد وأن تظهر المطالب الإصلاحية كبيرة ومتعددة بحجم الخلل الموجود.
فالبحرين تعاني من التمييز والفرز الطائفي البغيض انطلاقا من الوظائف العسكرية والأمنية والعامة وفرص الترقي المستحق مرورا بالتعليم والصحة والإسكان والخدمات الاجتماعية وأخيرا وليس آخرا سعي بعض الجهات لتغيير التركيبة السكانية والتلاعب بها من خلال تجنيس كثير من العمالة الهامشية القادمة من مختلف البلدان وتحويلهم بعد ذلك لمقاتلين ورجال أمن مرتزقة بدلا من ركوب قطار الإصلاح وقيادة البلد إلى ما فيه خير المملكة والمواطنين، ولأن رأي الحكومة لم يستقم ومنطق المصلحة الوطنية فقد تمسكت بالحل الأمني، هذا الحل الذي تعاقبت عليه الحكومات البحرينية المختلفة ولم يقدم للبحرين إلا كل خسران.
ولم تكتف الحكومة بالحل الأمني لكنها وصلت به إلى أقصى ما يمكن أن يصل له وأضافت للأجهزة الأمنية القوات العسكرية البحرينية والخليجية والعربية نكاية بالشعب الذي طالب بحقه في الحياة الكريمة وحقه في رؤية مملكته بمصاف بقية الممالك والبلدان المتحضرة والمتقدمة، وأمام تعنت الأجهزة الأمنية وبطشها اللامحدود توالت الإدانات الدولية من مختلف الجهات المهتمة بالشأن الإنساني والقانوني حتى أمسى أسم البحرين مقترنا باللاإنسانية.
وقد سعى جلالة الملك لكشف الحقيقة وإزالة ما ألصق بمملكته فشكل لجنة دولية للتحقيق بما ارتكب ضد البحرين والبحرينيين فكانت «لجنة بسيوني» التي كشفت عن بعض ما امكنها الوصول إليه فكان كما رهيبا ومؤلما ومزعجا، فالقتل وهتك الحرمات وانتهاك المقدسات والتعذيب والاعتقال والعقاب الجماعي هو ديدن السلطات الأمنية ومرتزقتها الذين مكنتهم الحكومة من رقاب أهل البحرين.
فاستطاعت تلك الأجهزة ومن ورائها بما ملكته من قدرة تنفيذية مفتوحة من وقف وتعطيل العمل بأغلب توصيات لجنة بسيوني وزادت من عمليات التنكيل والبطش بأهل البحرين حتى اضطرت البحرينيين في الأيام الأخيرة لمواجهة العنف بعنف مضاد وإن كان أقل بكثير من عنف القوات الأمنية، لكن ما لم يتم تدارك الوضع بسرعة من قبل حكماء الخليج فالنار المشتعلة منذ 14 فبراير 2011 ستحرق البحرين وستركب الجسر وتتخذه معبرا للهبها الذي سيطال الجميع وحينها سنعض أصابع الندم لاغماضنا عيوننا عن الحق واتباعنا الفكر المتطرف.
وحسبنا الله ونعم الوكيل.
الدار الكويتية