(العروبة) أثبت وجوده على الساحة الوطنية
البحارنة: أرواح المؤسسين الأوائل تحثنا على احتضان النادي
"إن العروبة إحدى الحقائق الكبيرة التي تنبثق من وجدان العربي بعفوية ودون افتعال، وبهذه العفوية والبساطة اجتمع نفر من شباب هذه الجزيرة ليؤلفوا رابطة تجمع شتاتهم وتؤطر نشاطهم الدافق واختاروا العروبة عنواناً بل جوهراً أصيلاً لهذه الرابطة".. من مقدمة أول دستور لنادي العروبة 1939.
بهذه العبارة بدأ القائمون على نادي العروبة حفل التكريم الذي أقيم بمقره مساء أمس (الأربعاء) للاحتفاء بـ 52 شخصية وطنية من مؤسسي وقدامى الأعضاء بالنادي بمناسبة مرور 70 عاماً على تأسيسه، وضمت قائمة التكريم نخبة من رجالات الدولة والفكر والسياسة والاقتصاد.
وأكد رئيس مجلس إدارة النادي رسول الجشي في كلمته التي ألقاها بحفل التكريم أن النادي استمر يدافع عن مواقفه عبر كل تلك العقود من السنوات دون أن تجرفه التيارات المنحرفة، وصمد في وجه محاولات الرضوخ لتزييف الحقائق دون أن تثنيه لومة لائم ليكسب احترام الداخل والخارج متابعاً رسالته في تنمية الشعور العروبي في نفوس أعضائه ودفعهم للتفاعل مع قضاياهم الوطنية ومساندة القضايا الإنسانية التي تعاني منها بقية الشعوب.
وفي كلمة المكرمين جدد تقي البحارنة (العهد) مع المؤسسين والأعضاء الراحلين بالاستمرار في احتضان هذا الصرح الوطني، مشدداً على أن نادي العروبة غدا في طليعة الأندية الثقافية التي تحتضن الندوات والجمعيات الفكر الحر.
في بداية التكريم تحدث رئيس مجلس إدارة النادي رسول الجشي مبدياً سعادته بالاحتفال بمرور 70 عاماً على تأسيس نادي العروبة، مؤكداً أن هذا الصرح الوطني الذي اختط لنفسه منذ البداية طريقاً وطنياً وقومياً فأثبت وجوده على الساحة الوطنية عبر نشاطاته المتنوعة ومساهماته في تنمية الفكر وإذكاء روح الوطنية ونبذ الطائفية، واستمر يدافع عن مواقفه عبر كل تلك العقود من السنوات دون أن تجرفه التيارات المنحرفة، وصمد في وجه محاولات الرضوخ لتزييف الحقائق دون أن تثنيه لومة لائم ليكسب احترام الداخل والخارج متابعاً رسالته في تنمية الشعور العروبي في نفوس أعضائه ودفعهم للتفاعل مع قضاياهم الوطنية ومساندة القضايا الإنسانية التي تعاني منها بقية الشعوب.
وأضاف الجشي "أثناء المؤتمر القومي العربي الثامن عشر الذي عقد في البحرين قبل سنتين تشرف النادي بدعوة أعضاء المؤتمر الذي ضم شخصيات عربية مثقفة مرموقة لحفل عشاء حيث اطلعوا خلال الزيارة على مواد الدستور، وأشادوا بأهدافه، وكيف أن جماعة مثقفة من البحرين وعت هذه الأهداف في تلك المرحلة".
وأردف "منذ بداية تأسيس النادي في العام 1939 ميلادية، وحتى يومنا هذا، فإن دستوره كان ومازال يدعو إلى التمسك بالعروبة والقومية كون البحرين جزءاً من الوطن العربي الكبير، في الوقت الذي كان العالم ينظر إلى دول المنطقة على أنها دول (بلدان) متخلفة حضارياً مقارنة ببقية الأقطار العربية".
وترحم الجشي على المؤسسين الراحلين قائلاً في هذا الصدد: "نحن نحتفل هذا اليوم علينا أن نعيد ذكرى المؤسسين الذين كانوا بيننا رحمهم الله في كثير من المناسبات تاركين أثراً كبيراً استطاعت الأجيال المتعاقبة المؤمنة بأهدافها أن تحافظ عليه جيلاً بعد جيل وتعاهدت على حمل هذه الراية بكل أمانة وكفاءة".
وتحدث الجشي عن ضرورة رعاية الشباب إيماناً بدورهم ليتسلموا الراية ويتحملوا مسؤولياتهم مؤكداً أن إدارة النادي رأت أن تشجع الشباب على الانخراط في نشاطات النادي، فأنشأت مركز (شباب العروبة) وهيأته بكل المستلزمات حفاظاً على مسيرة هذه المؤسسة على بث الوعي القومي والعمل التطوعي لخلق جيل يتحلى بأخلاق عالية على استعداد لتحمل المسئولية والنهوض بها.
وقال الجشي أيضاً: "كما أننا لم ننسَ في خلال هذه الاحتفالية أن نكرم نخبة من أعضاء النادي الذين واظبوا على المشاركة في نشاطاته وسعوا إلى العطاء كل بحسب إمكانياته وقدراته ولم يلتفتوا إلى التيارات المعادية التي كانت تعصف بين الحين والآخر لعمق إيمانهم بالانتماء لهذه المؤسسة ولرسالتها".
هذا وقد ألقى عضو النادي تقي البحارنة كلمة المكرمين، قال فيها: "يحضرني في هذه المناسبة كلام كثير، كما تحضرني مشاهد عديدة، بمناسبة احتفال نادي العروبة بمرور 70 عاماً على التأسيس"، مضيفا "لعل مبادرة نادي العروبة هذه للاحتفال بمرور 70 عاماً على تأسيسه بمشاركة الأعضاء القدامى والمؤسسين وهي أول مبادرة من نوعها حاول النادي وحاولت باعتباري رئيساً للنادي أو للجنة النشاط الثقافي دعوة المؤسسين وكانوا كثراً في الستينيات والسبعينيات لجر أرجلهم إلى النادي من جديد والمشاركة في الحضور لكننا لم نفلح لتحقيق هذه الغاية".
وأردف "أتذكر بهذه المناسبة أن مؤسس النادي وزارع بذرته الأولى المرحوم محمد دويغر كان يتردد باستمرار على النادي الهندي المجاور لنادي العروبة على شارع الزبارة ومعه شلة من المؤسسين خلال الستينيات، وكان بعض أعضاء النادي ومنهم المرحوم حسن المدني يعترض طريقه أحياناً ليذكره بزيارة النادي فيبتسم في وجوههم ولا يجيبهم إلى ما يطلبون".
وقال: "إذاً لم ينجح النادي سابقاً في استجلاب المؤسسين والأعضاء القدامى إلا في مناسبات عامة محدودة، وهنا لابد أن أستثني أولئك الأعضاء القدامى الذين واصلوا حضورهم إلى النادي والمشاركة في أنشطته إلى هذه الساعة وارتبطوا به ارتباطاً روحياً في السراء والضراء وأصبح لهم في النادي المقام المعلوم، وأود أن أضيف إليهم ولو بعد فوات الأوان المرحوم إبراهيم العريض وعلي التاجر فقد تجاوز كل منهما جميع الاعتبارات لدخول النادي في أي وقت وقبوله على ما هو عليه".
وعن الأسباب التي دعت المؤسسين والقدامى للابتعاد عن النادي قال البحارنة: "من واقع حدسي الشخصي فهي كثيرة لا داعي للاسترسال في سردها لكني أختصرها في أمور، فمنها حدوث خلافات شخصية ومشادات كلامية، ومنها عدم التجاوب الشخصي مع أعضاء ومجلس الإدارة ومعظمهم من الشبان ومنها عدم الارتياح إلى أنشطة النادي ودخول الشبان في أنشطته وافتقاد المجموعة السابقة ذوات الميول والاتجاهات نفسها ومن السن نفسه". مضيفاً "ثم إن كثيراً من الأسباب كانت متمثلة في الإنذارات التي كانت توجه لهم لتسديد الاشتراكات المتخلفة عليهم مع تحذيرات مستندة إلى قانون النادي بحرمانهم من التصويت إلى غير ذلك، مما كان يصوغه أمين الصندوق من عبارات قاسية تخصص فيها المرحوم حسن المدني بدافع الحرص على توفير مالية النادي المضمحلة، وغيرها من الأسباب التي تفصل بين جيلين مختلفين ونوعين من التفكير وت لك هي سنة الحياة".
وتابع البحارنة "ومن وحي هذه الأمسية لعلني أضيف شيئاً آخر وهو توفر عنصر التكريم الشخصي مرفقاً بوجبات سخية وهو مما لم نفكر به سابقا لعدم القدرة المادية ولو قدر لأرواح المؤسسين الأوائل أن تحوم حولنا في هذه الأمسية التكريمية، فلعلنا نستمع إلى همساتهم في آذاننا تشجعنا على المرابطة ثابتين على أهداف النادي وغاياته وسوف تحثنا على تنشئة الشباب ومحاربة الطائفية والتمسك بعروبة البحرين وانتمائها العربي، ولكن أصواتاً أخرى سوف تهمس في آذاننا تنصح النادي بعدم الإسراف وسيحدثنا روح المرحوم جعفر الناصر (أمين الصندوق) كيف أن حملات النادي في زمانه كانت تكلف (روبية وست آنات) ثمن عصير الليمون الطازج والسكر والثلج وأصبحت اليوم تكلف مبلغاً يعتبر من الخيال المستحيل في ذلك الزمن".
وأضاف "ولعلنا أيضاً نخاطب أرواح أولئك المؤسسين المخلصين قائلين: نحن مازلنا على العهد باقين فقد أصبح نادي العروبة في طليعة الأندية الثقافية شكلاً وهندسة ومحتوى ومضموناً، فصالاته وقاعاته العامة أصبحت تحت تصرف شعب البحرين تحتضن الندوات والجمعيات الفكر الحر وللناشئين والشباب ملاذاً وملتقى ومدرسة صيفية وتطورت مكتبة النادي باحتوائها القديم والجديد تخليداً لذكرى العريض وسخاء مهدي التاجر وأريحية الآخرين، مثل تبرع المغفور له أمير البحرين الشيخ عيسى بن سلمان والتجار مثل الحاج إبراهيم كانوا وسواهم".
وختم البحارنة موجهاً كلامه للحضور بقوله إن حديث الذكريات يطول وبلا شك إن لدى كل واحد منكم ذكريات عاشها مع نادي العروبة فلتبقى هذه الذكريات وليستمر هذا التواصل مع النادي كرصيد يجمع الماضي بالحاضر ويشد أيكة النادي الفارعة إلى جذورها في الأعماق.