الملفت للنظر في مسيرة مساء امس بعنوان "إلا لقمة العيش"، حين ردد المشاركون فيها (كلا كلا للتجويع.. سحقا سحقا للتنويع.. فلترحموا المواطن.. ضاق عليه كل مكان.. أين حقوق الإنسان؟) وغيرها من الشعارات المنتقدة لتوجهات سياسة الحكومة لرفع الدعم عن المواد الأساسية، عدة أمور، منها:
أولا ان الشعار وحد 12 جمعية سياسية ومدنية للتضامن معا للإعراب عن رفضهم لقرار رفع الدعم الذي تم تداوله في الأيام القليلة الماضية، ووصل لغاية مجلس النواب والذين أعربوا عن عدم موافقتهم على إلغاء الدعم الحكومي.. هذا التجمع (12 جمعية) كان من الصعب تجميعهم في موقف معين إلا ان لقمة العيش وحدت جميع فئات الشعب البحريني عصر امس.
ثانيا: كان الحضور مشهودا، واعاد في الحقيقة للأذهان مشاهد التظاهرات التي كانت شائعة في 2003 وصاعدا حيث الحضور كبير.
ثالثا: تداخل لفظي (التجويع على آذان بعض المشاركين)، فحولت الكلمة الى "التجنيس"، ورددوا ( كلا كلا للتجنيس في الوقت التي هي.. كلا كلا للتجويع)، وقد أضفى هذا التداخل البريء مسحة ظريفة على الاعتصام.
وفي اعتقادي، لا أحد يلوم من اختلطت عليه العبارتان لبعد موقع مطلق العبارة، وعدم وضوح الكلمة على مسامعهم، وتنساق كلمة "التجويع" مع نغم كلمة "التجنيس" في الوزن وعدد الأحرف من جهة، واشتراكهما في الثقل على المسمع من جهة أخرى، فيبدو انه لا التجويع محبوب، ولا التجنيس مرغوب لدى معظم المشاركين في المسيرة، فبالتالي كان هذا التمازج.
رابعا: الصياغة الهادئة للبيان، مع حماسية محتوياته التي تدعو الحكومة الى مراجعة حساباتها فيما يتعلق بالشروع في رفع الدعم المادي للسلع الأساسية التي يحتاج اليها المواطن خاصة ذوي الدخل المحدود والفئة متوسطي الدخل إذ ان رفع الدعم لا يؤثر كثيرا في نمط ومستوى معيشة المواطنين من فئة ذوي الدخل العالي، والعالي جدا (المليونيرية والبز نسمن).
كما أكد البيان في سطوره أهمية أن تسعى الحكومة لتحقيق الاستقرار، وتحسين الدخول للفئات الضعيفة الدخل، حتى لا يتفاقم الاحتقان الاجتماعي، إذ ليس من المعقول أن دعم ميزانية الوزارات يتم عبر تخفيض الدعم.
وفي الختام، ماذا نقول؟، فالكلام كثير، وقد يطول، ولكن باختصار ان من واجب الحكومة – وهي تسعى الى ذلك فعلا – أن ترعى مصالح مواطنيها، وتوفر لهم الأجواء الآمنة، والمعيشة الكريمة، وفي هذا الشأن فإن رخص الأسعار مطلب أساسي جماهيري يدعم ماليا كل عام من قبل الحكومة، وهذا من صلب مهامها المركزية.