بقلم : أكرم عبيد
ما أن ينهض شعبنا من كبوته ليثبت ذاته وهويته وانتمائه وحقوقه الوطنية تتلبد غيوم التآمر والخيانة عليه لتستهدفه من جديد .
وبالرغم من ذلك يحيي اليوم شعبنا الفلسطيني ذكرى يوم الكرامة التي تترافق مع الذكرى الرابعة والثلاثين ليوم الأرض الوطني الخالد .
في يوم الكرامة كان قرار الصمود في مواجهة العدوان الصهيوني الذي تحطم على صخرة صمود المقاومة الفلسطينية في مواجهة غير متكافئة مع المجموعات الفدائية الفلسطينية المدعومة من الجيش الأردني في الأغوار .
وقد أسست هذه المعركة لفتح بوابة المشاركة العربية الشعبية في صفوف المقاومة الفلسطينية لمواجهة الاحتلال الصهيوني .
وفي يوم الأرض قررت جماهير شعبنا الفلسطيني المقاوم في المثلث والجليل والنقب تحدي سلطات الاحتلال الصهيوني لأول مرة بعد نكبة عام 1948 ومواجهة سياسة المصادرة والتهويد والاستيطان العنصري التي استهدفت الوجود العربي الفلسطيني بشكل مباشر بعدما أدركت الخطر الجدي الذي يتهدد وجودها من خلال ما يسمى القنبلة الديمغرافية .
لقد تعاملت سلطات الاحتلال الصهيوني مع ظاهرة يوم الأرض بعنف عسكري كبير بعد محاصرة عدد من المدن والقرى الفلسطينية المحتلة في الجليل والمثلث لكسر إرادة شعبنا المنتفض بعد إطلاق النار على المتظاهرين العزل وقتل ستة مواطنين وجرح العشرات واعتقال عدد كبير منهم .
وبالرغم من ذلك تحملت جماهير شعبنا الفلسطيني مسؤولياتها الوطنية والأخلاقية للدفاع عن وجودها وهويتها والتمسك بحقوقها في انتفاضة يوم الأرض التي شكلت نقلة نوعية في وعي المواطن العربي الفلسطيني الذي أدرك أن الأرض تشكل جذر الصراع الوجودي مع سلطات الاحتلال الصهيوني التي راهنت وما زالت تراهن على العامل الزمني والقوة والغطرسة لاقتلاع شعبنا من ارض وطنه في المثلث والجليل والنقب والساحل العربي الفلسطيني والقدس لكنها فشلت بعدما أصبحت انتفاضة يوم الأرض نموذجاً في تعميم ثقافة المقاومة والصمود والوحدة الوطنية المعمدة بدماء الشهداء في مواجهة سياسة الإجرام الصهيوني, وخاصة بعد سقوط البعض في مستنقع أوسلو الآسن والانقلاب على ثوابت شعبنا في الميثاق الوطني الفلسطيني المقاوم بعد تغليب مصلحة السلطة على مصلحة الوطن التي لا تعلو عليها مصلحة بعد الرهان الخاسر على المفاوضات العبثية الفاشلة المباشرة وغير المباشرة مع العدو الصهيوني برعاية الإدارة الأمريكية المنحازة للمشروع الصهيوني بشكل مطلق والتي تتعمد ترويض الوعي الشعبي الفلسطيني المقاوم الذي توحد في الداخل الفلسطيني المحتل ومخيمات الشتات في مقاومة الاحتلال حتى تحقيق كامل أهداف شعبنا في التحرير والعودة وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية الديمقراطية وعاصمتها القدس.
لذلك تعمد مجرمي الحرب الصهاينة استثمار الانقسام الفلسطيني والعربي لفرض مشاريعهم ومخططاتهم عبر البوابة الفلسطينية الحلقة الأضعف بعد مسيرة أوسلو الانقلابية لتحقيق أهدافهم وإطماعهم الاستعمارية القديمة الجديدة وفي مقدمتها تكريس ما يسمى يهودية الكيان المصطنع وعاصمتها القدس كما يزعمون بعد التهام ما يزيد عن 60% من أراضي الضفة الغربية المحتلة لبناء وتوسيع المستعمرات وخاصة في القدس والمساس بالمقدسات الإسلامية والمسيحية بعد ضم الحرم الإبراهيمي ومسجد بلال لما يسمى التراث اليهودي الذي سيشكل مقدمة لضم المسجد الأقصى لهذا التراث المزعوم وهدمه لبناء ما يسمى الهيكل الثالث المزعوم وخاصة بعد بناء كنس الخراب الصهيوني على بعد ثلاثمائة متر من الأقصى .
لذلك إن ما يحصل اليوم في فلسطين مرتبط بشكل جدلي بما تخطط له دوائر الاستخبارات الصهيو أمريكية وشركائها من الأنظمة الأوروبية المتصهينة وعملائها الصغار في المنطقة التي تعمدت تعميم ثقافة الفتنة الطائفية والمذهبية والارهاب الوهابي التكفيري في معظم البلدان العربية وفي مقدمتها سورية حاضنة المقاومة والصمود في فلسطين ولبنان تحت يافطة ما يسمى الربيع العربي المزعوم لتقسيمها وفك إرتباطها بمحور المقاومة وخاصة مع الجمهورية الاسلامية الايرانية .
لذلك تعمدت الإدارة الأمريكية المتصهينة وشركائها وأدواتها التدخل المباشر في الوضع الداخلي الفلسطيني لتعزيز الانقسام الفلسطيني وقطع الطريق على المصالحة الوطنية لمعاقبة الشعب الفلسطيني بشكل جماعي وكسر أراده المقاومة واستسلامه للشروط الصهيونية لتصفية قضيته وحقوقه الوطنية بالرغم من الخلافات الشكلية بين رئيس وزراء الاحتلال الصهيوني الفائز في الانتخابات البرلمانبة الاخيرة والرئيس الامريكي اوباما الذي صدمته نتائج الانتخابات فأعلن ان الإدارة الامريكية ستعمل على إعادة تقييم سياستها بعد فوز نتنياهو الذي اسقط خيار الدولتين وجدد لاءاته الشهيرة التي تقول ” لا للأنسحاب لا للتنازل لا لتقسيم القدس ” وهذا يعني بصريح العبارة ان التجمع الصهيوني صوت لدفن ما يسمى عملية السلام كنقدمة لاعلان ما يسمى قيام ” الدولة اليهودية ” العنصرية والتخلص من أبناء شعبنا في المثلث والجليل والنقب والساحل عبر نكبة جديدة وطرد جماعي الى معازل سلطة اوسلو وغيرها .
لذلك فإننا كفلسطينيين اولاً وكعرب ومسلمين يجب ان نعترف أن إستراتيجية المفاوضات بالرعاية الامريكية فشلت لأن الاحزاب الصهيونية بيمينها ويسارها المزعوم كانت وما زالت ترفض الإعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني وفي مقدمتها فكرة وجود دولة فلسطينية مهما كان شكلها وهذه مهمة وطنية فلسطينية وعربية وإسلامية وتحررية عالمية وخاصة إننا اليوم على أبواب عقد قمة عربية من المفروض مطالبتها بقوة بعدم المراهنة على المفاوضات مع العدو الصهيوني والعمل على سحب المبادرة العربية سيئة الذكر ووضع إستراتيجية عربية لدعم ومساندة قوى المقاومة ودعم صمود أهلنا في القدس وحماية المقدسات الإسلامية والمسيحية المهددة بالدمار ودعم ومساندة الموقف الفلسطيني في التوجه لمحكمة الجنايات الدولية لمحاكمة مجرمي الحرب الصهاينة وتشكيل لجنة عربية لدعم ومساندة الأسرى في سجون العدو الصهيوني ورفع الحصار عن قطاع غزة وإعادة ما دمره العدوان الصهيوني المستمر على غزة الصامدة .
وبالرغم من هذه المطالب الشعبية الفلسطينية والعربية المحقة لكن فاقد الشيء لا يعطيه والمراهنة على الانظمة العربية وجامعتهم كالمراهنة على المفاوضات العبثية مع العدو الصهيوني بالرعاية الامريكية المزعومة .
وذلك لسبب بسيط لأن التجمع الصهيوني في فلسطين المحتلة كان ومازال يمثل الوجه الآخر لنظام الفصل العنصري والارهاب الرافض للسلام العادل والشامل بعد التعامل الإجرامي مع شعبنا الفلسطيني تحت الاحتلال وإستثمار المفاوضات العبثية كغطاء لفرض الاستيطان كأمر واقع لقطع الطريق على السلطة الفلسطينية المزعومة في تحقيق هدفها في إعلان قيام دولتها الموعودة في الاراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
وهذا بصراحة ما يفرض على القيادة المتنفذة في م . ت . ف . البحث عن خيارات وطنية لخدمة اهداف شعبنا ومصالحة الاستراتيجية وفي مقدمتها حل السلطة التي اصبحت عبء على شعبنا وعلى قضيتنا وحقوقنا الوطنية وعلى حسال الوطن والانتماء لأن حلها اقل كلفة من وجودها والغاء اتفاقيات اوسلو وملاحقها الامنية والاقتصادية كمقدة جادة وبادرة حسن نية
للعمل على ردم هوة الإنقسام وإستعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية لتصحيح المسيرة والمسار من خلال مراجعة وطنية شاملة لإعادة بناء م. ت. ف على أسس سياسية وتنظيميه مقاومة وإعادة تفعيل مؤسساتها بمشاركة الجميع من الفصائل القوى والشخصيات الوطنية ولجان حق العودة والمنظمات الشعبية وغيرها وإعادة الاعتبار للميثاق الوطني وإعادة تشكيل المجلس الوطني في انتخابات ديمقراطية حيثما أمكن على قاعدة التمثيل النسبي وإعادة صياغة البرنامج السياسي بأهدافه الإستراتيجية في مقاومة الاحتلال بكل الاشكال والوسائل وفي مقدمتها الكفاح المسلح والعودة بقوة لمحور المقاومة والصمود لإستعادة كامل حقوقها الوطنية والقومية المحتلة في فلسطين كل فلسطين والجولان العربي السوري ومزارع شبعا وتلال كفر شوبا.