هاني الفردان
مع قرب الإعلان عن تشكيل مجلس الشورى تزايد حديث المواطنين البحرينيين عن إمكانية فوزهم بعضوية المجلس حتى وإن كانوا مازحين، فبعضهم تساءل كمواطن بحريني كيف يمكنه الوصول إلى قبة مجلس الشورى، وهل الأمر صعب، وهل بإمكان أي مواطن بحريني أن يصل إلى ذلك المقعد المعين.
200 دينار، وحملة انتخابية توصل وأوصلت 40 نائباً لمجلس النواب، بعضهم صرف أكثر من سبعين ألف دينار، وآخرون لم يكلفهم المقعد النيابي سوى 200 دينار، دون اشتراطات معقدة، حتى بلغ الحد فقط إجادة القراءة والكتابة، مع اشتراطات تقليدية، وبرتوكولية ليفتح باب مجلس النواب السلطة التشريعية ممثلة الشعب على مصراعيه لكل مواطن يجد في نفسه الكفاءة.
عزيزي المواطن… لكي تصبح عضواً في مجلس الشورى عليك انتظار قرار التعيين، فلا لجان، ولا أبواب مفتوحة يمكن قصدها ليقدم نفسه من يرى في نفسه الكفاءة لهذا المنصب الذي يلعب دوراً تشريعياً ويمثل الشعب تحت قبة «البرلمان».
عزيزي المواطن… لكي تصبح عضواً في مجلس الشورى فيجب أن تتوافر فيك شروط معينة، لا يمكن أن تتوافر في أي مواطن آخر وخصوصاً «المواطنة».
عزيزي المواطن… هل أنت ممن يشهد لهم بالكفاءة والمواقف الوطنية المشرفة؟ هل تعتقد في مكنون نفسك أنك مواطن يمكن أن يتم اختيارك لمجلس الشورى؟ هل تجد في نفسك كفاءة، ولك مواقف وطنية مشرفة؟ إن وجدت في نفسك تلك الشروط، فهذا لا يعني أنه بإمكانك أن تصبح عضواً في مجلس الشورى، إذ ليس شرطاً أن يجدها فيك من يختار أعضاء مجلس الشورى، فهناك فريق غير معروف وغير مكشوف النقاب عنه قد لا يجد فيك عزيزي المواطن أنك من الكفاءات ومن ذوي المواقف الوطنية المشرفة!
عزيزي المواطن… اشتراط الكفاءة والمواقف الوطنية المشرفة، شبيه بلجنة مقابلات البعثات، من يمتلك صلاحيتها محسوب على طيف معين، وقد يكون كذلك في اختيار أعضاء الشورى، وهم أقدر على معرفة ميول المواطنين وتوجهاتهم، وانتماءاتهم ومواقفهم السياسية، ومعرفة وطنيتهم، فقط عند سماع اسم المواطن ومنطقته، وذلك لسرعة بداهتهم.
عزيزي المواطن… لكي تعرف أنك ممن تتمتع بالكفاءة والمواقف الوطنية المشرفة، اطرح على نفسك ذات أسئلة مقابلات البعثات للطلبة، ومن خلالها يمكن قياس ذلك الشرط المهم والخطير.
عزيزي المواطن… هل حضرت سباقات الفورمولا- 1 مرة واحدة على الأقل طول الأعوام الماضية؟ وإذا كان جوابك «لا» الرجاء توضيح الأسباب، في ظل كون السباق عرساً وطنياً يجب المشاركة فيه؟
عزيزي المواطن… لو تم اختيارك عضواً في مجلس الشورى، ماذا ستقول عن البحرين خلال تمثيلك المجلس في السفرات والزيارات الخارجية؟
عزيزي المواطن… كم شخصاً عين من قبلك عضواً في مجلس الشورى من عائلتك؟ وألا تعتقد أنه من الضرورة أن تفتح المجال للعوائل الأخرى بالتمثيل في مجلس الشورى؟ وهل صوّتّ في الانتخابات النيابية والبلدية؟ وهل لك مواقف معادية؟ أو ميولات أجنبية وأجندات خارجية؟
عزيزي المواطن لا تستغرب شرط «المواقف الوطنية» فنحن في بلد يوجد به أفراد وجهات معينة، هي المخولة وحدها بتوزيع «صكوك» المواطنة، وإسقاطها عن الآخر، وهي وحدها يمكنها أن تعتبرك مواطناً شريفاً من ذوي الكفاءات، أو «خائناً» وعميلاً، ومن دون إثباتات.
لا أعتقد أبداً أن المعايير الجديدة أو ضوابط تعيين أعضاء مجلس الشورى هي تقدم للأمام، بقدر ما هي تقييد، وفتح الباب والمجال لإسقاط الكثيرين بحجة عدم انطباق شرط «الكفاءة والمواقف الوطنية المشرفة» عليهم، كما لا أعتقد أن السلطة ترى لأي صوت معارض لها إمكانية التعيين في مجلس الشورى، ولا أعتقد أن فئة كبيرة من الشعب ستكون في ميزان متساوٍ مع آخرين في مجلس الشورى حتى مع سياسة التعيين، وبالتالي فلن يكون هناك صوت معارض للسلطة في مجلس الشورى.
نعلم جميعاً أن سياسة التعيين في مجلس الشورى تبنى في السابق وفق هذا الشرط، ولكن دون تشريع، بل عبر عرف واضح، فكل المعينين معروفون بمواقفهم وتوجهاتهم، مع حتمية «ولائهم»، ولكن مع وجود التشريع فإن ذلك يفتح لنا باب السؤال ما هي معايير وضوابط معرفة كون هذا المواطن أو ذاك ممن يشهد لهم «بالكفاءة والمواقف الوطنية المشرفة»؟ ومن بيده توزيع صكوك الوطنية على المواطنين وإسقاطها عن الآخرين وبنصوص قانونية؟