سعيد محمد
كمواطن بحريني حالي حال كل مواطن يرفض خبث الطائفيين وفسادهم وعبثهم بالمجتمع، لم أستغرب تصريح وكيل وزارة العدل والشئون الإسلامية والأوقاف الشيخ فريد المفتاح. فمنذ سنين، وأتحدث كإعلامي وكاتب صحافي، عرفت الرجل منذ بدء عملي في الصحافة في العام 1988 وهو يحمل خطاباً مخلصاً تشعر من بين سطوره بأنه يريد أن يجعل المساحة الأكبر في الخطاب الديني هي للاعتدال والوسطية والمعاني الوطنية المخلصة البعيدة عن النفاق. لكن يبدو أن الطرف الآخر أقوى بكثير، وأقصد الطائفيين ومن لف لفهم.
لقد تحدث الشيخ المفتاح في تصريحه عن إجراءات سيقدمونها للحكومة، لوقف الخطب التي وصفها بـ «التكفيرية»، و«أصوات النشاز» التي تحرّض على «بغض طائفة من الناس وتكفيرها وسبّها»، وأن الوزارة، ستعمل مع وزارة الداخلية والنيابة العامة لاتخاذ الإجراءات القانونية حيال الخطباء الذين يردّدون عبارات الطائفية والإرهاب. وفي ظني، فإن مجموعة التكفير والإرهاب والطائفية العفنة تلك، يقرأون التصريح وهم يضحكون! فهم يعلمون أن مثل هذا الاتجاه لا يخيفهم طالما هناك من يدعمهم ويغذيهم ويدسّمهم ويقول لهم افعلوا ما تشاءون فأنتم أعلى من القانون.
نعم، نتفق مع الشيخ المفتاح في المقولة التي نكرّرها دائماً ونعتز بها، ونحن ندرك أنها ماتت واندثرت من قبيل «البحرين عاشت منذ القديم، وأعطت نموذجاً حضارياً في تعايش الجميع على اختلاف مذاهبهم ودياناتهم، وعاش الجميع مسالمين ومتعاونين، فأعطت نموذجاً حضارياً نحتذي ونفاخر به»، فالبرهان يغلب الوجدان دائماً. فإن يتعرض إنسان في الشارع لموقف من قبيل: «أنت (…) أم كلب؟»، أو من قبيل اتهام الناس بعدم طهارة المولد والافتراء عليهم بالزنى، فإن ذلك يوجب على الدولة أن تسأل نفسها: «من فعل ذلك ولماذا لم يقع تحت المساءلة؟». عودوا إلى تقرير بسيوني وستجدون الكثير إن أردتم.
من يراهن على أن أولئك التكفيريين لا يأبهون لمثل هذه التصريحات؟ من يراهن على أنهم سيواصلون من جهة، وسيطلبون تجديد دعم من يدعمهم من جهة أخرى لمواصلة المشوار؟ يا جماعة لسنا ضد القانون، ولكنا ضد قانون يتم تطبيقه (على ناس وناس). فأنا إرهابي إن دافعت عن نفسي، ومن يهاجمني ويريد قتلي فهو بريء. أنا طائفي إن صددت الهجمات على معتقداتي، ولكن من يهاجمني ويكفّرني ليل نهار تحت مرأى ومسمى الحكومة وفي أجهزتها الإعلامية، فهو بريء ومخلص لله وللوطن! اسمح لي أيها القارئ العزيز أن أنقل لك فقرات سابقة من مقالات كتبتها في الأيام الماضية تدور في ذلك الموضوع:
*«أرزاق مشايخ الطين»: لعل السؤال الذي يطرح نفسه بتلقائية هو: «إذا كان أولياء الأمر من حكام الأمة لا يرتضون إثارة الفتن والعصبيات المذهبية ويشمرون عن سواعدهم بغضب ليحذروا من يقع في ذلك المستنقع من علماء الطين؛ لماذا إذن نجدهم في كل البلدان الإسلامية يسرحون ويمرحون ويقربهم هذا السلطان وذاك الوالي وهذا الرئيس؟ أليس للحكومات هنا دور مشجّع؟.(«الوسط»، العدد 3851، الأحد 24 مارس 2013).
* «يسألونكم عن… الفتنة»: إي والله هي مصيبة، في العالم العربي والإسلامي، هناك «فتنة كبرى»، لكن، لا أحد يعلم من وراء تلك الفتنة! ومن يعلم يتظاهر بأنه لا يعلم، بل حتى رأس الفتنة يدّعي أنه ضد الفتنة! والأشد من ذلك، أن أقطاب أي فتنة وجمهورهم وعبيدهم وجلاوزتهم وشذاذ آفاقهم وعصاباتهم.. أيضاً، يحذّرون من الفتنة التي لعن الله من أيقظها !( السبت 7 سبتمبر 2013).
* «مشايخ «الطين» حين يبكون!»: عشرات اللحى والعيون الحمراء والوجنات المنتفخة والقبضات تتوالى على رؤوس المشاهدين المساكين، وخصوصاً أولئك الذين يصدقون، طبقاً لعقولهم الصغيرة، كل ما يصدر من ألسنة وعقول وبطون وصدور وآذان وجباه من اعتقدوا فيهم أنها أولياء الله الصالحين… حتى أن بعض المجتمعات الخليجية، شهدت في الآونة الأخيرة، وعبر وسائل التواصل الاجتماعي، حملات ضد مجموعة من كبار (مشايخ الطين) الذين يحلف برؤوسهم الملايين بعد أن اكتشفوا سوءات فتاواهم التحريضية والتخريفية والتجارية التي يضحكون بها على أبناء المجتمع الإسلامي.(السبت 20 يوليو 2013).
* «الانقسام الطائفي… الفرصة والتهديد!»: ولكن، كيف نظر المفكر فخرو إلى التقسيم واللعبة الصهيونية؟ وقبل أن أقدم ما طرحه، أود أن يتأمل القارئ الكريم ما قاله فخرو بشأن أن ظاهرة الانقسام الطائفي لا تهدّد المجتمعات من الناحية الاجتماعية والسياسية، ولكنه يهدد الإسلام نفسه! فالذين يعتقدون أن الدين الإسلامي يمكن أن يكون في منأى فهو مخطيء! ولذلك قال: «جربوا التركيز على بعض القراءات وكذلك تكلموا مع بعض الشباب الذين ملوا من هذا الدين الذين يخرج من محنة إلى محنة إلى محنة ولا يقف عند محنة معينة، وهو شبيه بما جرى في أوروبا عندما أصبح الناس ينفضون من حول الدين المسيحي – ليس من الناحية السياسية – ولكن من الناحية الروحية، وبقيت الكنائس خالية لسنين طويلة وإلى اليوم في بعض البلدان. لذلك، فإن الجانب الروحي والديني ينتهي عندما لا يعرف رجال الدين والمؤسسات الدينية كيف تتعامل مع مجتمعاتها إلى أن وصلت القضية إلى النحر كما نرى في سورية والعراق واليمن أو حتى ما نراه في مصر التي لم نكن نتصور أن يحدث فيها انقسام طائفي». انتهى الاقتباس.(13 يوليو 2013).