هاني الفردان
مر على حصار قرية مهزة 21 يوماً تقريباً، دون أن يكون هناك أي تصريح رسمي لجهة أمنية، تفسّر للرأي العام ما يحدث في تلك المنطقة، غير تصريحين فقط، الأول في 10 نوفمبر/ تشرين الثاني 2012 حيث أعلنت المتحدثة الرسمية باسم الحكومة عن قيام إحدى وحدات الحرس الوطني بالمحافظة الوسطى بتأمين وحماية بعض الممتلكات العامة والخاصة.
والتصريح الثاني لوزارة الداخلية التي أعلنت من خلاله في 20 نوفمبر 2012 عن إلقائها القبض على عدد من المتهمين بإشعال الحريق في مستودع للسيارات، تابع لوكالة هيونداي في منطقة سترة، والذي وقع فجر السابع من نوفمبر 2012.
ومنذ ذينك التصريحين الرسميين، فرض الصمت نفسه على ما يحدث في تلك المنطقة، رغم استمرار عمليات المداهمات الليلية من قبل مدنيين وملثمين مسلحين للمنازل، وقيامهم بالتكسير والتخريب، واعتقال البعض، ومن دون إبراز أي مذكرات تفتيش أو قبض.
المشهد ليس بغريب، فقد تكرّر من قبل كثيراً، في ظل الصمت الرسمي. والسؤال الذي يطرح نفسه، من الجهة المسئولة عما يحدث في تلك المنطقة، وأي جهة أمنية يمكنها أن تعلن بصراحة مسئوليتها عما يجري، وما يحدث؟
وزارة الداخلية بحسب ما بثته قناة «فرانس 24» عبر برنامجها «أصوات الشبكة»، قالت إنها في حال صدور بيان بهذا الخصوص سينشر على موقع الوزارة وعبر صفحة التواصل الاجتماعي لها في «تويتر».
في حادثة حصار العكر، أصدرت وزارة الداخلية الكثير من البيانات، وردت على الكثير من الاتهامات، وفسرت، وحللت، وبث تلفزيون البحرين مقاطع مصورة لدراجة نارية تابعة لـ «كنتاكي» تدخل منطقة العكر لتبرهن أن هذه المنطقة غير محاصرة، وأن كل ما يقال هو «افتراء»، ولكن بشأن ما يحدث حالياً في «مهزة» فالصمت هو سيد الموقف، ولا حديث عما يجري، أو تفسير.
انضمت البحرين للعهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية في 20 سبتمبر/ أيلول 2006 وتنص المادة (9) منه على أن «لكل فرد حق في الحرية وفي الأمان على شخصه، ولا يجوز توقيف أحد أو اعتقاله تعسفاً. ولا يجوز حرمان أحد من حريته إلا لأسباب ينصّ عليها القانون، وطبقاً للإجراء المقرر فيه».
وفيما يتعلق بحرمة المسكن، تنص المادة (17) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على أنه «لا يجوز تعريض أي شخص، على نحو تعسفي أو غير قانوني، لتدخل في خصوصياته أو شئون أسرته أو بيته أو مراسلاته، ولا لأي حملات غير قانونية تمس شرفه أو سمعته»، كما تنص المادة ذاتها على أنه «من حق كل شخص أن يحميه القانون من مثل هذا التدخل أو المساس».
للدستور البحريني كلمته أيضاً، فالمادة (25) أكدت بوضوح أن «للمساكن حرمة، فلا يجوز دخولها أو تفتيشها بغير إذن أهلها إلا استثناء في حالات الضرورة القصوى التي يعينها القانون، وبالكيفية المنصوص عليها فيه».
قانون العقوبات البحريني هو الآخر نصَّ بوضوح في المادة (207) على عقوبة الحبس لـ «كل موظف عام أو مكلف بخدمة عامة قام بتفتيش شخص أو مسكنه أو محله بغير رضاه أو في غير الأحوال ودون مراعاة الشروط التي ينص عليها القانون مع علمه بذلك».
وبعد هذا الاستعراض القانوني، نسأل من جديد: هل من جهة رسمية يمكنها أن تتحمل مسئولية ما يجري في منطقة المهزة، من انتهاكات حقيقية لكل الأعراف الإنسانية والقانونية؟
هل بإمكان وزارة الداخلية ورئيس الأمن العام أن يصدر بياناً توضيحياً لما يحدث، وخصوصاً أنهما الجهة المعنية بالأمن العام في البلاد، والمسئولة عن حماية المواطنين وتنفيذ القانون؟ وهل لنا الحق في أن نسأل بعد كل ذلك، أن ما حدث قبل تقرير «بسيوني» يعيد نفسه بعد التقرير ولكن بصورة مختلفة…؟
ما يحدث في مهزة، مخالف وبشكل صريح وواضح للالتزامات القانونية الدولية والوطنية المتعلقة بعمليات القبض والتوقيف، والمعاملة غير الآدمية.
من وجهة نظرنا أن الصمت الحالي بشأن ما يحدث في مهزة، هو ذاته الصمت السابق عندما ذكر تقرير تقصي الحقائق في البند (1173) أنه عندما سأل المحققون وزارة الداخلية عن دورها في عمليات القبض، أكدت «أنها كانت فقط تساعد جهاز الأمن الوطني، وأنه ليس ثمة عملية مشتركة تم تنفيذها، إلا أن إفادات الشهود التي وردت لمحققي اللجنة أشارت إلى أن وزارة الداخلية شاركت بالفعل في هذه المداهمات».
ذلك البند من تقرير تقصي الحقائق، يغنينا كثيراً عن الحديث، بشأن مسئولية الجهة المعنية عما يحدث حالياً في منطقة مهزة بسترة، وأسباب الصمت، في ظل تعدد الجهات، وخروجها عن نطاق المسئوليات.