هاني الفردان
من المتوقع أن تنطلق في الحادي والعشرين من أكتوبر/ تشرين الأول 2013 دورة أعمال مجلس إدارة منظمة العمل الدولية في دورته الـ 319. في هذه الدورة سيعاد من جديد طرح الشكوى المقدمة من 12 اتحاداً عمالياً ضد حكومة البحرين لانتهاكها اتفاقية التمييز (التوظيف والمهنة) للعام 1958 (رقم 111).
كما سيناقش في هذه الدورة أيضاً التقرير الذي ستقدمه مدير قسم معايير العمل الدولية كليوباترا تونبيا هنري عن نتائج زيارتها إلى البحرين مؤخراً، وذلك بناءً على قرار مجلس الإدارة في دورته الماضية (318) والذي نص على أن يؤجل البت في الشكوى المقدمة من 12 اتحاداً عمالياً ضد حكومة البحرين، على أن يتم إرسال مندوب من مكتب العمل للالتقاء بأطراف الإنتاج الثلاثة، في إطار متابعة استكمال تنفيذ الاتفاقية الثلاثية الموقعة من قبل وزارة العمل وغرفة تجارة وصناعة البحرين والاتحاد العام لنقابات عمال البحرين، والتوصل إلى معلومات نهائية وموحدة بشأن بعض القضايا العالقة، على أن يتم تقديم تقرير بذلك إلى مجلس الإدارة قبل نهاية شهر أكتوبر الجاري، وكانت أهم نتائج تلك الزيارة تراجع الحكومة البحرينية في اللحظات الأخيرة عن توقيع الاتفاقية الثلاثية.
يعتقد البعض وخصوصاً «المؤزمين» و «المورطين» للسلطة أنهم أفشلوا مخططاً معداً مسبقاً من قبل «خونة» للتدخل في شئون البحرين، يعتقد البعض أنهم استطاعوا فرض رؤيتهم في إجبار السلطة على التراجع عن التوقيع على الاتفاق الثلاثي المكمل للاتفاقية السابقة الموقعة في (11 مارس/ آذار 2012) بين أطراف الإنتاج الثلاثة، لغلق ملف المفصولين.
صحيح أن السلطة المرتبكة في الكثير من المشاهد السياسية وحالياً العمالية، رفضت «مؤقتاً» التوقيع على الاتفاقية الثلاثية، إلا أنها وقبل انعقاد مجلس إدارة منظمة العمل الدولية ستوقع عليها، من دون أي تغيير في بنودها، أو حتى الأطراف الموقعة عليها، أي أنه لن يتم إدخال «الاتحاد الحر» طرفاً فيها، وذلك لسبب بسيط وهو أن الحكومة لا تعتبره ممثلاً لعمال البحرين في الخارج، ولن تعترف به.
نعلم ويعلم الجميع أن سبب رفض الحكومة التوقيع على الاتفاق الثلاثي، هو ضغط الأطراف «المؤزمة» لرفضها أية صيغة من صيغ إيجاد حل نهائي لملف المفصولين.
السلطة بين خيارين لا ثالث لهما في اجتماعات منظمة العمل الدولية، إما التوقيع على الاتفاقية الثلاثية بصيغتها المتوافق عليها، قبل التراجع عنها، ومن دون أي تغيير فيها، أو الاستسلام لقبول منظمة العمل الشكوى العمالية المقدمة ضدها والتي تتهمها بـ «التمييز».
فرح البعض، ووصف عدم توقيع السلطة على الاتفاقية الثلاثية بـ «النصر المبين»، بل تبادلوا التهاني ورسائل الشكر، ناسين أو متناسين حقيقة «مرة» ستفجعهم بعد أقل من عشرة أيام، وهي أن الحكومة ستوقع على الاتفاق ومن دون أي شروط.
ما لا يتخيله البعض أن أكثر الأطراف سعادة حالياً بعدم توقيع السلطة على الاتفاقية الثلاثية وشعوره بنشوة النصر، ليست السلطة، ولا «الاتحاد الحر» ولا «المؤزمين» الداعمين له من كتاب ونواب وكيانات، بل هو الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين، الذي سجل نصراً دولياً «ساحقاً» على السلطة، وأوقعها في مأزق «الفضيحة» الدولية بالتراجع عن قرارها في اللحظات الأخيرة، وإخراجها أمام العالم على أنها سلطة «مرتبكة» غير قادرة على حسم مواقفها.
الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين، لم يخسر شيئاً من عدم تصديق الحكومة على الاتفاقية، بل ربح الدعم والتعاطف الدولي، وسيزيد من ذلك تقرير رئيس بعثة منظمة العمل الدولية للبحرين كليوباترا، بعد «فضيحة» دعوتها لحضور التوقيع على الاتفاقية، وتراجع السلطة في آخر لحظة.
السلطة بارتباكها وإرباكها، استعجلت الهزيمة في معركة جنيف العمالية المقبلة، وعجلت على ذلك بالموقف غير المهني والأخلاقي الذي تعاملت به مع بعثة منظمة العمل الدولية.
كل ما نتمناه ألا يخرج وزير العمل ليخفف من وطأة ما سيحدث في جنيف، حتى لا يصدم الشارع الموالي للسلطة بنتائج ما سيحدث، وحتى لا يكرر ما فعله زميله وزير شئون حقوق الإنسان عندما أوقع السلطة في مأزق جلسة مجلس حقوق الإنسان التي عقدت مؤخراً أيضاً في جنيف، والتي أكد قبل انعقادها أن البحرين ليست مدرجة على جدول أعمالها، حتى انصدمت الحكومة بخطاب المفوضة السامية لحقوق الإنسان التي رفضت لقاء صلاح علي، وبيان 47 دولة تدين جميعها انتهاكات حقوق الإنسان في البحرين.
في مارس/ آذار 2013 أيدت جميع دول الاتحاد الأوروبي، ودول كرواتيا، يوغسلافيا، ايسلاند، ألبانيا، النرويج، صربيا، سويسرا، وكندا، قبول منظمة العمل الدولية الشكوى ضد حكومة البحرين، وأيدت إرسال مبعوث خاص من مكتب المنظمة لإجراء محادثاته مع الأطراف الثلاثة (الحكومة، العمال، أصحاب الأعمال)، وذلك بعد تأجيل المنظمة وللمرة الثالثة، اتخاذ قرار بشأن قبول الشكوى من عدمه.
فيما طالبت 15 حكومة، وهي: قطر، الإمارات، لبنان، السودان، الجزائر، مصر، الهند، تايلند، فيتنام، سريلانكا، اليابان، الصين، إندونيسيا، وباكستان، وروسيا، بحذف الشكوى العمالية.
مجلس إدارة منظمة العمل الدولية في جلسته الأخيرة، أعطى أطراف الإنتاج في البحرين فرصة للتوافق، وبعد التوافق ودعوة منظمة العمل لرعاية توقيع الاتفاق، تراجعت السلطة عن ذلك.
كما سُجِل لوزير شئون حقوق الإنسان إنجاز رفع عدد الدول المنتقدة للسلطة في مجلس حقوق الإنسان إلى 47 دولة، قد يحقق وزير العمل أيضاً هذا الإنجاز في اجتماع منظمة العمل الدولية ليرفع عدد الدول المطالبة بقبول الشكوى العمالية ضد حكومة البحرين.