قاسم حسين
ألف سؤالٍ وسؤالٍ يطرحه الشارع البحريني عن تسلل ثلاثة نواب بحرينيين وقاضٍ بوزارة العدل، من منتسبي جمعية الأصالة السلفية، إلى الأراضي السورية لتقديم مساعداتٍ باسم شعب البحرين إلى أحد أطراف القتال في ذلك القطر العربي الشقيق المنكوب.
من الذي أوحى لهم أولاً بهذه الفكرة التي وثقوها في شريط فيديو بث على مواقع الإنترنت؟ وما دوافع هذه الرحلة «الجهادية» التي أحرجت الدولة وجعلت وزارة الخارجية تصدر بياناً الساعة الثالثة فجراً ينفي علمها بالواقعة؟ ومن الذي موّل هذه المجموعة؟ ومن الذي دفع لهم تذاكر السفر؟ هل من أموالهم الشخصية أم من ضمن التبرعات التي جُمعت لتمويل المعارضة المسلحة في سورية؟
وإذا كانت الخارجية لا تعلم بخروج المجموعة، فهل فات خروجهم على الوزارات الأخرى كالداخلية والعدل والشئون الإسلامية والأوقاف وحقوق الإنسان؟ وهل تسلّلوا من البلد خلسةً دون أن ينتبه لحركتهم أحدٌ من موظّفي المطار كما تسللوا إلى داخل سورية كما يقولون؟ أم خرجوا بأوراق ومستندات رسمية إلى جهة معروفة؟ خصوصاً أن معهم مبالغ نقدية كبيرة، ربما يحتاج حملها إلى عدة حقائب، والأوراق النقدية إذا كانت بالملايين تكون ثقيلة كما يقول العاملون بالبورصات.
ثم كيف تم إخراج هذه الملايين من المطار؟ وإذا فاتت أجهزة الرقابة في مطارنا الدولي فكيف فاتت على أجهزة الرقابة في المطار الذي استقبلهم؟ وهل كان هناك تنسيقٌ مسبقٌ لإدخالها بصورة رسمية أم كانت تهريباً بإحدى طرق تبييض الأموال؟
وماذا عن وزارة التنمية الاجتماعية التي كانت تحارب الصناديق الخيرية وتمنع وضع الحصالات في البرادات الصغيرة والبقالات حيث تُستخدم حصيلتها لمساعدة الفقراء بالداخل، بينما غضّت طرفها الأغر عن هذه الملايين المصدّرة للخارج خلافاً لحزمة قوانين «الجمعيات» و«التجمعات» و«الارهاب»؟ وهل جُمعت كلها من البسطاء من محبّي الخير ونصرة المستضعفين أم ساهم في ذلك أيضاً التجار والمتموّلون وأصحاب الملايين؟
ثم، ومن باب الشفافية مع الرأي العام، ما هو الحجم الحقيقي لهذه الأموال؟ وهل صحيحٌ أنها تبلغ 11 مليوناً؟ وهل أرسِلت بالدينار البحريني أم تم تحويلها بالدولار الأميركي أو باليورو الأوروبي أو الين الياباني للاستفادة من فارق العملة؟ وكم عدد من استفادوا من هذه الأموال؟ وهل كلهم من الحركات المسلحة «المحظورة» في سورية أم من ضحايا القتال من المدنيين الأبرياء الذين يدفعون ثمن عنف جيش النظام والجيش الحر؟
ثم ما هي قصة تجهيز ثلاثة مراكز طبية ميدانية؟ هل هناك أطباء متطوعون بحرينيون للعمل فيها وإجراء العمليات الجراحية تحت القصف كما حدث فعلاً في حرب غزة قبل سنوات؟ أم أنها مجرد فرقعة إعلامية لإثارة تصفيق الجمهور الطيب ورفع أسهمكم في سوق المزايدات الطائفية بعد انحسار وجودكم في البرلمان؟ وعلى ذكر غزّة، رحم الله غزة وأهل غزة، لماذا لم تفكّروا بجمع التبرعات وإرسالها إليها نقداً يداً بيد، لإغاثة أرامل فلسطين وأيتامها؟ ولماذا لم يخطر ببالكم تجهيزها بمراكز طبية ميدانية أيام حرب «الرصاص المصهور»؟ وكيف لم تفكّروا بتجهيز المجاهدين في فلسطين التي يحتلها اليهود منذ 64 عاماً؟
الخارجية نأت بنفسها عن رحلة التسلل إلى الأراضي السورية، التي أثارت ردود فعل داخلية وخارجية كثيرة. وفي ثاني رد فعل رسمي نفى مصدرٌ فضّل عدم ذكر اسمه، أن تكون التبرعات التي نقلتها الأصالة إلى «الجيش السوري الحر» بحاجةٍ إلى ترخيص من قبل وزارة العدل والشئون الإسلامية والأوقاف. وهو نفيٌ سيبرئ أربعة أشخاص وسيورّط الدولة والنظام!