قرأت لقاء رئيس جمعية الاصالة بإحدى الجرائد المحلية، وقد جاء فيه: "إن منهجنا يمنع وصول المرأة للبرلمان.. وتحالفنا مع "المنبر مستمر"، مؤكدا ان هذا المنهج يستند إلى فتوى شرعية، تقول: "أن التمثيل النيابي من الولايات الكبرى، ولا مجال للمرأة لتولي هذا المنصب".
والأغرب انه يقول: "ان الاصالة متمسكة بهذا المنهج مع تقديرها الكبير للمرأة".. فالتعبير في هذه الحالة مثل "الذي يذر الرماد في العيون.. ومثله مثل من يضع الملح على الجرح".. وإلا كيف أن الجمعية وفلسفتها لا تعترف بحق المرأة في دخول الانتخابات، لكنها تعرب عن تقديرها للمرأة في عبارات متتالية؟
ولا ادري الى أي مدى، يكشف هذا التوجه الخطير في المجتمع البحريني عن بث فكرة عدم كفاءة المرأة في العمل السياسي والتشريعي، ويكشف أيضا عن الترويج لنظرة دونية للمرأة، تحكم توجهات جمعية الاصالة أو غيرها من الذين يسيرون في هذا الركب المتوشح برداء إسلامي.
وسؤالي هو: ألم يخطر على بال "رئيس الجمعية" وهو يدلي بهذا التصريح أنه قد تجاوز ما جاء به الدستور البحريني.. فالدستور ومعه الميثاق يعترفان ويقران بالمرأة كمواطن، وكإنسان له حق الانتخاب والترشيح؟ فكيف يمكن لجمعية تدخل العمل السياسي من اجل تقدم ونهضة المواطن البحريني أن تستثني من ذلك المرأة المواطنة؟ أليس هذا عجيبا بل غريبا على مجتمعنا؟
وفي المقال ذاته لم يوضح رئيس جمعية الاصالة ما هي الولايات الكبرى التي يحرمها الدين الإسلامي الحنيف على المرأة؟ واذا كان التشريع والقضاء على سبيل المثال هما ضمن الولايات الكبرى، فإن بلدنا والحمد لله فيه النائبة الشورية والبرلمانية والقاضية ووكيلة النيابة والوزيرة والسفيرة والمحامية، موكل لهن البت في قضايا تخص الأمة.. فهل هؤلاء ضمن قائمة الممنوعين من الترشح لعضوية البرلمان؟
أما بخصوص أن نواب الكتلة يحملون الشهادات العالية.. فنقول هنيئا لكم وللجمعية، والشهادات العليا بقدر أنها مفخرة للفرد، فهي مفخرة للوطن.. ولكن العلم ما لم يقرن بالثقافة التنويرية، والعقل المنفتح، ومن لم يتمسك بنظرة مساواة الرجل بالمرأة، واحترام حقوقها كإنسانة وأخت وزوجة وأم ومواطنة وموظفة وعاملة، تظل هذه الشهادات العليا مصدر تخبط لحاملها، ونقمة على المجتمع.
وباختصار فإن ما ذكره رئيس جمعية الاصالة يميط اللثام عن حقيقة الفكر والتوجهات، وهي مبادرة جريئة في البوح بها من دون تردد، وليفهم الناخبون حقيقة ممثليهم التي تتماشى مع أطروحات حبس الصحفي في البحرين، وجلد الصحفية في السودان مع يقيننا ان الوقت مازال باكرا في حسم أحقية وأهلية الوجوه التي تنوي ترشيح نفسها لمجلس النواب المقبل.