مريم الشروقي
حضَرَ السيدشريف بسيوني بمعيّة فريقه وبطلب من جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ليترأس اللجنة البحرينية لتقصّي الحقائق في يونيو/ حزيران 2011، وكان من مهام لجنته التقصي والتحقيق حول الأحداث التي جرت في الوطن، والنتائج المترتّبة على تلك الأحداث.
البروفيسور بسيوني هو أحد أبرز فُقهاء القانون الجنائي الدولي وقانون حقوق الإنسان الدولي والقانون الإنساني الدولي. وهو حاصل على ليسانس الحقوق من جامعة القاهرة، ودكتوراه في فقه القانون من جامعة إنديانا، وماجستير في القانون من كلية جون مارشال، ودكتوراه في علوم القانون من جامعة جورج واشنطن، وعلى رغم عظمة الماجستير والدكتوراه، وأهمّية وخطورة التحقيق الذي قدّمه للبحرين، إلاّ أنّنا إلى الآن لا نجد تنفيذاً لأهم توصياته على أرض الواقع!
وعلى الصعيد الشخصي، فلقد قمتُ بالشكوى لدى بسيوني حول إضاعة وزارة التربية والتعليم «حوافزي» أكثر من مرّة، ولا أعلم إن كانت الوزارة قد شخصنت الكتابة الصحافية بالعمل لديها، أم أنّ هناك أجندات لا نعلمها وتعلمها الوزارة من أجل إضاعة الأوراق! إلاّ أنني إلى الآن لم أحصل على حقّي!
والحقيقة أنّ الحافز المادي – وليس المعنوي – الذي سنحصل عليه من الوزارة ليس مهماً، فهو عبارة عن مجموعة من الدنانير ستُصرف في إحدى البرّادات، ولكننا فتحناه لأنّ هذا مثال بسيط جداً على عدم جدّية الحكومة في الأخذ بتوصيات بسيوني، ولأننا لم نجد من يتابع أو يتّصل أو يتواصل مع الشكاوى المقدّمة.
ليس هذا فقط، فهاهي السنة تقترب من الذكرى السنوية لتوصيات جنيف التي بلغت 176 توصية، ولم نجد من ينفّذها أو حتّى يتحقّق منها على الجانب الرسمي، الأمر الذي يجعل المواطن محبطاً، لا يريد العمل ولا ينتظر إلاّ فرج الله، فمن الواضح أنّ فرج البشر ليس بقريب كما نراه على أرض الواقع!
أمّا المفاجأة الكبرى فهي إلغاء زيارة مقرّر الأمم المتحدة الخاص بالتعذيب وغيره من سوء المعاملة أو العقوبة القاسية أو غير الإنسانية أو المهينة جوان منديز، ولا نعلم الأسباب حتى الآن، وحتى الحكومة كانت غامضة في تصريحها بهذا الشأن، وكلّ الذي سمعناه أسباب واهية ضعيفة، أوّلها عدم الإضرار بفرص نجاح الحوار! تأجيل الزيارة مدعاة إلى التساؤلات، فلو كانت الحكومة لا تخفي شيئاً عن التعذيب فإنّ تواجد منديز سيساعد في دفع الحوار ولن يضر بفرص نجاحه، ولكن إن كان هناك ما تخفيه، فإنّ الحوار أساساً ضعيف وسيعجّل وجود هذا الرجل في إيقافه.
أمورٌ كثيرة ليست مُبهمة ولسنا نتغافل عنها، أمور كثيرة غير صحيحة وتحتاج إلى من يرسم خريطتها، فالجميع يستغرب عدم دخول مقرر الأمم المتّحدة، والجميع يستغرب من تصرّفات وتخبّط بعض الوزراء، فما يقوله هذا الوزير مناقض لما يقوله وزير آخر بتصريح آخر، وقد عشنا فترة طويلة مع وزراء آخرين ولم نجد هذه التناقضات لديهم كالتي نشهدها اليوم!
توقّعنا بأنّ ترد لجنة بسيوني الحقوق إلى أصحابها، ولكنّنا لم نجد حقّاً ولا باطلاً. وتوقّعنا بأنّ توصيات جنيف سيُؤخذ بها، ولكنّها إلى الآن في الأدراج يتناثر عليها الغبار. وتوقّعنا تواجد مقرّر التعذيب حتى نُثبت للعالم خلو سجوننا من معتقلي الرأي ومن التعذيب وإساءة المعاملة، ولكن حتى في هذا الموضوع فشلنا، ماذا وجب على الحكومة أن تعمل الآن أمام هذا كلّه، وهي تعلم بأنّ شعبها راشد وواعٍ وناضج وينتظر؟ وإلى متى هذا الانتظار؟ إذ إنّ الإصلاح مازال هو المحرّك الرئيسي للحوار!
منذ توصيات بسيوني إلى اليوم، كم مفصول أَخذ حقّه؟ وكم صحافي سُلب حقّه؟ وكم سجين رأي موجود داخل السجون؟ وكم فئة تضرّرت؟ وكم فئة غُرّر بها؟ وكم طائفة تمّ اللعب بمشاعرها؟ أسئلة لو أجبناها لما تمادى المغرضون ولا المتمصلحون ولا السبّابون ولا الشتّامون، ولاستطعنا حل مشكلتنا وأزمتنا من دون حوار!
تذكير لتجمّع الفاتح: ما هي الـ80 % من المطالب التي اتّفقتم عليها مع المعارضة؟!
تذكير لسعادة النوّاب: هل تمّ تحويل ملفات الفساد إلى النيابة العامة كما طالبتم بذلك؟ أم إلى الآن لم تجتمع اللجنة لتحويل الملفات!
تذكير للمحامين الشرفاء: أين ذهبت الأموال «أموال النفط» (على قولة المعاودة)؟