كان المطلب الجماهيري عبر كل العقود الماضية ولا يزال لاستحداث محكمة دستورية عليا واحداً من اهم ان لم يكن الاهم في حلقات العبور الى التأسيس للاصلاح السياسي الحقيقي الذي يقتضيه تطور البلاد والتأسيس للحياة الديمقراطية المنشوده واللائقة بالمستوى الجماهيري والثقافي للمجتمع الاردني؛ كثمرة من ثمار نضاله الدؤوب لبلوغ المرحلة التي تطمح اليها جماهير شعبنا.
ولقد جاء مشروع قانون المحكمة الدستورية العليا الذي احالته حكومة الخصاونة نهاية شباط المنصرم الى مجلس النواب قاصراً عن تلبية تلك الطموحات بل انه ربما يشكل محاولة متعمدة لاجهاض او احتواء الاجماع الوطني الهادف الى الارتقاء والتقدم حيث الحكومة لا تزال محكومة على ما يبدو بموروث عقليات الشد الدائم الى الوراء لانها جاءت نتيجة عملية ولادة مبتسرة محكومة بمناخات واجواء تلك العقليات وبذلك لم تستطع حتى الآن الا ان تبقى خاضعة واسيرة لعناصر ومفرزات العقود الماضية فجاءت بمشروعها الجديد بعيداً عن اي مشاركة حقيقية من قبل الاحزاب السياسية وكل القوى الشعبية الفاعلة باتجاه التطور والتطوير؛
وهذا الوضع الشاذ يكفي لدفعنا ومعنا كل القوى والحراكات السياسية الى نقد هذا المشروع ورفضه بالصيغة التي جاء فيها والمطالبة باعادة النظر فيه ليكون مستوعباً لتجارب الشعوب والامم التي سبقتنا في مجال القضاء الدستوري عربياً واقليمياً ودولياً حتى لا نكون نشازاً في ذلك المجال فيشار الينا بالمجتمع الدولي بالتخلف عن اللحاق بركب حضارات العالم المتقدم.
وفي سبيل ذلك نبدي على المشروع الملاحظات التالية:-
1.للتعبير عن اهمية واساسية تسمية المحكمة العتيدة نرى وجوب الرقي بتلك التسمية الى المستوى الذي يجب ان توضع فيه بين التشريعات الاساسية للدولة اسوة بما هو جارٍ في الدول المتقدمة ليكون اسم المحكمة [ المحكمة الدستورية العليا ] ما يقتضي التعديل ابتداءً في ديباجة القانون ومادته الاولى.
2. جاء في المادة 3 (أ) النص على انه:-
[ تنشأ في المملكة محكمة دستورية تعتبر هيئة قضائية مستقلة قائمة بذاتها … ]
– نفهم المقصود من عبارة [ تعتبر هيئة قضائية مستقلة … ] لكن من غير المفهوم اضافة عبارة [ قائمة بذاتها … ]
– فهل هذه العبارة الغامضة بعض من سوء الصياغة ام انها مقصودة لتخفي وراءها اغراضاً اخرى….؟ مع الاخذ بعين الاعتبار انه لا يمكن لمؤسسة قضائية بمثل هذا المستوى الرفيع ان تكون قائمة بذاتها مقطوعة الجذور وبعيدة عن كامل كيان ومؤسسات الدولة التي يجب ان تكون واحدة من مرتكزات تطورها.
3. جاء في المادة (4) النص على اختصاصات المحكمة حيث اعطيت في الفقرة (أ) حق:-
[ الرقابة على دستورية القوانين والانظمة النافذة ]
وهذا النص ضيق الابعاد بحيث لا يتسع للرقابة على الكثير من التشريعات والتعليمات والقوانين المؤقتة دفعاً لاي التباس او سوء تفسير لان تجارب شعبنا مع سوء النوايا هي تجارب مريرة، مما يقتضي تعديل نص الفقرة المبحوث عنها لتصبح:
[ الرقابة على دستورية القوانين والقوانين المؤقتة والانظمة والتعليمات والتشريعات بكافة انواعها ومسمياتها ]
4. جاء في المادة 5 (أ) النص على ما يلي:-
[ يتم تعيين الرئيس والاعضاء بارادة ملكية…]
وهذا النص يتعارض من جهة مع مبدأ فصل السلطات مثلما يتعارض مع مبدأ استقلال القضاء الذي جعل تسمية اعضاء المحاكم العليا يتم بطريق الانتقاء او الاختيار الشعبي المباشر او عبر تنسيبات من قبل المجالس الشعبية او النيابية المنتخبة وذلك حماية لاستقلال القضاة وابعادهم عن اي مؤثرات او اغراءات.
5. وجاء في المادة 6 (3) نص غامض في شروط من يعين عضواً في المحكمة يقيد جهة التعيين بالقول:-
[ – ممن خدموا قضاة في محكمتي التمييز والعدل العليا ]
– وهذا الغموض يتيح المجال لاختيار اعضاء المحكمة الدستورية العليا من بين القضاة العاملين فعلياً في المحكمتين المشار اليهما مما قد يثير الشبهات حول نوايا الجهات صاحبة الحق في التعيين بانتقاء البعض ممن اثبتوا انهم قادرون على تلبية تلك النوايا لذلك يقتضي ايضاح النص ليصبح كالتالي:-
[ – ممن سبق ان تقاعدوا من الخدمة كقضاة في محكمتي التمييز والعدل العليا ]
– كما يجب ان يوضح النص في مطلع الفقرة (أ) من المادة 6 المبحوث عنها بنداً ينص بعد البند (2) من هذه الفقرة بالقول:-
[ ان يكون ممن يشهد لم بالعلم والنزاهة والفكر الحر والحياد ]
– وفي الفقرة (ب) من المادة 6 ذاتها من المشروع جاء نص غريب يثير الكثير من التساؤلات والشبهات في مقاصد واضع المشروع حول:-
[ وجوب ان يكون احد اعضاء المحكمة من المختصين الذين تنطبق عليهم شروط العضوية في مجلس الاعيان … ]والتساؤلات التي تثور هنا المشروعة حول ان واضع مشروع القانون انما يحاول:-
أولاً: تفصيل موقع على مقاس اشخاص مقصودين مسبقاً.
أو ثانياً: انه يريد زج بعض اصحاب فتاوى السلطان لعبور ذلك البرزخ لغايات في النفوس.
او ثالثاً: ربما دفع ذلك (المفتي السلطاني) الى موقع رئاسة المحكمة خدمة لاغراض السلطان وتنفيذ رغاباته.
والا فلماذا هذا العبور الذي ليس له موضوع في سياق اختيار قضاة المحكمة…؟!؟
6. جاء في المادة 7 من المشروع اشتراط القسم المعهود ان [ يقسم العضو امام الملك قبل مباشرته العمل … ان اكون مخلصاً للملك… وان احافظ على الدستور… ] واذا كان هذا القسم ينطبق على وظائف ومراكز اخرى فإن ذلك لا ينسجم مع موقع قاضي المحكمة الدستورية العليا الذي يقتضي ان يكون اخلاصه [أولاً للوطن ثم ان يكون ثانياً مخلصاً لرسالة العدل والحياد ونصوص الدستور]
7. قصرت المادة 9 من المشروع وعلى سبيل الحصر حق الطعن مباشرة لدى المحكمة الدستوري بـ:-
1. مجلس الاعيان.
2. مجلس النواب.
3. مجلس الوزراء.
وهذا الحصر غير مقبول ولا معقول لما يلي:-
أولاً: ان اعضاء مجلس الاعيان هم معينون من السلطة التنفيذية من جهة وهم طرف من اطراف المؤسسة التشريعية من جهة اخرى.
ثانياً: ان مجلس النواب هو احد اركان سلطة التشريع التي تصوغ او تناقش وتقر التشريعات في الدولة.
ثالثاً: ان مجلس الوزراء هو السلطة التنفيذية وتشكل ركناً آخر في سلطة التشريع باقتراحه للقوانين والانظمة.
وبذلك فإن حصر حق الطعن في دستورية القوانين بتلك السلطات الثلاث صاحبة المصلحة المباشرة يدخل في باب محاولة [ السعي من نقض ما تم من جهتهم …!! ] وهو امر صعب الادراك او الحصول فيما ان هناك جهات اخرى صاحبة المصلحة الحقيقية في الطعن بدستورية نصوص القوانين التي تصدر عن تلك المؤسسات الثلاث وقد جرى استبعادها وهي الاحزاب السياسية التي تمثل الطرف الآخر في المعادلة وهي منظمات شعبية صاحبة الحق الرقابي الاول على ما يصدر من قوانين ونصوص قبل مؤسسات التشريع الثلاثة.
وبالتالي فإن استبعاد الاحزاب السياسية من حق الطعن بدستورية النصوص التشريعية تشكل تجاوزاً على ابسط مباديء الرقابة الشعبية وعودة الى عقلية المجلس العالي لتفسير الدستور بما يؤدي الى تكريس [ فيك الخصام وانت الخصم والحكم … ]
8. ثم بعد ذلك مواد المشروع الاخرى التي تضمنت تشويشاً واختلاطاً غير معقول في المفاهيم والحقوق التي اعطيت لرئيس ديوان التشريع – وهو واحد من اقطاب المؤسسات الثلاث السالفة الذكر – اعطته دوراً للدفاع عن وجهات نظرها بخصوص اي طلب تفسير يرد الى المحكمة الدستورية.
v ثم عدم التطرق لعلنية الاجراءات وحق المرافعة وتقديم الادلة والمناقشة والاحتجاج القانوني لتكوين القناعات امام المحكمة.
v كذلك القصور بعدم التطرق الى مرجعية المحكمة وموقعها من هيكلية الدولة طالما انها مستقلة وقائمة بذاتها عن كافة السلطات الاخرى.
v والى جانب ذلك اشتراطات حول قانونية انعقاد ونصاب المحكمة والاغلبية المطلوبة (المادة 20) من المشروع بما لا يتفق مع مفهوم الاكثرية المعروف قضائياً ولا ينسجم مع المفاهيم القضائية المتعارف عليها عالمياً.
9. وجاءت المادة 29 وما بعدها للنص على استحداث وظيفة امين عام المحكمة واعطاءه سلطات وصلاحيات واسعة دون ان يتم تحديد الكفاءات التي يجب توافرها فيه فيما اعطى التشريع صلاحية تعيينه وانهاء خدماته الى مجلس الوزراء وبالتالي يكون احد ادوات مجلس الوزراء الرئيسيين في هيكلية المحكمة الامر الذي يتنافى مع النص الوارد في المادة (3) من المشروع بخصوص ان المحكمة الدستورية [ مستقلة وقائمة بذاتها … ] وذلك يخلق تداخلاً غير مقبول بين تلك الاستقلالية وبين اعطاء مجلس الوزراء صلاحية التدخل في تعيين امين عام المحكمة وارتباط هذا الامين ودوره الادراي الاساسي والمباشرة في عمل المحكمة.
v ان الحكومة التي اوكلت الى اجهزتها البيروقراطية امر وضع مشروع قانون المحكمة الدستورية بمنأى عن اي مشاركة من الجهات الحزبية والشعبية المعنية باستحداث المحكمة وناضلت طويلاً من اجل استحداثها… ان هذه الحكومة يكون قد جابنها الصواب في تلك العملية الاكثر اهمية في مطلب تحقيق الاصلاح السياسي وترسيخ الديمقراطية، الامر الذي يقتضي من كافة الاطراف مزيداً من الجهد لاسقاط ذلك المشروع واعتماد الاسس التشريعية والمشاركة الشعبية للخروج بمشروع قانون اكثر استيعاباً وتلبية للارادة الوطنية.
القياد العليا
عمان 7/3/2012
ملاحظاتنا على مشروع قانون المحكمة الدستورية العليا
كان المطلب الجماهيري عبر كل العقود الماضية ولا يزال لاستحداث محكمة دستورية عليا واحداً من اهم ان لم يكن الاهم في حلقات العبور الى التأسيس للاصلاح السياسي الحقيقي الذي يقتضيه تطور البلاد والتأسيس للحياة الديمقراطية المنشوده واللائقة بالمستوى الجماهيري والثقافي للمجتمع الاردني؛ كثمرة من ثمار نضاله الدؤوب لبلوغ المرحلة التي تطمح اليها جماهير شعبنا.
ولقد جاء مشروع قانون المحكمة الدستورية العليا الذي احالته حكومة الخصاونة نهاية شباط المنصرم الى مجلس النواب قاصراً عن تلبية تلك الطموحات بل انه ربما يشكل محاولة متعمدة لاجهاض او احتواء الاجماع الوطني الهادف الى الارتقاء والتقدم حيث الحكومة لا تزال محكومة على ما يبدو بموروث عقليات الشد الدائم الى الوراء لانها جاءت نتيجة عملية ولادة مبتسرة محكومة بمناخات واجواء تلك العقليات وبذلك لم تستطع حتى الآن الا ان تبقى خاضعة واسيرة لعناصر ومفرزات العقود الماضية فجاءت بمشروعها الجديد بعيداً عن اي مشاركة حقيقية من قبل الاحزاب السياسية وكل القوى الشعبية الفاعلة باتجاه التطور والتطوير؛
وهذا الوضع الشاذ يكفي لدفعنا ومعنا كل القوى والحراكات السياسية الى نقد هذا المشروع ورفضه بالصيغة التي جاء فيها والمطالبة باعادة النظر فيه ليكون مستوعباً لتجارب الشعوب والامم التي سبقتنا في مجال القضاء الدستوري عربياً واقليمياً ودولياً حتى لا نكون نشازاً في ذلك المجال فيشار الينا بالمجتمع الدولي بالتخلف عن اللحاق بركب حضارات العالم المتقدم.
وفي سبيل ذلك نبدي على المشروع الملاحظات التالية:-
1. للتعبير عن اهمية واساسية تسمية المحكمة العتيدة نرى وجوب الرقي بتلك التسمية الى المستوى الذي يجب ان توضع فيه بين التشريعات الاساسية للدولة اسوة بما هو جارٍ في الدول المتقدمة ليكون اسم المحكمة [ المحكمة الدستورية العليا ] ما يقتضي التعديل ابتداءً في ديباجة القانون ومادته الاولى.
2. جاء في المادة 3 (أ) النص على انه:-
[ تنشأ في المملكة محكمة دستورية تعتبر هيئة قضائية مستقلة قائمة بذاتها … ]– نفهم المقصود من عبارة [ تعتبر هيئة قضائية مستقلة … ] لكن من غير المفهوم اضافة عبارة [ قائمة بذاتها … ]– فهل هذه العبارة الغامضة بعض من سوء الصياغة ام انها مقصودة لتخفي وراءها اغراضاً اخرى….؟ مع الاخذ بعين الاعتبار انه لا يمكن لمؤسسة قضائية بمثل هذا المستوى الرفيع ان تكون قائمة بذاتها مقطوعة الجذور وبعيدة عن كامل كيان ومؤسسات الدولة التي يجب ان تكون واحدة من مرتكزات تطورها.
3. جاء في المادة (4) النص على اختصاصات المحكمة حيث اعطيت في الفقرة (أ) حق:-
[ الرقابة على دستورية القوانين والانظمة النافذة ]وهذا النص ضيق الابعاد بحيث لا يتسع للرقابة على الكثير من التشريعات والتعليمات والقوانين المؤقتة دفعاً لاي التباس او سوء تفسير لان تجارب شعبنا مع سوء النوايا هي تجارب مريرة، مما يقتضي تعديل نص الفقرة المبحوث عنها لتصبح:
[ الرقابة على دستورية القوانين والقوانين المؤقتة والانظمة والتعليمات والتشريعات بكافة انواعها ومسمياتها ]
4.جاء في المادة 5 (أ) النص على ما يلي:-
[ يتم تعيين الرئيس والاعضاء بارادة ملكية…]وهذا النص يتعارض من جهة مع مبدأ فصل السلطات مثلما يتعارض مع مبدأ استقلال القضاء الذي جعل تسمية اعضاء المحاكم العليا يتم بطريق الانتقاء او الاختيار الشعبي المباشر او عبر تنسيبات من قبل المجالس الشعبية او النيابية المنتخبة وذلك حماية لاستقلال القضاة وابعادهم عن اي مؤثرات او اغراءات.
5.وجاء في المادة 6 (3) نص غامض في شروط من يعين عضواً في المحكمة يقيد جهة التعيين بالقول:-
[ – ممن خدموا قضاة في محكمتي التمييز والعدل العليا ]– وهذا الغموض يتيح المجال لاختيار اعضاء المحكمة الدستورية العليا من بين القضاة العاملين فعلياً في المحكمتين المشار اليهما مما قد يثير الشبهات حول نوايا الجهات صاحبة الحق في التعيين بانتقاء البعض ممن اثبتوا انهم قادرون على تلبية تلك النوايا لذلك يقتضي ايضاح النص ليصبح كالتالي:-
[ – ممن سبق ان تقاعدوا من الخدمة كقضاة في محكمتي التمييز والعدل العليا ]– كما يجب ان يوضح النص في مطلع الفقرة (أ) من المادة 6 المبحوث عنها بنداً ينص بعد البند (2) من هذه الفقرة بالقول:-
[ ان يكون ممن يشهد لم بالعلم والنزاهة والفكر الحر والحياد ]– وفي الفقرة (ب) من المادة 6 ذاتها من المشروع جاء نص غريب يثير الكثير من التساؤلات والشبهات في مقاصد واضع المشروع حول:-
[ وجوب ان يكون احد اعضاء المحكمة من المختصين الذين تنطبق عليهم شروط العضوية في مجلس الاعيان … ]
والتساؤلات التي تثور هنا المشروعة حول ان واضع مشروع القانون انما يحاول:-
أولاً: تفصيل موقع على مقاس اشخاص مقصودين مسبقاً.
أو ثانياً: انه يريد زج بعض اصحاب فتاوى السلطان لعبور ذلك البرزخ لغايات في النفوس.
او ثالثاً: ربما دفع ذلك (المفتي السلطاني) الى موقع رئاسة المحكمة خدمة لاغراض السلطان وتنفيذ رغاباته.
والا فلماذا هذا العبور الذي ليس له موضوع في سياق اختيار قضاة المحكمة…؟!؟
6. جاء في المادة 7 من المشروع اشتراط القسم المعهود ان [ يقسم العضو امام الملك قبل مباشرته العمل … ان اكون مخلصاً للملك… وان احافظ على الدستور… ] واذا كان هذا القسم ينطبق على وظائف ومراكز اخرى فإن ذلك لا ينسجم مع موقع قاضي المحكمة الدستورية العليا الذي يقتضي ان يكون اخلاصه [أولاً للوطن ثم ان يكون ثانياً مخلصاً لرسالة العدل والحياد ونصوص الدستور]
7. قصرت المادة 9 من المشروع وعلى سبيل الحصر حق الطعن مباشرة لدى المحكمة الدستوري بـ:
1. مجلس الاعيان.
2. مجلس النواب.
3. مجلس الوزراء.
وهذا الحصر غير مقبول ولا معقول لما يلي:-
أولاً: ان اعضاء مجلس الاعيان هم معينون من السلطة التنفيذية من جهة وهم طرف من اطراف المؤسسة التشريعية من جهة اخرى.
ثانياً: ان مجلس النواب هو احد اركان سلطة التشريع التي تصوغ او تناقش وتقر التشريعات في الدولة.
ثالثاً: ان مجلس الوزراء هو السلطة التنفيذية وتشكل ركناً آخر في سلطة التشريع باقتراحه للقوانين والانظمة.
وبذلك فإن حصر حق الطعن في دستورية القوانين بتلك السلطات الثلاث صاحبة المصلحة المباشرة يدخل في باب محاولة [ السعي من نقض ما تم من جهتهم …!! ] وهو امر صعب الادراك او الحصول فيما ان هناك جهات اخرى صاحبة المصلحة الحقيقية في الطعن بدستورية نصوص القوانين التي تصدر عن تلك المؤسسات الثلاث وقد جرى استبعادها وهي الاحزاب السياسية التي تمثل الطرف الآخر في المعادلة وهي منظمات شعبية صاحبة الحق الرقابي الاول على ما يصدر من قوانين ونصوص قبل مؤسسات التشريع الثلاثة.
وبالتالي فإن استبعاد الاحزاب السياسية من حق الطعن بدستورية النصوص التشريعية تشكل تجاوزاً على ابسط مباديء الرقابة الشعبية وعودة الى عقلية المجلس العالي لتفسير الدستور بما يؤدي الى تكريس [ فيك الخصام وانت الخصم والحكم … ]
8. ثم بعد ذلك مواد المشروع الاخرى التي تضمنت تشويشاً واختلاطاً غير معقول في المفاهيم والحقوق التي اعطيت لرئيس ديوان التشريع – وهو واحد من اقطاب المؤسسات الثلاث السالفة الذكر – اعطته دوراً للدفاع عن وجهات نظرها بخصوص اي طلب تفسير يرد الى المحكمة الدستورية.
v ثم عدم التطرق لعلنية الاجراءات وحق المرافعة وتقديم الادلة والمناقشة والاحتجاج القانوني لتكوين القناعات امام المحكمة.
v كذلك القصور بعدم التطرق الى مرجعية المحكمة وموقعها من هيكلية الدولة طالما انها مستقلة وقائمة بذاتها عن كافة السلطات الاخرى.
v والى جانب ذلك اشتراطات حول قانونية انعقاد ونصاب المحكمة والاغلبية المطلوبة (المادة 20) من المشروع بما لا يتفق مع مفهوم الاكثرية المعروف قضائياً ولا ينسجم مع المفاهيم القضائية المتعارف عليها عالمياً.
9. وجاءت المادة 29 وما بعدها للنص على استحداث وظيفة امين عام المحكمة واعطاءه سلطات وصلاحيات واسعة دون ان يتم تحديد الكفاءات التي يجب توافرها فيه فيما اعطى التشريع صلاحية تعيينه وانهاء خدماته الى مجلس الوزراء وبالتالي يكون احد ادوات مجلس الوزراء الرئيسيين في هيكلية المحكمة الامر الذي يتنافى مع النص الوارد في المادة (3) من المشروع بخصوص ان المحكمة الدستورية [ مستقلة وقائمة بذاتها … ] وذلك يخلق تداخلاً غير مقبول بين تلك الاستقلالية وبين اعطاء مجلس الوزراء صلاحية التدخل في تعيين امين عام المحكمة وارتباط هذا الامين ودوره الادراي الاساسي والمباشرة في عمل المحكمة.
v ان الحكومة التي اوكلت الى اجهزتها البيروقراطية امر وضع مشروع قانون المحكمة الدستورية بمنأى عن اي مشاركة من الجهات الحزبية والشعبية المعنية باستحداث المحكمة وناضلت طويلاً من اجل استحداثها… ان هذه الحكومة يكون قد جابنها الصواب في تلك العملية الاكثر اهمية في مطلب تحقيق الاصلاح السياسي وترسيخ الديمقراطية، الامر الذي يقتضي من كافة الاطراف مزيداً من الجهد لاسقاط ذلك المشروع واعتماد الاسس التشريعية والمشاركة الشعبية للخروج بمشروع قانون اكثر استيعاباً وتلبية للارادة الوطنية.
القياد العليا
حزب البعث العربي الاشتراكي الاردني
عمان 7/3/2012