جميل المحاري
يصف أحد المحللين تقرير ديوان الرقابة المالية كالكنز الذي ينزل من السماء على النواب، بحيث يمكنهم فقط الاستعانة بهذا التقرير لبيان أوجه القصور والفساد المالي والإداري في السلطة التنفيذية، ولكن للأسف فإن هذا الكنز، يقع في أيدي من لا يحسن التصرف به، فيكفي أن نقول بأن مجلس النواب لم يناقش حتى الآن تقرير ديوان الرقابة المالية للعام 2011، وبالطبع فإنه لن يتمكن من مناقشة التقرير الأخير حيث لم يتبق من عمر المجلس الحالي سوى أشهر قليلة.
التقارير التي يصدرها الديوان في كل سنة تفيض بقضايا فساد وهدر مالي يمكن أن تطيح بالكثير من المسئولين في أية دولة لديها آلية جادة للمحاسبة، ولكن كما يقال دائماً أن لدينا في البحرين فساداً ولكن ليس من المعروف من هم المفسدون!
وفي كل تقرير أيضاً تكون هناك قضية بعينها محل التندر من قبل المواطنين، ليس لكبر حجم الفساد الحاصل أو لحجم المبالغ المالية، ولكن لطرافتها، ففي التقرير السابق كانت قضية الموظف في جامعة «بوليتكنيك البحرين» والذي كان يحصل على مرتب شهري يفوق الـ 1600 دينار لقيامه بمهمة صيانة خمس دراجات هوائية، ومن المتوقع أن تكون قضية قيام وزارة الصحة ببيع دم المتبرعين على المستشفيات الخاصة دون سند قانوني، وشراء «شئون الجمارك» 26 كلباً بأكثر من 500 ألف دينار، واستخدام رئيس غرفة فضّ المنازعات للبطاقة الائتمانية الخاصة بالغرفة لأغراضه الشخصية، من المفارقات التي سيتندر بها المواطنون في هذه الفترة.
في القضية الأولى يشير التقرير إلى قيام وزارة الصحة ببيع الدم المتبرع به من خلال بنك الدم إلى المستشفيات الخاصة دون وجود سند قانوني معتمد يحدّد احتساب رسوم بيع الدم أو الضوابط والمعايير التي تنظم عملية البيع، إذ بلغت مبيعات الدم في الفترة من يناير وحتى أغسطس 2012 مبلغ 68 ألف و469 دينار.
أما ما يخص شئون الجمارك فقد ذكر التقرير أن الجمارك قامت بالتعاقد مع شركتين لتوريد 26 كلباً من المملكة المتحدة بمبلغ إجمالي وقدره 531 ألف و331 دينار، وتضمن العقد قيام الشركتين بتدريب الكلاب وتدريب الموظفين على التعامل مع تلك الكلاب!
في القضية الثالثة كشف التقرير أن الرئيس التنفيذي لغرفة البحرين لتسوية المنازعات قام باستخدام بطاقة الائتمان الخاصة بالغرفة لأغراض شخصية، وقام بدفع فواتير مشتريات ليس لها علاقة بالغرفة، حيث أن المبلغ المودع بالبطاقة 2000 دينار، بينما الرئيس استخدمها في مشتريات بقيمة 3495 دينار دون أن تقوم الغرفة باسترجاع تلك المبالغ منه!