مريم الشروقي
مثل شعبي سمعناه كثيراً عندما نمشي مع الموج المحيط بنا، فنطلق على إحداهن «مع الخيل يا شقرة»، أي تلك التي تشرب عندما يشرب الناس، وتأكل عندما يأكل الناس، وتنام عندما ينام الناس، ولهذا المثل قصّة عجيبة عن تلك الفرس «شقرة»، التي كانت تتبع الخيل في كل تحرّكاتها، ولم تكن لها تلك الشخصية المستقلّة، بل كانت تابعة أي «امّعة»!
لدينا الكثير من هذا النوع في مجتمعنا هذه الأيام، فعندما يتّهم الناس بعض فئات المجتمع بالخيانة، فالشقرة تتبعهم وتتّهم الناس بالخيانة، وعندما يتّهم البعض الآخر فئات أخرى بقلب نظام الحكم، فانّ رأيها محصور بما يريده الآخر، وعندما يُبرّأ البعض، فانّنا نجد حصحصة الحق، أخيرا.
لا نريد لأمثال هؤلاء التبّع أن ينخرطوا في السياسة، فهم مثل الأنعام بل أشد، لأنّ المجتمع يعتمد على العقلاء في تقدير المواقف، ولا يعتمد على من ليس لديه إرادة أو رأي أو حلم في التغيير.
لقد قيل ان المجتمع البحريني ضلل أثناء الأحداث المؤسفة التي مرّت بنا، فمن هو يا تُرى ضلّل الرأي العام؟ وهل تضليله يصب في صالح المجتمع أم يؤدّي إلى انهياره؟ وما تلك الأقاويل بأنّ اللعبة انكشفت وأنه لابد من الابتعاد عن قصّة تأويل الطائفية، والالتفات إلى مسيرة الاصلاح؟
كلّها تساؤلات تصب في المجتمع البحريني بعد نيل بعض الأطبّاء براءتهم، ونيل البعض الآخر البراءة في قصص الاستحواذ على مجمع السلمانية الطبي، والمؤامرة الخبيثة لإسقاط نظام الحكم!
ما يعنينا اليوم الابتعاد عن حصحصة الحق، والانتباه إلى المنزلق الموجود في البحرين، فالكلمات سهلة في الرصّ، ولكن تلك من تلك تجد لها المعاني والمفاهيم، وتلك من تلك من تصدق مع نفسها وتصدق مع الناس.
نريد تلك العقول النيّرة التي تصلح شأننا، ونطمح في الحصول على أكبر قدر ممكن من البحوث الاستراتيجية عن مشكلتنا وأزمتنا هذه بالذات، فالعلم هو الذي يرفع قدر البحرين، وهو الذي من خلاله سنفهم ما حدث وسندرّسه منهجاً في كتبنا، لكي لا نعود إلى زمن ذلك الصفر الذي بدأنا منه.
انّ وطننا البحرين يحتاج إلى المخلصين ولا يحتاج إلى المنافقين المتمصلحين، فزمن الدينار ولّى، لأنّ الدنانير ستقدم عندما تقدم الاصلاحات، وهي ليست ببعيدة إن كنّا نعشق هذه الأرض الطيّبة، وما دمنا نؤمن بالتنوّع الجميل الموجود داخل أرضنا، فإنّنا لن نُضلّل مرّة أخرى.
كنّا ومازلنا مع وطننا الأم البحرين، وكنا ومازلنا كذلك مع هذا الشعب العظيم، المعروف بتسامحه، ومهما غُرِّر بنا، فإن الحق لابد أن يظهر ليرى النور مرّة أخرى، فادعو لهذا الوطن بالخير والاصلاح، وليس عيباً عندما تنقشع الضلالة، ليبصر بها البحريني النور. ونأسف عن كل مَن ضُلّل في يومٍ من الأيام من قبل هؤلاء المتمصلحين، والحمد لله الذي فكّ السحر قبل أن ينقلب السحر علينا وليس على الساحر! ولسنا مع الخيل يا «شقرة»! وجمعة مباركة.