بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
مع البعثيين.. تداعيات ما قبل الإنتخابات
الرفيق محمد ضياء الدين الناطق بإسم حزب البعث- قطر السودان
حوار مع صحيفة الوفاق السودانية
الحلقة الثانية
· دعوتنا ليست عنصرية.. ووجودنا في مناطق (الزرقة) اكثر من مناطق (العروبة)
· نحن الحزب السوداني الوحيد الذي لم يلتق في اي حوار مع المؤتمر الوطني
· التقارب الامريكي السوداني لضرب الاسلاميين قبل البعثيين!!
· ليس صحيحاً ان هناك دوراً أمريكياً لاسقاط البشير.
اجري المقابلة هاشم عبد الفتاح
رغم الخلافات التاريخية والتباينات الفكرية والايدلوجية بين البعثيين والاسلاميين في السودان الا ان الموقف الاخير الذي اتخذه حزب البعث العربي الاشتراكي في السودان برفضه للدعوة الامريكية التي وجهت للحزب ضمن احزاب اخري لمناقشة بعض القضايا المتعلقة بترتيبات الانتخابات التي تجري عملية التحضير لها الان في شكل صراع سياسي محموم علي مستوي كافة المكونات السياسية والحزبية في الساحه السودانية ولكن قيادة الحزب هنا في السودان كان لها رأياً آخر وواضح هو رفض هذه الدعوة من حيث المبدأ والتشكيك في مقاصدها وابعادها بل اعتبرها الحزب تدخلاً سافرا في الشأن السوداني لا يحق لغيرالسودانيين التدخل فيه وقد وجدت هذه الخطوة قبولاً واستحساناً كبيراً من بعض القوي السياسية خاصة الاسلاميين في المؤتمرالوطني والتي رحبت بهذه الخطوة من البعث واعتبرتها موقفاً وطنياً اصيلاً عبر عن حقيقة الاجندة الوطنية التي يتمسك بها حزب البعث العربي الاشتراكي.
هذه القضية واسقاطاتها علي الواقع السياسي والحزبي في السودان دفعتنا للبحث في حقيقة وتفاصيل هذا الموقف وهوية الذين يقفون من خلفه وكان سبيلنا في ذلك الاستاذ محمد ضياء الدين الناطق الرسمي باسم حزب البعث العربي الاشتراكي في قطر السودان فطرحنا امامه العديد من التساؤلات التي كان محورها قضية رفض الدعوة الامريكية المقدمة لحزب البعث للمشاركة في اجتماع دعت اليه السفارة الامريكية بالخرطوم لمشاركة القوي السياسية الحزبية المتأهبة للنزال الانتخابي منتصف ابريل القادم.
استاذ محمد ضياء الدين ذكرتم في الحلقة الماضية انكم تواجهون ضغوطا داخلية هل تعتقد أن هذه الضغوط نتاج لحملة دولية يواجهها حزب البعث العربي الاشتراكي علي ضوء تداعيات انهيار بغداد؟نحن لا نشك في ذلك ابداً لان محاولة اجتثاث البعث واحتلال العراق وعلاقة النظام في السودان بالادارة الامريكية الي جانب التنسيق والتعاون الامني بين المخابرات السودانية والسي اي ايه كل ذلك من شأنه ان يضع العديد من علامات الاستفهام حول موقف النظام في محاصرة البعثيين بالسودان.
ماهو شكل هذا الحصار بنظرك؟
افيدك في هذا الموضوع انه صدر قرار رئاسي باعادة ممتلكات حزب البعث الا انه حتي الان هناك مماطلة كبيرة جدا من قبل الجهات المعنيه لوضع هذا القرار موضع التنفيذ واقول ان الحكومة نفسها لم تكن معترفة بان هناك ممتلكات تمت مصادرتها الا بعد صدور قرار اعادة هذه الممتلكات وللعلم ان القرار صدر باعادة الممتلكات لاصحابها ولم يذكر حزب البعث العربي الاشتراكي.
وهل قمتم بمتابعة عملية انفاذ هذا القرار؟
لدينا لجنة قانونية لمتابعة هذه الاجراءات مع الجهات المختصة والجهات الأمنية ونأمل الا نصل الي مستوي الصراع القانوني لان هذه القضية في المقام الاول قضية سياسية وصودرت بقرار سياسي وليس قانوني ونأمل اعادة ممتلكات حزبنا في نفس الاطار السياسي الذي بموجبه تمت المصادرة.
استاذ ضياء هل التقارب السوداني الامريكي هدفه الاساسي ضرب البعثيين في السودان؟اعتقد ان هذا التقارب لضرب الاسلاميين قبل البعثيين وكلنا يعلم تبعات ذلك علي مستوي التواجد الاسلامي الدولي في السودان قبل طرد (بن لادن) من السودان ولاحقاً انعكس هذا الواقع علي حزب البعث العربي الاشتراكي وعلي مناضليه.{ وماهي ابراز ملامح هذا الاثر للتقارب بين الحكومة السودانية والادارة الامريكية وتأثيره عليكم بشكل مباشر؟بالتأكيد هذا التقارب انعكس علينا بشكل مباشر من خلال حملات الاعتقال الواسعة التي طالت قيادات البعث وفصل العديد من كوادر الحزب في الخدمة المدنية كما تم فصل المئات من الخدمة العسكرية بتهمة الانتماء لحزب البعث العربي الاشتراكي وكانت ايضا الاعتقالات تتم لبعض المواطنين بتهمة الانتماء للبعث ولذلك هناك خصومة واضحة مع البعثيين رغم ان موقفنا السياسي يميز ما بين خصومتنا للنظام والموقف الوطني وهذا في كثير من الاحيان دفع القوي السياسية لاتهام حزب البعث بالتقارب مع الحكومة ولدينا موقف معلوم في قضية المحكمة الجنائية الدولية حيث رفضنا مبدأ محاكمة اي سوداني في الخارج وقلنا ان هذه المحكمة تمثل اختراقا حقيقيا للساحة السياسية وقلنا ايضا ان اي شخص ارتكب جرم بحق الشعب السوداني يجب ان يحاكم في السودان ونعتقد ان هذا موقف وطني ليس فيه مهادنة مع الحكومة.
هل تعتقدون ان الحكومة لديها مخاوف من حزب البعث اكثر من غيره من الاحزاب وهل تشعرون بان الحكومة الحالية تضع اعتبارا خاصا لحزبكم؟
هناك حقيقة يجب ان يعلمها الجميع ان الصراع بين حزب البعث وبين الجبهة الاسلامية القومية قبل تكوين المؤتمر الوطني هو في الحقيقة صراع ممتد منذ نهاية التسعينات داخل المؤسسة العسكرية وهو صراع واضح واصبح محتدما في فترة ما بعد انتفاضة ابريل 1985م ولعلمك ان السيد عمر حسن احمد البشير هو نفسه كان احد المستهدفين لضمه الي صفوف البعثيين بعد ان طرحت عليه هذه الفكرة ولذلك هذه احدى القضايا التي جعلت الصراع مكشوفا بين الاسلاميين والبعثيين وكنا وقتها نعلم تنظيم الاسلاميين داخل القوات المسلحة وكان الاسلاميين ايضا يعلمون تنظيم البعثيين داخل القوات المسلحة.. وهذا الصراع تكشفت ابعاده بعد حركة 28 رمضان 1990م حيث تمت تصفية (28) ضابط بتهمة الانتماء الي حزب البعث العربي الاشتراكي وهذا يعني ان الجبهة الاسلامية قامت بتصفية حساباتها مع البعثيين داخل المؤسسة العسكرية ولذلك انقلاب 1989م كان واضحا بالنسبة لنا رغم ان العديد من القوي السياسية كانت تشكك في هوية هذا الانقلاب وحتي الان تداعيات هذا الصراع لازالت قائمة في نفوس الاسلاميين والبعثيين.
هناك من يعتقد ان موقفكم ضد الادارة الامريكية هو في الاساس خدم المؤتمر الوطني اكثر من حزب البعث؟ وهل فعلا هناك دور امريكي لاسقاط البشير؟
انا لا اتفق مع الاعتقاد الذي يقول ان هناك دورا امريكيا لاسقاط عمر البشير. فالادارة الامريكية من مصلحتها الابقاء علي هذا النظام وممارسة الضغط عليه لقبول كل اشتراطات الادارة الامريكية ولذلك فان استمرار النظام حتي الآن هو مربوط بما قدمته امريكا اليه من دعم ومساندة وفي نظري ان الحكومة السودانية قامت بكل ماهو مطلوب للادارة الامريكية. صحيح حاول المؤتمر الوطني استغلال موقفنا من دعوة السفارة الامريكية ومحاولات حزب البعث لكشف العلاقة بين القوي السياسية والادارة الامريكية ولهذا القوي السياسية لم تنكر هذه العلاقة كما ان المؤتمر الوطني نفسه لم ينكر علاقته مع امريكا ولذلك فان ما اتخذه حزب البعث من خطوة هو موقف وحيد اتخذناه بكل وضوح وشجاعة ولا يهمنا من يستغل هذا الموقف او يعبر عنه. ولكننا ننفي بشدة ان ما اتخذناه من موقف بغرض او لدعم موقف المؤتمر الوطني في مواجهة التنظيمات الاخري.
الي اي مدى تعرض حزبكم الي محاولات للتقسيم وشق صفوفه؟
كل القوي السياسية تعرضت الي هذه المحاولات بما فيها المؤتمر الوطني نفسه ولكن هذه المحاولات حدثت بنسبه متفاوته واعتقد ان اهم الاسباب التي ادت لانشقاقات في الاحزاب هي عملية التضييق الامني مما جعلها تمارس حياتها الداخلية بقدر من السيطرة لمراكزها علي الاداء السياسي والجماهيري نتيجة للتضييق الامني الذي استهدف هذه الاحزاب بالاضافه الي ذلك هناك متغيرات دولية حدثت في العقدين الاخيرين ادت الي تغيير العديد من المفاهيم السائدة خلال المراحل السابقة مما جعل العديد من القيادات تغادرة هذه الاحزاب والحقيقة ان كل الانشقاقات التي حدثت داخل هذه الاحزاب تمت رعايتها بواسطة المؤتمر الوطني.
اذن المؤتمر الوطني استفاد من هذه الانشقاقات؟
بالتأكيد ولكن ارادة الله جعلت من صلب المؤتمر الوطني ان يخرج المؤتمر الشعبي ولذلك الانقسامات التي شهدها المؤتمر الوطني بالولايات تؤكد ان المؤتمرالوطني نفسه قائم علي اساس (هش) في بنيته التنظيمية والعقائدية وكثير جدا من القيادات التي صعدت في السلم التنظيمي هي قيادات انتهازية والتجربة الانتخابية التي يجري الترتيب لها الان هي خير شاهد علي ذلك.
المؤتمر الوطني تبني في السنوات الاخيرة نهج الحوار مع كل فصائل واحزاب القوي السياسية هل حظي حزبكم باي حوار مع المؤتمر الوطني؟
نحن الحزب الوحيد الذي لم يلتق بالمؤتمر الوطني بشكل مباشر منذ العام 1989م وذلك لان موقفنا واضح من المؤتمر الوطني وكذلك موقف المؤتمر الوطني من حزبنا واضح
اليس لديكم تقارب مع المؤتمر الشعبي؟
المؤتمر الشعبي جزء من تحالف القوي السياسية ومن مؤتمر جوبا ولذلك نلتقي مع مكونات هذا التحالف في اطار برنامج حد ادنى معلن عنه للتشاور مع كل القوي السياسية.
انا أقصد علي المستوي الثنائي بينكم والمؤتمر الشعبي؟هناك تنسيق مع كل القوي السياسية علي المستوي الثنائي والجماعي.
ماهو شكل هذا التنسيق؟
هو في اطار برنامج الحد الادني المتفق عليه في مؤتمر جوبا.
البعض يتهم حزبكم بانه عنصري يعلي من شأن العروبة في بلد تغلب عليه السحنات الزنجية والافريقية؟
حزبنا هذا موجود في كل السودان في دارفور وجنوب كردفان رغم ان البعض يعتقد ان العروبة غير مسموح بها في هذه المناطق ولذلك فان وجودنا في ما يسمي بقبائل الزرقة اكثر من القبائل العربية فاذن دعوتنا ليست عنصرية ونحن لا نشعر بأن حزبنا معزول ولكن لدينا تأثير في الواقع الاجتماعي المكوِّن للنسيج السوداني والذي يجب أن نعتز به كسودانيين.
ماهي توقعاتك لمخرجات العملية الانتخابية؟
في اعتقادي ان الاختراقات الكبيرة التي احدثها المؤتمر الوطني في السجل الانتخابي ان تأتي الانتخابات بنتائج تقطع الطريق امام كل القوي التي تراهن علي تحول سلمي ديمقراطي يأتي من رحم الانتخابات لذلك اكاد اجزم بأن الانتخابات سوف تدفع المؤتمر الوطني لتولي مسؤولية ادارة الدولة في المرحلة المقبلة وسيكون المؤتمر الوطني اكثر حرصا لوجود قوى اقليمية ودولية لمراقبة عمليتي الاقتراع والفرز لتأكيد مصداقية النتائج واقول ان هذه الانتخابات ستترك تأثيراً كبيراً علي تداعيات الواقع في السودان وهذا من شأنه ان يدفع بعض الاخوة في جنوب السودان الي اعلان الانفصال واتوقع ايضاً ان هذه الانتخابات سوف تفجر الاحتقان السياسي والقبلي ونأمل الا تؤدي الانتخابات الي ما وصلت اليه بعض الدول الاقليمية من انفلات امني يؤدي الي القضاء علي الاخضر واليابس.
شبكة البصرة
الجمعة 26 ربيع الاول 1431 / 12 آذار 2010