طالب علماء دين ومهتمون في الحفاظ على التاريخ والتراث، منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، بضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية المساجد والمقامات التاريخية في البحرين، وخصوصاً تلك التي يعود تاريخها إلى مئات السنوات، مثل (مسجد ومقام الصحابي صعصعة بن صوحان، مسجد ومقام الشيخ إبراهيم، مسجد أمير محمد البربغي، ومسجد الفيلسوف الشيخ ميثم البحراني)».
فمن جانبه أكد عالم الدين سيدمجيد المشعل: «أن هذه الأماكن لها تاريخ طويل وعريض، ولا تعد ملكاً للبحرين فقط، وإنما للعالم، ولابد من تسجيل في قائمة التراث العالمي» مذكراً «أن بعض الأماكن التاريخية تتعرض للتخريب والسرقة بصورة مستمرة، والتي كان آخرها تخريب وسرقة محتويات مسجد ومقام الصحابي صعصعة بن صوحان في قرية عسكر».
ودعا المشعل «الحكومة إلى حماية المساجد والمقامات التاريخية، وجعلها أماكن آمنة يمكن زيارتها، لا أماكن تتعرض للتخريب بين فترة وأخرى، بل وليس من الممكن زيارة عدداً منها»، معرباً عن أسفه بالقول: «ونحن نقترب من الذكرى الأولى لهدم وتخريب المساجد في البحرين، نرى أن الأمور تتكرر ويُعاد تخريب المساجد، وخصوصاً التاريخية».
وبيّن المشعل أنه «عندما نجد إمعاناً في ترك هذه الأماكن مهجورة وفي معرض الزوال والخراب».
وطالب المشعل «إدارة الأوقاف الجعفرية بأن تقوم بدورها بمتابعة الموضوع، وإعادة بناء جميع المساجد، وأن تتحمل الحكومة كامل المسئولية تجاه هذه الممارسات، ولابد أن يكون لها موقف مسئول لوقف هذه التصرفات».
وأضاف «نكرر مطالبتنا الأكيدة على ضرورة بناء المساجد المهدمة جميعها، وتوفير الأمن والضمانة الكافية لعدم تكرار أعمال التعرض لهذه المساجد».
وفي تعليقه على ما تعرض له مسجد ومقام الصحابي صعصعة بن صوحان، من تخريب وتكسير وسرقة يوم السبت الماضي، قال المشعل: «نحن نندد ونشجب هذا العمل بحق ضريح لأحد الصحابة المعروفين في تاريخ الإسلام، والتعرض له بهذه الصورة، ومنع الناس من زيارته والصلاة فيه، فهو عمل شنيع، خصوصاً في بلد مسلم، لا يُتصور هذا العمل فضلاً عن القبول به».
وذكر بأنهم «سنبقى على استمرار متواصل مع إدارة الأوقاف الجعفرية، لتضع حداً لعمليات التخريب التي تتعرض لها دور العبادة والمساجد والمقامات التاريخية، وأن تكون أماكن آمنة، لا أماكن تتعرض للاعتداء والسرقة».
ووصف المشعل هذه الأعمال بأنها «بعيدة عن أصولنا كمسلمين، ونستغرب هذه التصرفات، وكذلك سكوت السلطة السياسية على هذه التصرفات».
وأضاف «تأتي مطالبة «اليونسكو» بحماية المساجد والمقامات التاريخية التي يفوق عمرها مئات السنين، بعد أن تعرض مسجد الصحابي الجليل صعصعة بن صوحان إلى السرقة والتخريب على أيدي مجهولين، في الوقت الذي مازال مسجد الشيخ إبراهيم في قرية عسكر مهجوراً، رغم أنه من أقدم المساجد في البحرين».
إلى ذلك، رأى المؤرخ البحريني سالم النويدري أن «من الأهمية بمكان المحافظة على الأماكن التاريخية، والتي تعود إلى مئات السنين السابقة»، معتبراً أن هذه الأماكن «ليست ملكاً للبحرين فقط، وإنما للعالم الإسلامي والإنساني بشكل عام».
وقال لـ «الوسط»: «نأمل أن يكون ما تعرض له مسجد ومقام الصحابي الجليل صعصعة بن صوحان، تصرفات فردية، وتُحتوى بالطريقة المناسبة».
وأورد النويدري في كتابه «أعلام الثقافة الإسلامية في البحرين خلال 14 قرناً»، معلومات عن الصحابي صعصعة بن صوحان، وأشار في الكتاب إلى أن «مولده في دارين قرب القطين سنة 24 قبل الهجرة (598 ميلادية)، وفي قرية عسكر جنوبي جزيرة المنامة في البحرين، يقع ضريح صعصعة ومسجده، وقال (النبهاني)، إنه كانت على ضريحه قبة ثم هدمت ولم تعمر، وهذا الضريح مشهور لدى أهل البحرين».
من جانبه، قال الباحث التاريخي جاسم آل عباس، إن الصحابي الجليل صعصعة بن صوحان، والشيخ إبراهيم الأشتر، والفيليسوف الشيخ ميثم البحراني (المتوفى 1299 ميلادية) وأمير محمد البربغي، كل هذه الشخصيات لديها تاريخ طويل وعريق منذ مئات السنين، مشيراً إلى أنه «مازال بعض الباحثين يحللون خطب الصحابي صعصعة بن صوحان، الذي تعرض مقامه ومسجد إلى التخريب يوم السبت الماضي (17 مارس/ آذار 2012)».
وأوضح أن «هذه الشخصيات عظيمة، ومسجد ومقام الصحابي صعصعة بن صوحان، ليس مختصاً بطائفة معينة، فهو موجود منذ أكثر من 1300 عاماً».
وأكد أن «الحكومة مطالبة بأن تسعى لتسجيل هذه المقامات في اليونسكو، لأن هذا مفخرة للبحرين. ونحن لا نتحدث عن جسد الصحابي صعصعة، وإنما القيمة التاريخية لهذا الصحابي والمكان المدفون فيه».
وتحدث آل عباس عن مقام الشيخ إبراهيم، الواقع في جزيرة الشيخ بالقرب من قرية عسكر، وهو أحد فقهاء وعلماء عسكر، وهو أحد الشخصيات العلمية التاريخية، ولديه كتاب اسمه (جوامع الجامع) مؤرخ قبل قرون طويلة»، لافتاً إلى أن «قرية عسكر كان يسكنها الكثير من العلماء سابقاً».
وأفاد بأن «كنا نرى أن من يزور هذه المناطق من طوائف مختلفة، من داخل البحرين وخارجها، ولم يمكن أحد التجرؤ على هذه المقامات، إلا أنه الآن اختلطت الأمور السياسية بالدينية، وتم التعرض لمثل هذه الأماكن التي لها تاريخ وعمق تاريخي طويل».
ورأى أن «بالنسبة للمعايير التي تتخذها اليونسكو لتسجيل الأماكن الأثرية، أتصور أن مسجد صعصعة مستوفٍ لكل الشروط المطلوبة، وأيضاً مساجد ومقامات الشيخ إبراهيم والشيخ ميثم البحراني وأمير محمد البربغي».
وشدد آل عباس على ضرورة أن «تهتم الدولة بشكل رسمي بهذه الأماكن وعدم إهمالها، وإفساح المجال لتخريبها وتكسيرها وسرقة محتوياتها. والأجيال المقبلة صعب أن تبني نفسها دون النظر إلى هذا التراث التاريخي».
الوسط – العدد 3482 – الثلثاء 20 مارس 2012م الموافق 27 ربيع الثاني 1433هـ .