2012 العام الأكثر دموية للصحافيين في العالم
قالت منظمة مراسلون بلا حدود، إنها رصدت 18 اعتقالاً واستنطاقاً و36 حالة اعتداء على صحافيين في البحرين خلال العام 2012، وذلك ضمن تقريرها الذي رصد حصيلة العام 2012، فيما أشارت المنظمة في مقدمة تقريرها إلى أن «العام 2012 يعتبر العام الأكثر دموية للصحافيين على مستوى العالم، وذلك منذ صدور أول تقرير سنوي للمنظمة في العام 1995» حيث قتل خلال هذا العام (2012) 88 صحافيّاً.
وأوضحت المنظمة أن «العام 2012 تميّز بدمويته، من خلال ارتفاع عدد الصحافيين المقتولين بنسبة 33 في المئة مقارنة مع المقتولين في العام 2011»، لافتة إلى أن «منطقة الشرق الوسط وشمال إفريقيا تعتبران الأكثر تضرراً بـ 26 قتيلاً، مع آسيا بـ 24 قتيلاً أيضاً، ثم منطقة الساحل الإفريقي بـ 21 قتيلاً، وقد شهدت القارة الأميركية وحدها انخفاضاً – نسبيّاً – في عدد الصحافيين الذين قتلوا أثناء تأدية مهامهم (15 قتيلاً)».
وبينت «لم تبلغ الحصيلة إلى هذه الدرجة المروعة منذ العام 1995. فقد بلغ في السنوات الأخيرة عدد الصحافيين المقتولين 67 في العام 2011، و58 في العام 2010، و75 في العام 2009، وقد شهد هذا الرقم ارتفاعاً تاريخيّاً في العام 2007، حيث قتل 87 عاملاً في مجال الإعلام، أي بصحافي واحد أقل من حصيلة العام الجاري».
وذكرت أن «الصحافيين الـ 88 الذين قتلوا في العام 2012 لأسباب مرتبطة بنشاطهم ضحايا تغطية النزاعات أو اعتداءات، أو اغتيلوا من طرف مجموعات مرتبطة بالجريمة المنظمة (المافيا، تجارة المخدرات، إلخ)، أو ميليشيات إسلامية أو بأوامر من مسئولين فاسدين».
من جهته؛ قال الأمين العام للمنظمة كريستوف دولوار: «إن هذا الارتفاع التاريخي لعدد الصحافيين القتلى خلال العام 2012 مرده أساساً النزاع القائم في سورية، والفوضى المنتشرة في الصومال، وكذا العنف الذي تمارسه حركة طالبان في باكستان»، منوهاً إلى أن «الإفلات من العقاب الذي يستفيد منه مرتبكو أعمال العنف يشجع استمرار الانتهاكات التي تطول حقوق الإنسان، وخصوصاً حرية الإعلام».
وأفادت المنظمة في تقريرها أن «الاعتداءات تطول العاملين في حقل الإعلام بصورة واسعة، فبالإضافة إلى الصحافيين الـ 88 الذين قتلوا، تم استهداف المواطنين الصحافيين والمواطنين الالكترونيين بقوة، حيث قتل منهم 47 في العام 2012 مقابل 5 في العام 2011، وسقط العدد الأكبر منهم في سورية»، مشيرة إلى أن «هؤلاء الرجال والنساء يتولون مهام المراسلين والمصورين لتوثيق حياتهم اليومية وأعمال القمع. ولولا العمل الذي يؤدونه لتمكن النظام السوري من فرض تعتيم إعلامي كامل على بعض المناطق ولا ستمر في البطش في سرية تامة».
وعن البلدان الأكثر فتكاً بالصحافيين؛ أشار التقرير إلى أنها: سورية والصومال وباكستان والمكسيك والبرازيل، مشيراً إلى أن سورية هي «مقبرة الإعلاميين»، إذ قتل في العام 2012 ما لا يقل عن 17 صحافيّاً، و44 مواطناً صحافيّاً، و4 متعاونين في مجال الإعلام.
وتابع التقرير؛ تسلط القمع الوحشي الذي يديره بشار الأسد على الإعلاميين، وبالموازاة، وقع صحافيون ضحية جماعات مسلحة معارضة للنظام، صارت تتضايق أكثر من الانتقادات ولا تتردد في تصنيف محترفي الإعلام الذين يعارضون أطروحاتهم ضمن خانة العملاء».
وبين ان «استقطاب العمل الإعلامي، والدعاية ومحاولات التلاعب، والعنف الشديد الذي يتعرض له الصحافيون والمواطنون الصحافيون، والصعوبات الفنية المعترضة، كل هذا يجعل من نشاط جمع ونشر المعلومات في هذا البلد مهمة تتطلب إخلاصاً وتكريساً».
وذكرت المنظمة أن «أكبر 5 سجون للصحافيين في العالم؛ هي: تركيا والصين وإريتريا وإيران وسورية، وبلغ عدد الصحافيين المسجونيين في العالم بسبب نشاطهم الصحافي 193 صحافيّاً يضاف إليهم 130 مواطناً إلكترونيّاً يعكفون على نشاطات إعلامية».
وأشارت إلى أن «تركيا على رأس قائمة سجن الصحافيين في ظل وجود 42 صحافيّاً على الأقل و4 متعاونين يقبعون في السجن لأسباب تتعلق بنشاطهم المهني، إذ وصل عدد الصحافيين المسجونين إلى حدٍّ غير مسبوق منذ نهاية الحكم العسكري»، معتبرة أنه «لم تخفض الإصلاحات التشريعية المحتشمة من وتيرة الاعتقالات والتفتيش والمحاكمات المسلطة على المحترفين في وسائل الإعلام».
وواصلت «غالباً ما يكون ذلك تحت عنوان محاربة الإرهاب، ويبقى عمل القضاء، المستند إلى قوانين قمعية، ذا طابع أمني في عمومه، وقليل الاحترام لحرية الإعلام والحق في الحصول على محاكمة عادلة. وهذا الوضع يساهم في بث جو من الترهيب وسط مشهد إعلامي لايزال لحد الساعة قائماً ومتعدداً».
وذكرت المنظمة في تقريرها أنها أكملت مؤخراً سلسلة تحقيقات دامت عدة شهور عن الصحافيين المسجونين في تركيا. وقد توصلت المنظمة إلى التثبيت أن 42 من أصل 72 صحافيّاً مسجوناً تم توقيفهم لأسباب لها علاقة بنشاطهم في جمع ونشر المعلومات، ولاتزال حالات عدة في طور التحقيق.
وأضافت أنه باستثناء آسيا والأميركتين حيث تزداد الانتهاكات؛ فإن حالات الاعتقال والاختطاف في تناقص نسبي مقارنة بالعام 2011، ففي العام الماضي غالباً ما كان العاملون في الإعلام عرضة للاعتداءات في الطريق العمومي أثناء تغطيتهم المظاهرات والحركات التعبوية، مشيرة إلى أن هذا الخطر الذي يتربص بالصحافيين «في الشارع» أبعد من أن يزول، وخصوصاً في سورية (51 معتقلاً على الأقل، 30 اعتداء و13 حالة اختطاف في 2012)، وبدرجة أقل في البحرين (18 اعتقالاً واستنطاقاً و 36 حالة اعتداء).
ولفتت إلى أنه من المعقد جدا إجراء إحصاء دقيق لحالات اعتقال العاملين في الإعلام خلال المداهمات والاعتقالات التي تستهدف السكان المدنيين»، وتابعت «من جهة أخرى يبقى الحصول على المعلومة وتمحيصها أمرا صعبا للغاية في سورية. لذلك؛ فإن الأرقام المقدمة بخصوص سورية تبقى بعيدة عن الواقع.
في ليبيا (7 اعتقالات في 2012 مقابل 28 في 2011)، وفي مصر (33 حالة اعتقال و63 اعتداء في 2012 مقابل 116 اعتقالا و104 حالات اعتداء في 2011)، وقد تقلصت الاعتقالات والاعتداءات بشكل ملحوظ بعد سقوط معمر القذافي وحسني مبارك.
وواصلت «في المقابل ارتفع بشدة في تونس عدد الاعتداءات والتهديدات في 2012، بينما شهد العام 2011 مرحلة ثورية قصيرة نسبيّاً وأقل قمعا، مقارنة بالبلدان الأخرى في المنطقة، التي شهدت انتفاضات شعبية. وفي سلطنة عمان اعتقلت السلطات حوالي ثلاثين مدوناً في محاولة للحد من حركات التعبئة التي كانت تروج للانتفاضات الأخرى التي يشهدها العالم العربي».
وأردفت المنظمة أنه «على مستوى القارة الأميركية، ازداد القمع في كوبا حدة منذ 2011 ضد المدونين والصحافيين المنشقين، وتحتفظ البيرو بسجلها البائس في الاعتداءات السنوية، حيث يسجل في كل مرة حوالي مئة حالة».
وتابعت أما «الزيادات الملحوظة فقد سجلت في كل من الأرجنتين، البرازيل والمكسيك، ويعود هذا إلى حالات الاستقطاب المتزايدة بالنسبة إلى الدولة الأولى، وإلى سياق انتخابي ساده التوتر والعنف بالنسبة إلى الثانية، ثم إلى حالة من الاضطرابات السياسية أفرزتها انتخابات الفاتح من يوليو/ تموز تضاف إليها حالة عنف شامل تنذر بقلق دائم بالنسبة إلى الثالثة. وتبقى كولومبيا الدولة الوحيدة التي تناقصت فيها الاعتداءات. إلا أن البلد يبقى واحدًا من البلدان التي لا يزال الصحافيون يتعرضون فيها للعنف في القارة، إلى جانب الهندوراس والمكسيك».
وأشارت إلى ارتفاع نسبة الانتهاكات في آسيا، وخاصة في الهند وبنغلاديش وباكستان ونيبال، ومع انقلاب مستتر في المالديف وصحافة ملجمة في سيرلانكا؛ فإن شبه القارة الهندية تعتبر المنطقة التي تعرف أكبر تدهور في العام 2012 بآسيا، وبينت أن انعقاد مؤتمر الحزب الشيوعي الصيني تميز بتصاعد الاعتقالات، والاعتداءات وأعمال الرقابة. ويحاول عدد من وسائل الإعلام التحرر من رقابة جهاز الدعاية والسلطات المحلية، لكن الحزب الشيوعي لم يتخلَّ عن هذا القطاع «الإستراتيجي» وقد أعاد اختراع الرقابة.
وفي القارة الإفريقية؛ أوضحت المنظمة أن العام 2012 تميّز بظهور الاعتداءات في مالي، وخصوصاً في الشمال، لكن أيضاً في العاصمة باماكو (13 اعتقالاً / استجواباً، 8 اعتداءات/ تهديدات، حالتا اختطاف والرقابة على وسائل إعلام على الأقل).
وقد شهدت الانتهاكات وحالات الرقابة زيادة مطردة في نيجريا، وفي جمهورية الكونغو الديمقراطية، والسودان، والصومال. في حين ساد هدوء نسبي في بلدان مثل أوغندا، مالاوي أو أنغولا، التي شهدت العام 2011 قمعاً للمظاهرات والحركات الاحتجاجية.
ولفتت إلى أن ما يحدث في بيلاروسيا سيناريو مشابه، حيث «هبط» عدد الاستنطاقات إلى 31، وهو مستوى يبعث على القلق لكنه يظل اعتياديّاً، بعد أن شهد العام 2011 حركات احتجاج غير مسبوقة جوبهت بقمع مفرط.
ونوهت إلى ازدياد الاعتداءات، التي تلقى تشجيعاً بسبب الإفلات من العقاب، في أوكرانيا، حيث بلغت حدّاً غير طبيعي في بلد لا يواجه المشاكل الأمنية الخاصة. أما في تركيا فقد تضاعف عدد الاعتقالات والاستنطاقات، وهو أثر جانبي لتصاعد التوتر بخصوص المسألة الكردية.
وقالت إن العنف المتفشي يفسربقاء حالة تدفق عدد كبير من الصحافيين المرغمين على الفرار من بلدانهم (73 حالة أحصيت في 2012، مقابل 77 في 2011). وقد انتزع العاملون في قطاع الإعلام السوريون من زملائهم الإيرانيين المرتبة الأولى على منصة الصحافيين الذين قرروا الهجرة العام 2012، وهذا بعد أن وقعوا ضحايا القمع الرهيب الذي تمارسه دمشق. وفي الصومال اختار أكثر من عشرة سبيل المنفى في شهر سبتمبر/ أيلول لوحده.