أحمد مصطفى علي
أحيا الفلسطينيون، منذ أيام الذكرى الأليمة الثامنة والستين لمجزرة دير ياسين التي ارتقى فيها نحو 360 شهيداً فلسطينياً، في مجزرة دموية بشعة ارتكبتها عصابات «الأرغون» و«شتيرن» الصهيونية تحت قيادة كل من رئيس وزراء الاحتلال الأسبق مناحيم بيغين وخلفه إسحاق شامير، حيث حاصرت العصابتان فجر التاسع من إبريل/نيسان عام 1948، قرية دير ياسين قرب القدس المحتلة، ومن ثم قصفتها بالمدافع ودمرت كامل منازلها، في جريمة دموية لا لبس فيها، إنها واحدة من أفظع جرائم التطهير العرقي والإبادة الجماعية التي يرتكبها الكيان الصهيوني منذ إنشائه وحتى يومنا هذا بحق الشعب الفلسطيني، بهدف ترويعه وتهجيره وتهويد أرضه التاريخية بالقوة.
مذبحة دير ياسين كانت مقدمة لسلسلة لانهاية لها من مذابح وجرائم الاحتلال المتعاقبة بحق الشعب الفلسطيني والعربي، حيث تم بعدها تدمير مئات القرى الفلسطينية، واغتيال آلاف الفلسطينيين الأبرياء، دون تمييز بين طفل وامرأة وشيخ، في جرائم واضحة تدل على سياسة التهويد عبر التغيير الديموغرافي وسياسة فرض الأمر الواقع على الأرض لإجبار الفلسطينيين على الهجرة القسرية بالترهيب وتهديد السلاح.
لا شك ونحن نستذكر مذبحة دير ياسين التي تشكل نموذجاً لسياسة التطهير العرقي ضد الشعب الفلسطيني، أن نتساءل أين كانت المنظمات الدولية من حقوق الشعب الفلسطيني المغتصبة بقوة الجرائم الوحشية التي ترتكب بحقه؟ هذه المنظمات رضخت أمام إرادة المغتصب وعجزت عن إيقاف جرائمه اليومية، وتخلت عن الاضطلاع بمسؤولياتها الأخلاقية، بعد أن وجد الاحتلال من يشد على يديه من الدول الكبرى التي تحميه حتى من قرارات الإدانة والاستهجان والاستنكار.
الأمم المتحدة مطالبة اليوم، بالتدخل الفوري للضغط على «إسرائيل»، لوقف جرائمها اليومية المتواصلة ضد أبناء الشعب الفلسطيني، وإلزامها بتنفيذ التزاماتها المنصوص عليها في قرارات الشرعية الدولية وجميع قراراتها ذات الصلة بغية تحقيق حل عادل وفق القوانين والقرارات الدولية ويؤمن حماية دولية للشعب الفلسطيني وجميع مقدراته في أرضه.
المؤكد أن أي كيان أقيم بقوة الدم والقهر والجرائم بحق الأطفال والنساء والسكان الآمنين، لا يمكن له أن يستمر مهما طال الزمن وعظمت جرائمه، ومن يرتكب مثل هذه الجرائم الوحشية لا يحق له أن يحيا ويعيش، ويجب عدم التهاون في ملاحقته ومحاكمته وتجريمه، خاصة أن جرائم الحرب كمذبحة دير ياسين لا تسقط بالتقادم وفق القوانين الدولية.