مدن في ندوة قدمها تحت عنوان «الصراعات السياسية والمصلحة الوطنية»، في مقر جمعية التجمع القومي الديمقراطي في الزنج مساء الإثنين (23 نوفمبر/ تشرين الثاني 2015) :
غياب «التيار الوطني» أضعف الحراك البحريني… والمخيف انقسامنا الطائفي
«حتى الآن جرى التعامل مع الأمر عبر التدابير الأمنية المشددة، والتجربة في كل مكان تبرهن أن الحل الأمني لا يحل مشكلة سياسية أو اجتماعية مستعصية،
مدن: غياب «التيار الوطني» أضعف الحراك البحريني… والمخيف انقسامنا الطائفي
قال الأمين العام السابق لجمعية المنبر التقدمي حسن مدن: إن «نقطة الضعف الجوهرية التي يُعاني منها الحراك السياسي في البحرين اليوم، هي غياب أو ضعف الدور المستقل للتيار الوطني الديمقراطي، بسب فشله في بلورة صيغة للعمل المشترك بين مكوناته المختلفة تميزها عن الأطروحات والمواقف الأخرى في المجتمع».
وأضاف مدن في ندوة قدمها تحت عنوان «الصراعات السياسية والمصلحة الوطنية»، في مقر جمعية التجمع القومي الديمقراطي في الزنج مساء الإثنين (23 نوفمبر/ تشرين الثاني 2015) أن «ما يبعث على القلق الشديد، خاصة بالنسبة لنا كقوى نعتبر أنفسنا عابرين للطوائف وتستوعب تنظيماتنا في صفوفها مناضلين وأعضاء من مختلف مكونات الشعب، هو الانقسام الطائفي الذي استفحل في السنوات القليلة الماضية».
وأشار إلى أن «البحرين عبر تاريخها السياسي الغني والمحتدم، كانت مجتمعاَ شديد التأثر بما يجري في المحيط العربي والإقليمي، لذلك فإن الكثير من الحيثيات والاستنتاجات التي أوردناها أعلاه، ونحن نرصد المشهد العربي تعني البحرين، وربما تنطبق عليها في الكثير من الحالات».
وأفاد «في البحرين ثمة حركة سياسية عريقة ذات تقاليد قوية، وهناك مطالبات مشروعة للشعب البحريني بكافة مكوناته، في الحياة الديمقراطية الحقة، وفي العدالة الاجتماعية وفي التوزيع العادل للثروات، وفي تأكيد قيم المواطنة المتكافئة، النافية لكل أوجه التمييز الاجتماعي والطبقي والفئوي، والحراك الذي انطلق في 14 فبراير/ شباط 2011، ينطبق عليه ما ينطبق على كل الانتفاضات الشعبية التي شهدتها العواصم والمدن العربية الأخرى، في تطلع المشاركين فيها للديمقراطية والعدالة والكرامة، كما أن المآلات والتعقيدات التي نشأت بعد ذلك لا تختلف من حيث الجوهر عن تلك التي شاهدنا نظيرها في البلدان العربية الأخرى، حتى وإن اختلفت التفاصيل، ولو سعينا لتعداد الأسباب التي قادتنا إلى ما نحن فيه فلن نخرج عن العوامل الثلاثة التي بسطتها في البداية، بصورة أو بأخرى، بنسبة تقل أو تزيد».
وأردف مدن «حتى الآن جرى التعامل مع الأمر عبر التدابير الأمنية المشددة، والتجربة في كل مكان تبرهن أن الحل الأمني لا يحل مشكلة سياسية أو اجتماعية مستعصية، حتى وإن بدا في الظاهر أنه يحتويها، وتجربة تاريخنا السياسي البحريني الحديث تؤكد ذلك، وهو أمر تحدثنا عنه كثيراً في بيانات المنبر التقدمي والتجمع القومي وبقية القوى المعارضة، وهو ما يؤكد الحاجة إلى حل سياسي مستدام ومستقر».
واستدرك «لكن ما يبعث على القلق الشديد، وخاصة بالنسبة لنا كقوى نعتبر أنفسنا عابرين للطوائف وتستوعب تنظيماتنا في صفوفها مناضلين وأعضاء من مختلف مكونات الشعب، هو الانقسام الطائفي الذي استفحل في السنوات القليلة الماضية الذي دفع إليه الرافضون للتحول الديمقراطي وتحقيق الشراكة مع المجتمع، وغذته القوى المذهبية المختلفة، بوعي منها في الكثير من الحالات، وبسبب الأخطاء وضيق الأفق في حالات أخرى».
وواصل «لكن نقطة الضعف الجوهرية التي يُعاني منها الحراك السياسي في البحرين اليوم هي غياب أو ضعف الدور المستقل للتيار الوطني الديمقراطي؛ بسب فشله في بلورة صيغة للعمل المشترك بين مكوناته المختلفة، تميزه عن الأطروحات والمواقف الأخرى في المجتمع، وفق برنامج معبر عن القضايا المشتركة للشعب يعمل على دمج الهويات الفرعية في هوية وطنية جامعة، كرافعة للعمل في سبيل الديمقراطية وآفاق الحداثة والتقدم، ومن أجل حياة حرة وكريمة لكافة مواطني هذا البلد».
وشدد على أن «غياب هذه الصيغة التنسيقية للتيار الديمقراطي كان له أكبر الأثر في عدم وضوح الدور المستقل لهذا التيار، حيث لا يتبين المجتمع بصورة كافية الفروق الضرورية بين هذا التيار وبين سواه من تيارات».
وقدم مدن تحت عنوان الندوة مجموعة من الأطروحات، أبدى أمله أن تغطي بعض أوجهها، برغبة تسليط الضوء على التعقيدات الناشئة عن الوضع العربي الراهن، وانعكاسات هذا على الأزمة السياسية في البحرين، معنونا الأطروحة الأولى بالربيع العربي».
وأضاف «كان مصطلح «الربيع العربي» محاكاة لتجارب مشابهة حدثت في العالم، كربيع باريس أو ربيع براغ، وسرعان ما شاع هذا المصطلح في الأرجاء العربية، كتعبير عن توق الشعوب إلى إنهاء الاستبداد والاستغلال والظفر بالديمقراطية والحرية».
وأردف «كان ذلك رداً على ما بلغته الأوضاع في البلدان العربية من تردٍ على غير صعيد، ولعل عالم الاجتماع السويدي جنار ميردال هو أول من استخدم مصطلح «الدولة الرخوة» في كتابه «بحث في أسباب فقر الأمم»، ومنه استوحى الكاتب المعروف جلال أمين عنوان كتابه الذي حمل عنوان «الدولة الرخوة»، حين رأى أن الكثير من السمات التي شخَّصها ميردال تنطبق على أحوال الدولة في العالم العربي، من أوجه عديدة بينها السياسي والاجتماعي والاقتصادي والديني».
وواصل «أما المؤشرات السياسية فتتمثل في فقدان شرعية الدولة؛ بسبب فساد النخبة الحاكمة وغياب الشفافية والمحاسبة السياسية وضعف الثقة في المؤسسات، إضافة إلى عدم التطبيق العادل لحكم القانون وانتشار انتهاكات حقوق الإنسان وغياب الأمن».
أما الأطروحة الثانية، التي تناولها، فكانت إجابة عن هذا السؤال: ما الذي حوَّل الربيع العربي إلى خريف؟ وقال فيها: «برأينا هناك 3 عوامل تضافرت ليحصل ما حصل. أولاً: متانة مواقع الاستبداد في العالم العربي وخبرتها الطويلة، ثانياً: ضعف مؤسسات المجتمع المدني الحديثة، وضآلة دور القوى الوطنية والتقدمية، وهامشية دورها، ما عنى غياب الحاضنة الديمقراطية القادرة على توجيه هذه التحركات في وجهة وطنية جامعة، وتجنيبها الانزلاق نحو شعارات وممارسات خاطئة، ما مكَّن قوى الإسلام السياسي من الهيمنة على الشارع ومصادرة الانتفاضات، مع أن القوى الإسلامية في الكثير من الحالات لم تلتحق بالتحركات إلا لاحقاً، كما حدث في مصر وتونس واليمن وغيرها، ثالثاً وأخيراً: الدور المشبوه الذي لعبه الغرب ودول الناتو من جهة، والقوى الإقليمية صاحبة المصلحة في عسكرة الانتفاضات والدفع بها نحو الحرب الأهلية من جهة أخرى، سواء بالتوافق فيما بينها، أو بالتواطؤ الضمني».
فيما جاءت الأطروحة الثالثة بعنوان «حول التناقض»، لافتا إلى أنه لا يخلو مجتمع من المجتمعات من التناقض، بل ان مسار التحولات في المجتمعات محكومة بمثل هذا التناقض الناجم عن صراع الإرادات والمصالح، ومن وجهة نظر التحليل المادي للتاريخ الذي ننطلق منه فإن الانفراد بالسلطة والثروة هو مرتكز هذا التناقض الرئيسي وجوهره، حتى وإن اتخذ الأمر في الكثير من الحالات والمنعطفات التاريخية مظاهر تناقضات أخرى، ذات طابع مذهبي أو عرقي أو طائفي… الخ».
صحيفة الوسط البحرينية – العدد 4827 – الأربعاء 25 نوفمبر 2015م الموافق 12 صفر 1437هـ