الأخ رئيس المؤتمر القومي العربي الدكتور زياد الحافظ المحترم
الأخ الأمين العام للمؤتمر القومي العربي عبد الملك المخلافي المحترم
الأخوة أعضاء الأمانة العامة للمؤتمر القومي العربي المحترمون
الحضور الكريم
لقد شرفتني الأمانة العامة للمؤتمر القومي العربي ممثلة بأمينها العام الأخ المناضل عبد الملك المخلافي بالدعوة لحضور أعمال المؤتمر القومي الخامس والعشرين، وأنني إذ أشكر الأمانة العامة رئيساً وأميناً وأعضاء على هذه المبادرة الكريمة أتوقف قليلاً عند الدور الذي يؤديه المؤتمر في مواكبته المستمرة للقضايا المصرية التي تهم الأمة العربية في مختلف أقطارها وصولاً إلى تحقيق المجتمع العربي الموحد، القائم على العدالة الاجتماعية والهادف إلى تحقيق الاستقلال الوطني بأبعاده القومية ومضامينه الديمقراطية، وعلى قاعدة التكامل والتفاعل بين جهود القوى العربية الحريصة والعاملة على تحقيق التقدم في كل مجالات الحياة العربية، وتحصين الأمن القومي العربي من الاختراقات المعادية على اختلاف مشاربها ومواقعها وتمكين الأمة العربية من بناء صرحها الحضاري بالاستناد إلى قواها الذاتية بمنأى عن كل أشكال التدخل الأجنبي في شؤونها الداخلية.
أيها الأخوة المؤتمرون
إن كل مؤتمر تعقده هذه المؤسسة القومية، يشكل محطة هامة في مسار عملها ونضالها ،وان هذه الدورة الحالية تكتسب أهمية خاصة نظراً للظروف والأوضاع التي تمر بها الأمة، وهي تواجه جملة تحديات، أولها تحدي الاحتلال الصهيوني في فلسطين المحتضن والمدعوم من مراكز التقرير في النظام الاستعماري وخاصة النظام الأميركي، وثانيها التهديد الذي تجسده دول الإقليم على مداخل الوطن العربي من شرقه وشماله وقرنه الافريقي، وثالثها ذلك الذي يهدد المكونات الوطنية العربية بوحدتها الكيانية والمجتمعية، نظراً لتمادي الظلم والقمع والاستبداد وتغييب الديموقراطية واعتماد أساليب الحلول العسكرية والأمنية للأزمات السياسية البنيوية، وبما أفسح المجال إلى انكشاف الساحات الوطنية أمام كل أشكال التدخل الأجنبي وعسكرة الحراك العربي، ودخول قوى التخريب السياسي والتكفير الديني والقوى المذهبية الطائفية على هذا الحراك منخرطة في الصراع الدائر بين أطرافه، وبما بات يهدد وحدة النسيج المجتمعي نظراً لارتفاع منسوب الخطاب المذهبي والطائفي واستحضار المخفزات المذهبية في تأجيج الصراع السياسي.
أيها الأخوة
إن المشهد السياسي العربي العام، سيكون حتماً في صلب اهتمام أعمال المؤتمر في دورته الحالية، واسمحوا لي في هذه المناسبة أن أسلط الضوء على جملة عناوين سياسية ترتبط بمعطى الوضع العربي القائم.
ففي لبنان نشدد على أهمية تفعيل الحياة السياسية وملء الشواغر في المواقع الدستورية وتلبية الحاجات والمطالب الشعبية المشروعة والمحقة، وتوفير كل مستلزمات الأمن السياسي والحياتي للمواطنين ودوام المشاركة الفعالة في النضال لتحرير فلسطين .
وفي سوريا، نشدد على أهمية المقاربة السياسية للصراع المتفجر على قاعدة إنتاج حل سياسي قائم على إعادة هيكلة الحياة السياسية على قواعد التعددية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية وحماية المقومات الوطنية بوحدة الأرض والشعب والمؤسسات ووضع حدٍ لحالة الانكشاف الوطني الذي أفسح المجال أمام كل أشكال التدخل مع طرفي الصراع المباشرين نظاماً ومعارضة.
أما بالنسبة للعراق، والذي بات اليوم محور الحدث المركزي، فإنني وفي هذه المناسبة، نرى بأن ما تشهده ساحة العراق حالياً، إنما هو ثورة شعبية بامتياز، تشارك فيها كل القوى السياسية والشعبية من وطنية وقومية وإسلامية ومجالس عشائر، لإنهاء الحالة الشاذة التي تخيم على العراق، والتي أوصلت هذا البلد إلى مستوى الدولة الفاشلة من جراء تسلط الحكم الميليشاوي على رقاب العباد والبلاد، ورهن مصير العراق ومقدراته وخيراته ومستقبله لمصلحة قوى أجنبية دولية واقليمية لا تريد للعراق خيراً، وتريده أن يبقى ضعيفاً مشلولاً.
وعليه فإن هذه الثورة التي انطلقت تحت شعار إعادة توحيد العراق على الأسس الوطنية والديموقراطية والتعددية هي استمرار لمعركة التحرير التي خاضتها قوى المقاومة الوطنية والتي ضمت اصطفافاً سياسياً واسعاً، وعكست في برنامجها أماني وطموحات الشعب العراقي على اختلاف أطيافه ومكوناته الدينية والأثنية.
وهنا، لا بد من الإشارة، بأن الصاق تهمة الإرهاب بالحركة الثورية في العراق، إنما هو افتراء وتشويه مقصودين، لأجل استثارة غرائزية مذهبية، ودفع البلاد إلى أتون صراع مذهبي وطائفي سيكون المستفيد الأول منه العدو الصهيوني وكل أصحاب المشاريع الذين يعملون لأحداث التخريب والتفكيك في بنى المجتمع العربي.وإذا كان البعض ينسب ما يجري في العراق إلى قوى تكفيرية وإرهابية، فعلى الجميع أن يدرك ان هذه القوى هي النقيض الموضوعي والذاتي لقوى التوحيد الوطني والتحرير القومي،ونحن ندينها أياً كانت الشعارات التي تتظلل بها .
ان على القوى الخيرة في الأمة، أن تقف إلى جانب ثورة العراق الشعبية باعتبارها ثورة تستحضر عناوين المسألة الوطنية في تشديدها على حماية وحدة العراق وعروبته وديموقراطية الحياة السياسية فيه. وان الوقوف إلى جانب هذه الثورة كما الوقوف إلى جانب الحراك الشعبي المشدود إلى الأهداف الوطنية يجب أن يترجم قولاً وفعلاً بمقاومة أي عدوان جديد يشن على العراق تحت ذرائع مختلفة، ورفض أي شكل من أشكال التدخل الأجنبي إقليمياً كان أم دولياً وعلى قاعدة وحدة المعايير التي تفرضها شفافية الموقف القومي تجاه كل أشكال العدوان الخارجي على الأمة العربية.
إننا إذ نشدد على انتصار الحالة الوطنية في العراق وإخراج سوريا من دوامة الصراع المدمر عبر حل سياسي انتقالي يضمن لسوريا وحدتها الوطنية ودورها القومي، وعلى استقرار الوضع السياسي في مصر نظراً لما تجسده من قاعدة ارتكازية في الوطن العربي، فلأجل أن تتوفر الحاضنة الشعبية والسياسية للقضية القومية في التوحيد والتحرير والديموقراطية وخاصة القضية الفلسطينية والتي تشتد الضغوط السياسية على قواها لانتزاع اعتراف بشرعية الاغتصاب ويهودية الدولة،
إننا في هذه المناسبة، نعول أهمية على هذه المؤتمر نظراً للظرف الاستثنائي الذي ينعقد فيه، وكل أملنا، أن يخرج بالتوصيات والمقررات التي تحاكي الطموح الشعبي العربي وهو يرنو لاستعادة دور الأمة العربية كقوة وازنة وفاعلة في محيطها الإقليمي وعلى مستوى العالم،
تحية لكم جميعاً ولتكلل أعمال هذا المؤتمر بالنجاح.
د. عبد المجيد الرافعي
نائب الأمين العام لحزب البعث العربي الاشتراكي
رئيس حزب طليعة لبنان العربي الاشتراكي
بيروت في ٢٠ – ٢١ / ٦ / ٢٠١٤