في الدول الديمقراطية إذا كان الدستور يلعب دوراً حاسماً في إدارة الوطن ورسم مستقبله، فأن النظام الانتخابي هو الآخر يلعب دوراً في صياغة المستقبل السياسي لهذه الدولة.
ينظر اليوم إلى النظم الانتخابية على أن لها دور هام، بل وحاسم في بناء النظام السياسي، بالإضافة إلى أهميته فيما يتعلق بقضايا إرادة الحكم على نطاق واسع.
ويمثل شكل النظام الانتخابي المتبع من أهم القرارات بالنسبة لأي نظام ديمقراطي، ففي غالبية الأحيان يترتب على اختيار نظام انتخابي معين تبعات هائلة على مستقبل الحياة السياسية في البلد.
أن عملية اختيار أو تحديد النظام الانتخابي، هي مسألة سياسية بالدرجة الأولى، وليست مسالة فنية وغالباً ما تكون المصالح السياسية في صلب الاعتبارات أن لم يكن الاعتبار الوحيد.
وإذا لم يكن النظام الانتخابي نابعاً على مصلحة الوضع السياسي في البلاد، ويضمن استقراره على المدى الطويل، فقد تكون هناك نتائج كارثية بالنسبة للعملية الديمقراطية في البلاد!!!
أن الاهتمام بالنظام الانتخابي يعني الاهتمام باختيار الأفضل، والأكثر تمثيلاً وعدالة والأكثر ملائمة للواقع السياسي والاجتماعي في البحرين.
وإذا كان النظام الانتخابي لا يلبي هذه الأهداف فأننا نقوم في الواقع بتفريغ الانتخابات من محتواها وأهدافها وبالتالي تفريغ الديمقراطية من محتواها الأصلي.
وهناك شبه اتفاق على أن أحد الجوانب التي يمكن أن تتحكم في قواعد اللعبة الديمقراطية هو النظام الانتخابي (التلاعب بنتائج الانتخابات).
هذا النظام هو الذي يحول الأصوات إلى مقاعد في البرلمان أي هو الذي يحدد الشخص أو الجمعيات السياسية التي يمكن أن تتواجد في المجلس أو مدى حجم هذا التواجد، لذلك له تأثير على الجمعيات السياسية من حيث تواجدها وعدد المقاعد التي تحصل عليها، وأهميتها النسبية داخل البرلمان، هذا بالإضافة إلى دوره في مجرى الحملات الانتخابية وتصرف النخب السياسية كونه هو من يعطي انطباعاً للقوى السياسية المعارضة، خاصة القوى الصغيرة منها، ما إذا كانت فرص الفوز متاحة لها أو غير متاحة؟؟؟
باختصار أننا نرى في إطار فهمنا للعمل السياسي أنه طالما أن الانتخابات تعتبر هي المدخل للديمقراطية، وأن النظام الانتخابي هو الذي يرسم ويحدد سمات ومواصفات هذا المدخل، فعليه أن النظام الانتخابي الأفضل للبحرين من وجهة نظرنا هو الذي يحقق الأهداف التالية:
1) ضمان وجود مجلس منتخب ذي صفة تمثيله عادلة وحقيقة لكل القوى والتوجهات السياسية والاجتماعية.
2) يسهم في تعزيز السلطة التشريعية.
3) تشجيع قيام حكومة فعالة تمثل الإرادة الشعبية.
4) بلورة معارضة برلمانية.
5) مراعاة طاقات البلد الإدارية والمالية.
الآن المفهوم الأساسي للنظام الانتخابي هو ترجمة الأصوات إلى عدد المقاعد التي تفوز بها الجمعيات السياسية أو المرشحين المشاركين فيها، فأن هناك جوانب هامة ذات صلة وثيقة بنظام الانتخابات يجب عدم إغفالها وهي:
1) المعادلة الانتخابية المستخدمة، وهي الذي تحدد شكل النظام المستخدم، هل هو نظام لأغلبية أو النسبية أو المختلطة.
2) المعادلة الحسابية، وهي التي تستخدم في حساب المقاعد المتخصصة للفائزين، وما إذا كان الناخب يصوت لمرشح واحد أو لقائمة حزبية.
3) الجوانب الإدارية للعملية الانتخابية، مثل توزيع مقرات الاقتراع، وتسمية المرشحين، أو تسجيل الناخبين، أو الجهاز الإداري للعملية الانتخابية.
4) الدوائر الانتخابية وطريقة توزيعها.
وهذه بالنسبة إلى وضعنا السياسي نرى أنها على درجة كبيرة من الأهمية، وان أي خلل أو تلاعب في توزيعها، يعني في الحقيقة تقويض لكل القواعد المرجوة من النظام الانتخابي ومن العملية الانتخابية برمتها.
ونظراً لأهمية هذه المسالة فإننا نقترح وجود قانون جديد يحدد الدوائر الانتخابية بما يحقق الأهداف التالية:
1- الحد من التفاوت من عدد الناخبين في الدوائر المختلفة.
2- منح فرصة أكبر للقوى غير الكبيرة للتمثيل.
3- أعطاء الناخب مساحة أكبر من حرية الاختيار.
4- أعطاء فرصة أكبر لوصول المرشحين الأكثر كفاءة.
5- تقليل فرص التلاعب في مخرجات الانتخابات.
6- أعطاء فرصة اكبر للتحالفات بين القوى المختلفة مما يسمح بوصول عناصر مستعدة للتعاون مع بعضها البعض.
7- التغلب على التقسيم المذهبي للدوائر الانتخابية وأقامتها على أساس المواطنة.
8- توسيع فرصة وصول العنصر النسائي.
لذلك نقترح أن تتضمن النظام الانتخابي ما يلي:
1- تقليص الدوائر الانتخابية إلى خمس دوائر بدلاً من أربعين دائرة، وذلك بدمج مجموعة من الدوائر الحالية القريبة من بعضها دون النظر إلى حدود المحافظات.
2- يمثل كل دائرة انتخابية ثمانية نواب، ولا يحق لكل ناخب اختيار أكثر من ثلاثة مرشحين.
3- تحدد الدوائر الانتخابية وحدودها بموجب قانون، على أن لا يتجاوز الفرق في عدد الناخبين بين دائرة وغيرها من الدوائر نسبة 15%. (يكون متوسط عدد الناخبين في كل دائرة في حدود 65.500 ناخب بحسب إحصاءات انتخابات عام 2010).
4- يكون لكل دائرة انتخابية لجنة لإدارة العملية الانتخابية، ولجان فرعية للاقتراع والفرز، وتشكل اللجان جميعاً برئاسة قاضي وعضوين على الأقل على أن يكون مقر كل لجنة اقتراع مستقل عن لجان الدوائر الأخرى.
5- لكل مرشح أن يختار ناخباً من المقيدين في جدول انتخاب الدائرة المرشح فيها وكيلاً له لدى كل لجنة فرعية. وعلى المرشح أن يقدم اسم وكيله المذكور إلى لجنة الدائرة قبل موعد الانتخابات بسبعة أيام على الأقل.
6- تشكل لجنة قضائية عليا للإشراف على الانتخابات.
© جمعية التجمع القومي الديمقراطي 2023. Design and developed by Hami Multimedia.