منصور الجمري
البيان الذي أصدره المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحرية الدين والمعتقد هاينر بيليفيلدت أمس الأول (24 أبريل / نيسان 2014) بشأن إسقاط جنسية الشيخ النجاتي وترحيله من البحرين، كرر ما ذكرته بيانات صادرة عن الجهات الحقوقية التابعة إلى الأمم المتحدة، وكذلك المنظمات الدولية، وهو أنَّ سلطات البحرين تخالف القانون الدولي لحقوق الإنسان في قراراتها وإجراءاتها وتشريعاتها وأحكامها وتصريحاتها حول قضايا عديدة، من بينها إسقاط جنسيات المواطنين، أو تجريمهم في كثير من أنشطة حياتهم التي تعتبر جزءاً من حقوقهم.
وكما هو معروف، فإن القانون الدولي لحقوق الإنسان يتكون من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وتسعة صكوك رئيسية، والبحرين اعتمدت سبعة صكوك من هذا القانون الدولي، وهي: الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، واتفاقية حقوق الطفل، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، واتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، واتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
لكن وعلى رغم اعتماد البحرين لصكوك القانون الدولي لحقوق الإنسان، فإنَّ ذلك لم يؤثر في القوانين والتشريعات والإجراءات المعمول بها، بل إنَّ مزيداً منها صدر في الفترة الأخيرة، ومعظمها يخالف هذه الصكوك. إضافة إلى كلِّ ذلك، فإنَّ السلطات تتخذ قرارات تقديرية تخالف القانون الدولي، لكنها تكرر في الوقت ذاته أننا في دولة القانون والمؤسسات، ومن لديه اعتراض يمكنه اللجوء إليها، دون أن يكون لذلك أثر ملموس في تصحيح المسار أو استرجاع الحقوق.
إنَّ اعتماد صكوك القانون الدولي لحقوق الإنسان ومن ثمَّ ركنها على الرفِّ وعدم تفعيلها، يوضِّح إشكالية تحتاج إلى معالجة دستوريَّة واضحة، إذ ينبغي أن يتوافر لدينا نصٌّ دستوري يؤكد بصراحة أنَّ الصكوك الدوليَّة التي تعتمدها البحرين رسميّاً لها الأولوية على التشريعات والإجراءات التي تناقضها. وهذا الضمانُ الدستوريُّ يمكن إيكاله للمحكمة الدستورية، وبالتالي لا يمكن لأيَّة جهة تشريعية أو تنفيذية أو قضائية مخالفةُ القانون الدولي. إن التغني الرسمي باعتماد الصكوك الحقوقية الدولية في الوقت الذي لا تحفظ الحقوق ولا تؤثر في ما يجري، يعني أن وجودها من عدمه يصبح أمراً واحداً.