فند المحامون في قضية الـ 20 كادراً طبيّاً جميع الاتهامات الموجهة إلى موكليهم من خلال مرافعاتهم الشفهية والكتابية خلال جلسة محكمة الاستئناف العليا أمس الخميس (10 مايو/ أيار 2012)، وكان أبرزها بخصوص بطلان الإجراءات، فضلاً عن انتزاع الاعترافات منهم تحت وطأة التعذيب، كما تحدث المحامون عن تناقض الروايات بخصوص واقعة العثور على أسلحة بمجمع السلمانية الطبي، إلا أنه وعلى الرغم من ذلك لم تثبت صلة المتهمين بالأسلحة، من خلال عدم وجود بصمات أي منهم على تلك الأسلحة.
وقد حجزت المحكمة القضية للحكم في جلسة 14 يونيو/ حزيران 2012، وكانت محكمة السلامة الوطنية أدانتهم بالسجن مدداً تتراوح ما بين 5 و15 عاماً.
وأشارت هيئة الدفاع عن الأطباء إلى أن «وسائل الإعلام تعمدت تشويه سمعة الأطباء ومازال هذا الأمر مستمراً»، ولفتت هيئة الدفاع إلى أن «الكادر الطبي حُوكم لأنه كان شاهداً على ما جرى من انتهاكات خلال الأحداث التي شهدتها البحرين؛ ولأنهم أسعفوا المصابين خلال تلك الفترة».
وسبق أن أبدت النيابة العامة مرافعتها التي تضمنت شرحاً تفصيليّاً لوقائع القضية وللأفعال المادية التي وقعت من المتهمين وأدوارهم في الجرائم المسندة إليهم، وبياناً لمظاهر سيطرتهم على مجمع السلمانية الطبي خلال الأحداث، وتحويله إلى مكان لاحتجاز المختطفين من الآسيويين ورجال الشرطة، فضلاً عن الحيلولة دون تلقي المواطنين العلاج بالمستشفى بشكل اعتيادي.
—————————————————————————
14 يونيو الحكم في القضية
المحامون يفندون التهم الموجهة للكادر الطبي ويطالبون ببراءتهم
المنطقة الدبلوماسية – علي طريف
فنَّد المحامون في قضية الكادر الطبي (20 شخصًا) جميع الاتهامات الموجهة إلى موكليهم من خلال مرافعاتهم الشفاهية والكتابية وكان أبرزها بخصوص بطلان الإجراءات وأخذ الاعترافات تحت وطأة التعذيب، بالاضافة إلى شهادة الشهود من مسئولين والوزيرين السابقين لوزارة الصحة وتقديم مستندات رسمية وصور تبين تفنيد التهمة الموجهة إلى الكادر الطبي.
وقد حددت محكمة الاستئناف العليا بعد استماعها المرافعات (14 يونيو/ حزيران 2012) للحكم في القضية في الوقت الذي طالب المحامون ببراءة الكادر الطبي، واصفين الكادر بأنه حوكم لأنه كان شاهداً على ما جرى من انتهاكات فترة الأحداث، وأنهم أسعفوا المصابين خلال تلك الفترة.
وقدم الحاضرون مع الكادر الطبي – كل من المحامين جليلة السيد، عبدالله الشملاوي، سامي سيادي، حافظ علي، حميد الملا، حسين النهاش، علي عبدالحسن، انتصار العصفور، ماجد شهاب، جليل العرادي، عيسى إبراهيم، عبدالهادي القيدوم، ومحمد الترانجة – مرافعاتهم الدفاعية والتي جاء في أبرزها أن وسائل الإعلام تعمدت تشويه سمعة الأطباء والتي لاتزال مستمرة، وان سجل البحرين يتراجع بخصوص حقوق الإنسان ومتابعة المجتمع الدولي والمحلي للقضية، بالإضافة إلى التعذيب الممنهج.
واستندوا في ذلك إلى تقرير تقصي الحقائق، بالإضافة إلى مخالفة الاتفاقيات التي وقعتها مملكة البحرين، ومخالفة مواد جاءت في الدستور وتمت مخالفتها، وبطلان الإجراءات وأخذ الاعترافات تحت وطأة التعذيب، بالاضافة إلى شهادة الشهود من مسئولين والوزيرين السابقين لوزارة الصحة، و تقديم مستندات رسمية وصوراً تبين تفنيد التهمة الموجهة إلى الكادر الطبي.
كما بينوا تناقض الروايات بخصوص واقعة العثور على أسلحة، إلا أنه وعلى رغم ذلك لم يثبت صلة المتهمين بالأسلحة من خلال عدم وجود بصمات أي من الكادر على تلك الأسلحة.
وتضم القضية 20 من الكادر الطبي ممن أدينوا في محكمة السلامة الوطنية بأحكام تتراوح بين 5 و15 عاماً، وهم: علي العكري, علي حسن الصددي, نادر محمد حسن دواني, أحمد عبدالعزيز عمران حسن, محمود عبدالوهاب عباس, إبراهيم عبدالله إبراهيم, رولا جاسم محمد, عبدالخالق حسين العريبي, غسان أحمد علي ضيف, باسم أحمد علي ضيف, السيد مرهون ماجد الوداعي, ندى سعيد عبدالنبي ضيف, حسن محمد سعيد, فاطمة سلمان حسن حاجي, ضياء إبراهيم جعفر, نجاح خليل إبراهيم حسن, محمد فائق علي شهاب, سعيد مظاهر حبيب السماهيجي, قاسم محمد محمد عمران, وزهراء مهدي السماك.
وقد جاء من خلال ما تقدم به المحامي عبدالله الشملاوي أن الكادر الطبي عومل بنكاية وتشفٍّ، وانه كان هناك برنامج أعد سلفًا بخصوص ما تعرض له الكادر من تعذيب، كما أنه من المستغرب أن يقوم ضباط في قسم مكافحة المخدرات بتحقيق مع الكادر الطبي، معتبرًا أن ذلك بداية مخطئة حرَفت مسار القضية.
وتابع الشملاوي أن النيابة اتهمت الأطباء بمخالفة قسم المهنة ومنع إغاثة الناس، بينما من أخل بذلك وزير الصحة السابق الذي أقاله جلالة الملك، كما أن وزير الصحة ذاته منع سيارات الإسعاف من معالجة وإسعاف الجرحى، كما بين أن منعاً جاء من وزارة الداخلية بذلك، كما استند في ذلك إلى ما قدم في جلسة سابقة من أن اتصالاً ورد بوجود شخص متوفىً، فطلب موظف الإسعاف من بدالة 999 بالتحرك؛ فأخبره الأخير بعدم التحرك والخروج لجثة شخصي ملقىً، لأن مقدم البلاغ مواطن.
وبين الشملاوي أن اتهام الكادر الطبي بتلك التهم يأتي بسبب إغاثتهم الجرحى والمصابين، وكانوا شهوداً على ما جرى جراء الاحداث.
إلى ذلك، فندت المحامية جليلة السيد التهم الموجهة إلى الكادر الطبي، وبينت أن النيابة تجاهلت أموراً عدة في القضية، وذكرت أن المحامين يقدمون الأدلة بالصور والمستندات، أي استشهدوا بتواجد المسئولين في المستشفى وقت الأحداث وأنهم كانوا متواجدين من خلال الصور التي تبين تواجدهم، في الوقت الذي رأت أن الأدلة المقدمة من قبل النيابة هي أدلة منهارة وهي تهم تم تلفيقها لتكميم أفواه المطالبين بالحرية والعدالة.
وأضافت السيد أن جميع الإجراءات، ومن بينها عدم تمكين حضور محام مع الكادر الطبي على رغم وجود توكيلات للكادر الطبي من أعوام باطلة، كما أن تهمة احتلال أو محاولة احتلال مجمع السلمانية الطبي تتضمن الركن المادي، ولا يتحقق ذلك الا بالاعتداء على المكان المعني باستعمال القوة واستخدام مفرقعات وأسلحة وتهديد، في الوقت الذي أكد جميع الشهود نفي تلك التهمة وجميع التهم، كما أن النيابة لم تكلف نفسها النظر لتصوير الكامرات الأمنية التابعة للمستشفى لتوضيح إن كان المستشفى محتلاً من عدمه، كما بينت أن موكلها كان متواجدا (مناوباً) في يومين، كما قامت المحكمة بجلب المستند الذي يثبت جدول المناوبات، كما تقدمت بمستند عن عدد المرضى والمراجعين الذي كان يراجع مجمع السلمانية الطبي والذي صار في نقصان حينما تسلمت القوى الامنية السلمانية.
واستشهدت السيد بتصريحات المسئولين من وزيرين سابقين وأخرين بأن وضع مجمع السلمانية طبيعي وأنه يستقبل جميع المرضى من جميع الطوائف والجنسيات، كما استدلت بتصريح لولي العهد الذي سمح بتجمع المواطنين في دوار مجلس التعاون، بالاضافة إلى تطرقها إلى تقرير تقصي الحقائق الذي أثبت تعرض الكادر الطبي لاعتداءات من قبل رجال الأمن، كما تحدث التقرير عن التعذيب وعن حالة موكلها؛ الذي منع عنه العلاج لفترة بحسب سجلات مكان التوقيف الذي تبين ذلك، وأنها تثبت للمحكمة التي جلبت تلك التقارير صحة امتناع جهة التوقيف عن تقديم العلاج لموكلها لفترات.
من جهته، بين المحامي عبدالجليل العرادي أن هناك تضارباً في واقعة وجود أسلحة وأماكن وجودها وتواريخ العثور عليها وعددها، من خلال محضر التحريات، كما فند واقعة الأسلحة تقرير لجنة تقصي الحقائق، كما لا توجد بصمات على الأسلحة المنسوبة إلى الكادر الطبي، بالاضافة إلى أنه بالنسبة إلى إحدى الروايات بالعثور على الأسلحة في أحد الأجنحة؛ فقد أنكرت شاهدة أمام محكمة السلامة الوطنية واقعة ضبط الأسلحة وهي في المكان ذاته الذي تعمل فيه وفي الوقت ذاته المدعى العثور على الأسلحة فيه ولم تشاهد أي شيء بخصوص هذا الأمر.
وتابع العرداي أن المضبوطات المعروضة لم تكن محرزة وكانت في كراتين، كما بين أن قضية احتلال مجمع السلمانية وما عرض عن توقف سيارات اسعاف لدى بعض الأبواب هو نتيجة ما تعرضت له من طلقات من قبل رجال الأمن وان صاحب نقل تلك السيارات، طالب بمبالغ نقله سيارات الاسعاف لمجمع السلمانية الطبي وانه لم يتسلمها، فقام بتسجيل تضرره من خلال صندوق التعويضات الذي أقر بتعويض المتضررين من خلال الأحداث، كما أن السجلات ومراجعات المرضى من مذاهب وطوائف وجنسيات عربية وآسيوية فندت ذلك، في الوقت الذي ذكر رئيس النيابة انه وبنظرة على تلك المستندات انها صور ضوئية من مستندات رسمية فكيف حصل عليها المحامي، هل هي من تصريح رسمي من وزارة الصحة، او ان هناك جريمة وتم الاستيلاء على تلك المستندات.
ورد العرادي على ممثل النيابة أن من الممكن ان تقوم النيابة بالبحث في الامر واتخاذ الاجراءات القانونية اللازمة، مطالبا ببراءة الكادر الطبي بعد ما فند هو وباقي المحامين كل التهم المنسوبة إلى الكادر في الوقت الذي اكدوا في تنازل النيابة عن التهم المتعلقة بحرية الرأي.
المحامي عبدالهادي القيدوم تحدث عن عدم تنفيذ قرارات محكمة السلامة الوطنية وتأخير المحكمة ذاتها عرض موكله على الطبيب الشرعي الذي تقاعس أيضا في فحص موكله وتقديم تقريره، كما تطرق لتقرير لجنة تقصي الحقائق وما وصل اليه من تعرض المتهمين للتعذيب وانتزاع اعترافاتهم، وتشويه وسائل الاعلام سمعة الكادر الطبي، وبطلان جميع الاجراءات.
كما تحدث المحامي محمد الترانجة عن موكلته بأن الشهود اكدوا قيامها بواجبها بشكل كامل، بالاضافة إلى ان المحامي عبدالجليل العرادي تحدث مناباً عن المحامي حسن رضي بأن طبيبة تم زجها في القضية بانها تعمل في مجمع السلمانية الطبي بحسب المصادر التي لا يعلم عنها أحد شيئاً وان الطبيبة لديها عيادة خاصة.
في الوقت الذي تحدث المحامي حافظ علي هما تعرض له موكلوه من تعذيب وأن أحدهم لايزال يحتاج لعلاج من قبل مختص في الخارج، كما أن موكلته تم تعذيبها وقص شعرها.
المحامي حميد الملا تقدم بمرافعة دفع من خلالها أن هذه الدعوى خص لها الاعلام المرئي والمسموع والمقروء كتلفزيون البحرين والاذاعة المحلية والصحف من المساحة ما لم يفرد لأية قضية أخرى، وتلاعب بمشاعر المواطنين بطريقة مروعة جدّاً، لافتاً إلى أن تلك الاقلام «قامت بكيل التهم جزافاً لموكلينا وعملوا وعمدوا على التشهير بهم وتشويه سمعتهم كأطباء محترمين، وأطباء شرفاء من أجل النيل منهم ومن وقفتهم الشجاعة والمقدرة في إغاثة الجرحى ومعالجة المرضى ممن يحتاج إلى علاج، حيث قام الكادر الطبي والتمريضي وطواقم الاسعاف وجميع العاملين الصحيين بأكبر الأدوار إبان أحداث فبراير/ شباط ومارس/ آذار 2011م وبذلوا جهوداً جبارة في علاج المصابين، فلهم منا كل التقدير والاحترام».
وأضاف الملا أن سجل حقوق الانسان في البحرين اصبح على المحك وبالخصوص إذا ما أخذنا في الاعتبار مدى متابعة المجتمع الدولي والمحلي للمحاكمة الجارية حاليّاً للكادر الطبي ومدى تنفيذ التوصيات الخاصة بتقرير لجنة تقصي الحقائق التي وافق على جلالة الملك وأمر بتنفيذها.
وتابع أنه بمقدار الظلم والحيف الذي لحق بالمستأنفين وجعلهم عرضة للتنكيل والتعذيب الممنهج، ما ترك لديهم آثاراً جسدية ونفسية من الصعوبة بمكان نسيانها على مدى السنوات المتبقية من أعمارهم، وهذا التعذيب الممنهج ثبت من خلال تقرير لجنة تقصي الحقائق في البند (1230) في الفقرة (ثالثاً) النتائج التي خلصت إليها اللجنة، حيث ذكر التقرير أن المعلومات التي تم الحصول عليها من مصادر مختلفة، ولاسيما أثناء المقابلات مع الأشخاص الذين ادعوا أنهم ضحايا لسوء المعاملة ولأشكال أخرى من الإساءة البدنية والنفسية أثناء وجودهم في مراكز التوقيف التابعة للدولة، إنه كان هناك أنماط معينة من السلوك التي كانت تنتهجها الأجهزة الحكومية، لم تكن هذه الأنماط موحدة باستثناء ما يتعلق بسوء المعاملة مع فئات معينة من الموقوفين بما في ذلك بعض أفراد الطاقم الطبي الذين القي القبض عليهم بتهم مرتبطة بأحداث مجمع السلمانية الطبي والشخصيات السياسية الأربعة عشر الذين كانوا موقوفين في سجن القرين. وكان الغرض في الكثير من هذه الحالات هو الحصول على إفادات أو اعترافات تجرم أولئك الأشخاص المقبوض عليهم وفي حالات أخرى، كان الغرض المقصود من الحصول على إفادات من بعض هؤلاء الأشخاص هو استخدامها ضد أشخاص آخرين ينتمون إلى الجماعة نفسها.
واستند الملا إلى ما ورد في تقرير تقصي الحقائق في عدة فقرات اذ بين أن ما ورد في الفقرة (847) من تقرير لجنة تقصي الحقائق: أن «قوات الأمن قامت بتنفيذ مجموعة من عمليات القبض داخل المجمع، كما أساءت معاملة بعض الأفراد، بما في ذلك أعضاء الطاقم الطبي»، كما ورد في الفقرة (694) من التقرير ذاته: «تم احتجاز 64 طبيباً، ومن بين هؤلاء تم احتجاز 62 شخصاً في مكان غير معلوم، وتم إخلاء سبيل 13 شخصاً فيما بعد من دون توجيه أي اتهام لهم، بينما تمت إحالة 51 شخصاً للمحاكمة»، كما ان الفقرة (1235) من التقرير ذاته نصت على «ألقي القبض على معظم الموقوفين على يد قوات الأمن دون تقديم أمر القبض الخاص بهم إليهم، وأن العديد من الموقوفين تم احتجازهم لأسابيع وأحياناً شهوراً دون السماح لهم بالاتصال بالعالم الخارجي، وأنه لم تكن هناك أية وسيلة للاتصال بالمحامين لفترات طويلة، والتي كانت تمتد أحياناً حتى يوم المحاكمة».
وذكر الملا أما الفقرة (1204) ففيها العجب العجاب من صنوف التعذيب الذي لم يحدث في أية دولة من دول العالم المتحضر، والذي جاء في نصها «وقد قدم الموقوفون أيضاً ادعاءات بأنهم تعرضوا للإساءات مع الكلاب، وتعريضهم لمحاكاة مشاهد تنفيذ الحكم بالإعدام، وإجبارهم على أخذ حبوب دوائية مع عدم معرفة محتواها. وقد سادت هذه الادعاءات تحديدًا بين الموقوفين السياسيين الأربعة عشر. وقد ادعى أحد أفراد الطاقم الطبي المتهمين بأنه أُجبر على أكل بُرازه».
كما نوه الملا إلى أننا نبين أن كثيراً من أفراد الطاقم الطبي والتمريضي لولا عناية الله لأصبحوا في عداد الموتى، وخصوصاً إذا ما أخذنا في الاعتبار أن هنالك خمس حالات وفاة ترجع إلى التعرض للتعذيب، ثلاث منها وقعت عندما كان المتوفون موقوفين في سجن الحوض الجاف بوزارة الداخلية كما هو وارد بالفقرة (873) من تقرير لجنة تقصي الحقائق.
وتطرق الملا إلى ما بينه خبراء لجنة تقصي الحقائق في فحص موكليه وما بينوا من أصابات نتجت من جراء التعذيب، مفيداً الملا بأن مملكة البحرين صدقت على مجموعة من المعاهدات والاتفاقيات الدولية وأصبحت جزءاً من قانونها المحلي، وقد خالفت سلطة الاتهام كل ما وقعت عليه المملكة من هذه الاتفاقيات كالإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية واتفاقية مناهضة التعذيب. هذا إلى جانب دستور المملكة والقوانين المحلية، فالمادة (19) من الدستور البند (د) تنص على أنه «لا يعرض أي إنسان للتعذيب المادي أو المعنوي أو للإغراء أو للمعاملة الحاطة بالكرامة، ويحدد القانون عقاب من يفعل ذلك، كما يبطل كل قول أو اعتراف يثبت صدوره تحت وطأة التعذيب أو بالإغراء أو لتلك المعاملة أو التهديد بأي منها».
وأضاف كما أن المادة (20) من الدستور في البند (ج) نصت على أن «المتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية، تؤمن له فيها الضمانات الضرورية لممارسة حق الدفاع في جميع مراحل التحقيق والمحاكمة وفقاً للقانون».
وأفصح الملا أن العدل من أسمى الغايات في هذا الكون، وهو معنى مطلق لا يقبل التسبيه أو التأويل، ولا يخضع للتقديرات الشخصية أو السياسية أو العرقية أو المذهبية، فالعدل لدى كل البشر سواء وحقيقة مطلقة، وعند أهل القضاء هو الحقيقة التي يقدسونها ويبذلون في سبيل إقرارها الغالي والنفيس، وهذا ما يدفعنا لأن نعرض عليكم دفاعنا ونـحن على ثقة بعدالتكم.
وأردف لما كان دفاع المستأنفين يعلم تمام العلم مدى حرص المحكمة على تحقيق العدالة، كما يعلم أنها مهمة صعبة قد كلفكم الله بها – وخاصة في أمثال هذه القضايا الشائكة والمعقدة إن جاز التعبير – فإنكم قادرون عليها بما لكم من حسن بصر وسعة بصيرة، وحتى يكون دفاعنا محدداً؛ فإن الدفاع يؤكد على أنه في رحاب عدالة محكمتكم يجد أن خير مدافع عن المستأنفين جميعاً هو ضمير العدالة، وما أعطى الله للهيئة من قدرة على إقامة العدل والإنصاف، وإننا على ثقة بأن محكمتكم ستقيم ميزان العدل والحق.
كما دفع المحامي حميد الملا بعده دفوعاً تمثلت في رفض الاستنئاف المقدم من النيابة العامة، والدفع ببطلان القبض على المستأنفين وما ترتب عليه من إجراءات، والدفع ببطلان تحقيقات النيابة العامة لعدم حضور المحامي الموكل مع المستأنفين خلافاً للمادة (20) من الدستور، كما دفع الملا ببطلان الاعتراف المنسوب صدوره للمستأنفين، وإنعدام الدليل بالدعوى.
وافاد الملا بعدما تنازلت النيابة العامة عن الاعتراف؛ أصبحت الدعوى خالية من الدليل القانوني المعتبر والذي يصلح دليلاً للإدانة وذلك أن الأدلة التي تمسكت بها النيابة العامة من بينها الصور والفيديوهات، وهنا يجب التأكيد على أن ظهور أحد المستأنفين في هذه الصورة أو الفيديوهات، لا يعد دليلاً على ارتكاب الجرائم الموجهة لهم، ذلك أن تواجدهم إنما هو لسبب مشروع كونهم في محل عملهم وخاصة أن أياً من هذه الصور لم تظهر المستأنفين يرتكبون أية مخالفة قانونية.
ولفت إلى ان من الأهمية بمكان التأكيد على أن تلك الصور والفيديوهات قطعت بيقين ببراءة المستأنفين من جريمة احتجاز الآسيويين، ذلك أن من ضمن الفيديوهات المقدمة ما حوى صوراً للشرطي المدعى بخطفه وإحتجازه، ولم تكن هناك أية قيود عليه ولم يكن بجواره حراسه كما ينسب إلى المستأنفين، بل قدمت له الإسعافات الأولية ويظهر ذلك من وجود ضمادات على رأسه ومغذ في يده.
واختتم الملا مذكرته طالبًا في الشكل قبول الاستئناف المقدم من المستأنفين شكلاً لاستيفائه شروطه القانونية، ورفض الاستنئاف المقدم من النيابة العامة لخلوه من الأسباب القانونية، وقبل الفصل في الموضوع تنفيذ قرارات المحكمة التي لم يتم تنفيذها والتي نفذت بشكل غير صحيح أو غير كامل وهي: ضم الملفات الطبية الأصلية المتعلقة بالكشف على المستأنفين وعلاجهم أثناء فترة توقيفهم سواء في إدارة البحث الجنائي أو في السجون، ضم التقارير الطبية الأصلية الصادرة من الأطباء الشرعيين التابعين إلى لجنة تقصي الحقائق والممهورة بتوقيع هؤلاء الأطباء، ووقف الاستئناف إلى حين البت في شكاوى التعذيب المرفوعة من المستأنفين أمام النيابة العامة لارتباطها الوثيق بموضوع الاستئناف، والاستجابة للطلبات التي سبق تقديمها لعدالة المحكمة من الدفاع، والمتعلقة ببينات الاستئناف والواردة في صدر هذه المذكرة.
وفي موضوع الدعوى أصلياً الحكم بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجدداً ببراءة المستأنفين.
واعترض المحامون في نهاية الجلسة عندما تقدمت النيابة بمذكرتها، مطالبين بنسخة منها وأنها تعد مخالفة للقانون، كما اصر المحامون على طلباتهم وأبرزها الغاء حكم الادانة والقضاء ببراءة الكادر الطبي وعدم قبول استئناف النيابة.
—————————————————————————«الاستئنافية العليا» تستكمل محاكمة المتهمين باحتلال السلمانية
المنامة – بنا
استكملت المحكمة الاستئنافية العليا في جلستها التي انعقدت أمس الخميس (10 مايو/ أيار 2012) محاكمة المتهمين في قضية احتلال مجمع السلمانية الطبي، حيث استمعت إلى مرافعة الدفاع، فيما سبق أن أبدت النيابة العامة مرافعتها التي تضمنت شرحاً تفصيليّاً لوقائع القضية وللأفعال المادية التي وقعت من المتهمين وأدوارهم في الجرائم المسندة إليهم، وبياناً لمظاهر سيطرتهم وهيمنتهم على مجمع السلمانية الطبي خلال الأحداث، وتحكمهم في كل مقوماته المادية بمنأى عن سلطة الدولة، وتحويله إلى مكان لاحتجاز المختطفين من الآسيويين ورجال الشرطة، فضلاً عن الحيلولة دون تلقي المواطنين العلاج بالمستشفى بشكل اعتيادي، إما بامتناعهم عن علاج فئة معينة من المترددين أو بمنعهم تماماً من دخول المستشفى أو حتى الوصول إليه، مستعينين في ذلك بالأعداد الغفيرة من المتظاهرين الذين مكنوهم من الاعتصام في المستشفى للاستقواء بهم في تنفيذ مخططهم.
كما استعرضت النيابة في مرافعتها الأدلة التي قطعت بارتكاب المتهمين جريمة احتلال مبنى المستشفى بالقوة، وما لحقها ووقع في ظلها من جرائم أخرى، واستندت في هذا الصدد إلى أقوال الشهود سواء بالتحقيقات أو التي أدلي بها أمام المحكمة، وكذلك ما تم ضبطه بالمستشفى من الأدوات التي اعتمد عليها المتهمون في السيطرة على المجمع بالقوة، والتقارير الفنية الخاصة بفحص هذه المضبوطات.
وفي ذلك، ذكرت النيابة أن المتهمين خانوا الأمانة ونسوا عهدهم، وتناسوا رسالتهم التي سخروها لتحقيق أغراض سادتهم وحولوا المستشفى إلى سجن يحتجزون فيه من يختطفه هؤلاء، مستغلين غياب الأمن، فعاثوا فساداً وتجبراً منتحلين شجاعة زائفة وبطولات وهمية اصطنعوها من خيالهم المريض، وما أن استتب الأمن حتى تخلت عنهم شجاعتهم المزعومة وسقطت عنهم أقنعتهم، وما بقي لكل منهم سوى الفرار بجريمته والتنصل من وهم بطولته، فخاب مسعاهم وردت عليهم مقاصدهم، فكان لابد للقانون أن ينتصر، ويقتص منهم جراء ما اقترفت أيديهم من جرائم، وما اجترحوه في حق بلدهم ومجتمعهم.
واختتمت النيابة مرافعتها بطلب إنزال العقوبة المناسبة بالمتهمين.
صحيفة الوسط البحرينية – العدد 3534 – الجمعة 11 مايو 2012م الموافق 20 جمادى الآخرة 1433هـ