حسن المدحوب
يقول ائتلاف جمعيات الفاتح أن لديه مبادرة سيقدمها لحل الأزمة في البحرين، ومع احترامنا الشديد له، نتوقع أنها مبادرة ميتة قبل أن تولد.
حكمنا هذا، لا يأتي من باب الرجم بالغيب، أو بسبب سوء الظن، ولكننا نعتقد، أن حجم المبادرة المنتظرة لن يكون بحجم حتى 10 في المئة من حجم الأزمة العاصفة في البلاد.
مرد اعتقادنا، أو حتى جزمنا، هو تراكم متابعاتنا لحراك ائتلاف الفاتح وحتى الحكومة وقوى المعارضة في ملف الحوار الوطني، الذي انطلق منذ ثمانية أشهر (فبراير/ شباط 2013)، ولم نشعر فيه لحظة أن هناك جدية لدى كل الأطراف في إنجاح هذا الحوار، الذي من المؤكد أنه لم يخطُ ولا خطوةً واحدةً إلى الأمام طوال هذه الأشهر المتراكمة.
ليعذرنا ائتلاف الفاتح أن نسأله، كيف له أن يقدّم مبادرة ناجحة لانتشال البحرين من أزمتها، وهو كان على مدى أشهر رافضاً تماماً، وأظنه مايزال، لمجرد اللقاء بقوى المعارضة، ومن لا يرغب في مجرد اللقاء هل سيكون قادراً على ما هو أكبر من ذلك؟
ائتلاف الفاتح، كما الحكومة، يرون أن الحل الأمني هو الطريق الأصوب لمعالجة الأزمة في البلاد، لذلك نجد تغولاً واضحاً في التوسّع في استخدام هذا الحل، في حين أنه لا الحكومة ولا حتى ائتلاف الفاتح، يؤمنان أن أي حوار، وأية مصالحة، تحتاج إلى أرضية تقوم على إبداء حسن النوايا بشكل عملي، وليس بمجرد التصريحات التي لا تسمن ولا تغني من جوع!
ائتلاف الفاتح، كما الحكومة، لا يجدان داعياً لتهيئة الظروف والمناخ السياسي في البلاد للمصالحة، ويريان أن المعارضة البحرينية شر مطلق، لا يمكن أن يأتي الخير منه، وبالتالي فلا مجال للتعاطي معه إلا بالحديد والنار، والمحصلة التي نجدها في هذا التفكير أن جراحات الناس وآلامهم تزداد يوماً بعد يوم.
لا أحد يعتبر قوى المعارضة ملائكةً، ولا حتى مناصريهم، ولكننا نجد أن هناك مطالب وطنية مشروعة، لم تأتِ بين ليلة وضحاها، بل تراكمت طوال عقود طوال، وقدم البحرينيون في سبيل تحقيقها الكثير من التضحيات، ومن واجب كلّ هذا الشعب أن يؤمن أن التمييز والطائفية وحملات الكراهية وإزهاق الأرواح وهدم المساجد وعمليات الفصل من الأعمال على الهوية والانتماء الطائفي هي الشر المطلق الذي يجب أن يتبرأ منه الجميع.
مشكلتنا في البحرين، بالإضافة إلى غياب الإرادة السياسية في حل أزمتنا السياسية، وخصوصاً لدى السلطة، أن كل الأطراف تعاني من مشكلة غياب الثقة في بعضها البعض. الحكومة لا تثق في المعارضة، والمعارضة بالعكس، والائتلاف لا يثق في المعارضة، وكذا دواليك، والنتيجة أن كل البحرينيين، باتوا لا ينتظرون الكثير من أية مبادرة تزعم أية جهة أنها ستكون قادرةً على إراحة البلاد والعباد.
لسنا ممن يخوّنون البحرينيين، ولسنا من دعاة الكراهية والحقد، ولكننا ممن يؤمنون أن البحرينيين يستحقون أن تتحقّق لهم ديمقراطية حقيقية تنهي كل أشكال التفرقة والطائفية والتمييز، وتحقّق العدالة والإنصاف لكل المواطنين، وأية مبادرة لا تحقّق ذلك، فلن تعدو كونها حبراً على ورق!