حسن المدحوب
حالنا مع الحكومة فيما يخص قرارات رفع الدعم عن اللحوم أولاً ثم عن الكهرباء والماء والبنزين ثانياً وثالثاً ورابعاً، يشبه حال ماري انطوانيت زوجة آخر ملوك فرنسا لويس السادس عشر، التي قالت لشعبها الذي لم يكن يملك ما يسد به رمقه «إذا لم يكن هناك خبزٌ للفقراء…دعهم يأكلون كعكاً»!
الحكومة تعدنا بالكعك بدلاً من الخبز، أو بعبارة واقعية تعدنا بمبالغ نقدية بدلاً من اللحم، تصور يحتاج إلى أن يضحك المواطن قليلاً على تفاصيله، ويحزن كثيراً، ليس لأن الحكومة قررت رفع الدعم عن مواد أساسية في حياة الناس، بل لأن الحكومة تعامل البحرينيين بمثل هذه الطريقة.
حكومتنا الموقرة، التي تدير أموالنا، نحن البحرينيين، وضعت لكل فرد يزيد عمره على 15 عاماً تعويضًا قدره 3.5 دنانير شهريّاً، ومن هو أقل 2.5 دينار، وميزت رب الأسرة رجلاً كان أم امرأة بإعطائه 5 دنانير، أهكذا «تثمنون» شعبكم يا حكومتنا؟!
أنتم تقدمون هذه المبالغ الزهيدة للبحرينيين، وتعلمون أنهم لن يرفضوها، والسبب تعرفونه جيداً، أن الكل «مطحون»، ولكن هل يقبل وزير من الوزراء أو نائب أو عضو شورى أن يحصل هو على تعويض من أي نوعٍ تبلغ قيمته 3 أو 5 دنانير؟، طبعًا لا، وهل يقبل كل هؤلاء أن تطولهم قرارات التقشف وشد الأحزمة؟، هذا ما نتمناه جميعاً.
نتمنى أن نجد الحكومة الحريصة على أموال الشعب، تبادر لتقليص حفلاتها، وتوقف كل التجاوزات التي يعج بها تقرير ديوان الرقابة المالية، ونتمنى أن تعلن الحكومة، الأمينة على أموال الأمة، تقليص امتيازات وزرائها وتقاعدهم، وتقدم إلى البرلمان مشروع قانون لتقليص مكافآت وعلاوات النواب والشوريين، وقتها يمكن أن نصدق أن الحكومة تريد فعلاً وحقيقة أن ترشّد إنفاقها.
من غير اللائق أن تبدأ الحكومة بعصر فقراء شعبها، ومن غير الصحيح أن تبدأ بقوت يومهم وموادهم الأساسية، اليوم سترفعون الدعم عن اللحوم وغدًا عن الكهرباء والماء، وبعده عن البنزين، فهل تريدون أن تزيدوا هذا الشعب فقرًا على فقر، وتعبًا على تعب؟
على حكومتنا الموقرة أن تري الناس خطوات ملموسة تجاه كل النفقات المترهلة في وزاراتها ومؤسساتها، فليس ذنب الناس أنها فشلت في تنويع مصادر دخلها، وظلت طوال كل هذه السنوات تعتمد على النفط، وليس ذنب الناس أن ملايين الدنانير تهدر في تجاوزات مالية وإدارية حكومية يتحدث عنها تقرير ديوان الرقابة سنويًّا.
البحرينيون لم يشعروا بسنوات الرخاء، ولم يشركوا في خيراتها، عندما كان النفط مرتفعًا، والآن تريدون أن تبدأوا بعصرهم وزيادة معاناتهم وآلامهم مع أول طلة لسنوات القحط، والله الساتر من استمرار هذا القحط سنين أخرى!
إذا كانت الحكومة الموقرة تريد أن تري العالم أنها تقدم إجراءات حقيقية لتقليص النفقات، فلتخرج كل ملفات الفساد والتجاوزات إلى العلن وتقدمها إلى القضاء، ولتعلن الحكومة مبادرة وطنية لتقليص كل نفقاتها بما في ذلك نفقات الوزراء والمسئولين والنواب وأعضاء مجلسي الشورى وتقاعدهم جميعاً، فإما أن يكون اللحم للكل أو «مفيش لحمة» على الكل.