لا ندري لماذا تلاحق الولايات المتحدة الأمريكية الشقيقة العربية سوريا في مسألة البرنامج النووي السوري؟ وهل المعلومات التي ترددها واشنطن صحيحة؟ أم أنها مجرد معلومات مغلوطة وأكاذيب مفبركة حول سوريا؟ وهل هناك نية واشنطونية سوداء تجاه سوريا؟ أم أن ذاك سلسلة أمريكية متتابعة أعدها الكيان الصهيوني وينفذها جرذان البيت الأبيض؟ نحن على يقين بأن الولايات المتحدة الأمريكية لا تلاحق سوريا على أنها جبهة عربية عتيدة في المواجهة العربية – الصهيونية، لأن زمن المواجهة العربية زال بإحتلال العراق قبل 2003م، ولا لأن سوريا العربية حليفة مخلصة لإيران، فليس هناك أي عداء بين الولايات المتحدة الأمريكية وبين إيران، ولا لأن سوريا حمى العراق وتنطلق منه المقاومة العراقية التي أرقت القوات الأمريكية المحتلة بشراً وعتاداً، وذلك لأن العراق وسوريا كانا متناقضين في الفكر والرؤية والأهداف، وليس لأن سوريا تدعم ميليشيات حزب الله ويده الطولى في لبنان، إذًا، لماذا هذا الترويج الأمريكي المحموم نحو سوريا؟
لقد صارت الاتهامات الأمريكية التي توزعها على دول العالم ومن بينها الأقطار العربية هي الوجبة الرئيسية اليومية لواشنطون، هذه الدولة التي ناصبت العداء كل دولة في العالم لا تخضع لقرارات أمريكا ولا تخنع لإملاءاتها، وأصبحت هذه الاتهامات العصا التي "تؤدب" بها تلك الدول التي تسميها "المارقة" – أي الخارجة عن إرادتها واملاءاتها – وهو موقف غير جديد بل هو متأصل في أدبيات السياسة الأمريكية وأجندتها اليومية. ومع ذلك، فإننا كعرب لا نستطيع أن نقف موقف المتفرج إزاء هذا التسلط الأمريكي البغيض تجاه الشقيقة سوريا، ولا يمكننا أن نقف يوماً واحداً بل لحظة واحدة مع الاجتهاد والأضاليل الأمريكية التي تُساق إلينا عبر الفضائيات والصحف العربية التي وجدت لتترجم الأجندة الأمريكية عربياً، ولا يمكننا أن نرضى أن تشوه الولايات المتحدة الأمريكية أقطارنا العربية. وقلمنا أنظف من أن يكون مع هذا الطريق بل هو طريقٌ مشبوه وغير موضوعي وعاجز عن ترجمة موقفه الوطني القومي الصحيح، فهو طريق ذو مستوى متدن من الخطاب الذي يحملُ في طياته كل معاني الحقد والكراهية والارتهان للأجنبي. ان موقفنا مع سوريا لا يعني الرضا بمواقفها، فسوريا وشعبها يعيشون الكثير من المتاعب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية، ومع ذلك لا يجعلنا أن نقف في الجبهة الأمريكية المعادية لعروبتنا وديانتنا وسيادة أقطارنا وحقها الطبيعي في العيش بسلام بعيداً عن الهيمنة والتسلط والتبعية، وذلك انطلاقاً من إيماننا بعروبتنا واعتزازاً بهويتنا الوطنية القومية، وحرصاً على التمسك بهذا النهج القومي المتضامن مع سوريا. لقد بدأت جوقة الأكاذيب السياسية – الإعلامية الأمريكية عزفها بالآلات والأعتدة القاتلة في العراق، حصاراً وعدوناً واحتلالاً، وتعمدت تجاهل كل المواقف العربية الرسمية منها والشعبية، ومواقف الدول الأجنبية والمنظمات الدولية، التي أكدت صدق مواقف العراق. واليوم جاء دور سوريا، وغداً يأتي دور باقي الأقطار العربية، هذه الأقطار التي (للأسف) يستقبل رؤساؤها ومسئولو حكوماتها ووزراؤها يومياً قيادات البيت الأبيض السياسية والعسكرية والمدنية والمهنية. وهذا إن دل على شيء فإنما يدلُ على النيات الأمريكية الشيطانية تجاه أقطارنا العربية، وخذلان أولئك المتحكمين في مقدرات الأرض العربية.
إن التداعيات التدميرية من قتل وحرائق في أقطارنا العربية، ومسار الطائفية المقيتة التي تنطلق روائحه النتنة من شوارعنا الجريح هي نتيجة حتمية لهذا الانجراف وراء هذه المواقف ومسايرة الخطاب الأمريكي الكاذب، فأصبح بذلك الشهيد قاتلاً، والمقاوم إرهابياً، والمطالبة بالحق عُنفاً. إن الدفاع عن عروبة وسيادة الأقطار العربية يبدأ أولاً بالدفاع عن الأراضي العربية المحتلة بدءاً من العراق وفلسطين والأحواز وغيرها من البقاع العربية التي تحتلها أنظمة لا تضمر الخير والاستقرار لأرضنا العربية. إذًا الأهداف الأمريكية – الصهيونية واضحة جداً، وهي استراتيجية اعتمدها البيت الأبيض لتنفيذ مآربه في وطننا العربي، وليس ضد سوريا فقط بل تشمل هذه الأهداف جميع الأقطار العربية. وبإذنه تعالى ستكون المقاومة العربية في العراق ولبنان وفلسطين وفي الصومال والأحواز وفي كل جزءٍ عربي محتل بالمرصاد لهذه الأهداف، وستمزق هذه الاستراتيجية إربا إربا، وستجبر إدارات الغطرسة على التخلي عن سياساتها ومواقفها، وستظل البنادق العربية مرفوعة صوب تلك الأهداف، دفاعاً عن الحق والعدالة والسلام، ومهما تفنن الأعداء في طبخ أطباقهم المسمومة، ومهما مارسوا من الضغوط، ومهما كان حجم إعلام بضاعتهم الفاسدة، فستكون المقاومة العربية لها بالمرصاد، يساندها الشعب العربي الواعي لقضيته والمدرك لدوره العروبي بجهاده النبيل وبحسه الصادق.
© جمعية التجمع القومي الديمقراطي 2023. Design and developed by Hami Multimedia.