منصور الجمري
انتشرت في الفترة الأخيرة ظاهرة غير حسنة تتمثَّل في استعراض بعض الأشخاص غير البحرينيين بطولاتهم وكأنَّ البحرين أصبحت متاعهم الخاص. والأسوأ من ذلك أنَّ بعضهم يتخصص في النَّيل من فئة كبيرة من أهل البحرين وذلك تحقيقاً لمصالح ذاتيَّة.
بعض هؤلاء أصبحوا يتحدثون وكأنَّهم أصحاب البلد، وبعضهم يقول إنه يمثِّل الأجانب الذين يزيد عددهم على البحرينيين، وإنَّ على أهل البحرين أن يأخذوا برأيه في شئونهم الدَّاخليَّة.
هناك أيضاً نشاطات تثير الانتباه، مثل الدعوة إلى فعاليات، بما يوحي بأنَّ البحرين أصبحت بقيادتهم، وأنَّهم هم الذين يمثِّلون الأكثريَّة، ويجب أن تكون لهم الكلمة في الشأن العام. هذا الحديث طرح في البداية من باب المناكفة السياسيَّة، لكنَّه تحوَّل إلى شيء آخر، ومستقبله لن يعود بنفع على من يشجعه حاليّاً… فالوطن لا يحمل همّه ولا يضحي من أجله سوى من كانت له صلة انتماء ووجدان ومصير، وهذه ارتبطت بالضمير الإنساني، وهي أمور ليست سلعة معروضة للبيع والشراء.
إنَّ البشر ليسوا بضاعة قابلة للاستبدال أو الإهمال، كما أنَّ الوطن هو الوطن، ولا يمكن معالجة مشكلاته عبر البحث عمّن يتودد إليه سعياً إلى مطامح معينة. فالإمام الشافعي يقول: «ما حكَّ جلدك مثل ظفرك… فتولَّ أنت جميع أمرك»، بمعنى أنه مهما تكن هناك من استعراضات من خارج أهل البحرين، فإن الأمر سيعود إلى أهل البحرين في نهاية الأمر.
إنَّ الانتماء إلى أي بلد يعني التضحية من أجله، وليس الاستفادة على حساب مشاكل أهله، كما أنَّ خدمة المجتمع هي من أقدس المهمات، وإصلاح ذات البين يتطلب «الإخلاص» و»التَّطوع»، والسعي من أجل خلق حالة الثِّقة بين أهل البلد، وبذل الجهود النَّابعة من حبِّ أهل البلد بهدف المساعدة في تحقيق التماسك المجتمعي داخل القرية والبلدة والمدينة والوطن ككل… وهذا كله يفترض صفات محددة لمن يتصدى لهذا الأمر، وليس كل من هبَّ ودبَّ… وفوق هذا وذاك فإنه لن يحُكَّ جلدك مثل ظفرك.