عقيل ميرزا
«أثبتت التحقيقات في أحداث 2011 تعرض الكثير من الموقوفين للتعذيب ولأشكال أخرى من الانتهاكات البدنية والنفسية داخل محبسهم، الأمر الذي دلّ على وجود أنماط سلوكية معيّنة تقوم بها بعض الجهات الحكومية تجاه فئات بعينها من الموقوفين».
«إن حجم وطبيعة سوء المعاملة النفسية والبدنية يدل على ممارسة متعمدة كانت تستهدف في بعض الحالات انتزاع اعترافات وإفادات بالإكراه، بينما كانت تستهدف في حالات أخرى العقاب والانتقام من الأشخاص».
«وكان من بين الأساليب الأكثر شيوعاً لإساءة معاملة الموقوفين تعصيب العينين، تكبيل اليدين، الإجبار على الوقوف لفترات طويلة، الضرب المبرح، اللكم، الضرب بخراطيم مطاطة وأسلاك كهربائية على القدم و«الفلقة»، والضرب بالسياط وقضبان معدنية وخشبية وأشياء أخرى، والصعق بالكهرباء والحرمان من النوم، والتعريض لدرجات حرارة شديدة، والاعتداءات اللفظية والتهديد بالاغتصاب، وإهانة الطائفة الدينية».
الفقرات السابقة ليست لكاتب صفوي، ولا لخطيب إرهابي، ولا لمحرض مغرض، ولا لمواطن خائن، ولكنها فقرات اقتطعت نصّاً من كلمة البروفيسور محمود شريف بسيوني على الهواء مباشرة يوم الأربعاء (23 نوفمبر/ تشرين الثاني 2011) في حفل تسليم تقرير لجنة تقصي الحقائق التي أمر بتشكيلها جلالة الملك.
بعد نحو 500 يوم من عمر هذا التقرير، وبعد أن أصبحت لدينا وزارة حقوق إنسان «أد الدنيا»، صار المقرر الخاص بالتعذيب غير قادر على زيارة البحرين، لأسباب لم يفصح عنها المسئولون الذين يلهجون بـ «الشفافية» ليل نهار، وقد عرفنا الأسباب من خارج الحدود، ومن وراء المحيطات وكأننا في بداية التاريخ.
بعد نحو 500 يوم على إطلاق تقرير بسيوني المشتمل على 500 صفحة، نجد أنفسنا لانزال في وضع لا يسمح لمقرر التعذيب بزيارة البحرين، إذاً ماذا كنا نفعل طوال تلك الأيام السالفة بالتوصيات الخاصة بذلك، أم أننا نحتاج إلى 500 عام وليس يوم حتى نصبح في وضع مطمئن يسمح لنا بالترحيب بمقرر التعذيب وغيره.
هل نفهم أن إلغاء زيارة مقرر التعذيب جاء بسبب عدم جدوى التدريب الذي أوصى به بسيوني لقوات الأمن لكي «تلتزم بتنفيذ مواد واتفاقيات حقوق الإنسان»، أم أن هذه القوات تحتاج إلى مزيد من التدريب وخصوصاً بعد تزايد الشكاوى والمشاهد المسجلة لحوادث سوء المعاملة وانتهاك حقوق الإنسان حتى في 2013؟!
وكما بدأنا ببسيوني من الجيد أن نختم به أيضاً؛ فقد طالب في تقريره بـ «وضع آلية مستقلة ومحايدة لمساءلة المسئولين الحكوميين الذين ارتكبوا أعمالاً مخالفة للقانون أو تسببوا بإهمالهم في حالات القتل والتعذيب وسوء معاملة المدنيين، وذلك بقصد اتخاذ إجراءات قانونية وتأديبية ضد هؤلاء الأشخاص بمن فيهم ذوو المناصب القيادية مدنيين كانوا أم عسكريين، والذي يثبت انطباق مبدأ مسئولية القادة عليهم».
أعتقد أن الأهم من زيارة مقرر التعذيب أن نشعر يوماً ما بأننا في وضع لا نخشى فيه من زيارة أي وفد دولي، وأول الطريق إلى ذلك هو تنفيذ توصيات بسيوني، وتوصيات جنيف.