مالك عبدالله
يعتقد البعض من واقع تفكيره الذي حبس نفسه فيه أن كل ما تقوم به الحكومة في أي بلد إنما هو عطية ومنة منها على أفراد الشعب، فتراه يسهب ويتحدث عن أن الحكومة أعطت وأعطت وقدمت على نفقتها، وكأن ما تقوم به هو منة منها أو عطية من عندها أو من عند أي شخص آخر.
الحكومة كما هو الجهاز الحكومي بأكمله هم موظفون من المفترض أنهم موكلون من قبل الشعب لإدارة البلد والمال العام بما يتوافق مع العدالة والإنصاف والكفاءة وفق معايير واضحة لا تبعد عن الإنسانية التي لا يمكن فصلها عن العدالة. فالحكومة وأعضاؤها يتقاضون في كل مكان رواتب على ما يقومون به، وفي دولنا العربية تحصل هذه الحكومات على أكثر مما تستحق من الرواتب والمكافآت، وفي الكثير منها يفسد المفسدون دون اي رادع أو محاسب.
فإن قدم الوزير خدمة فهو قدمها مقابل راتب يحصل عليه، نعم من لم يشكر المخلوق لم يشكر الخالق، ولكن الشكر من باب أداء الخدمة بالكفاءة والأمانة والاخلاص وليس لمجرد أدائها لأنه أداها مقابل راتب، فكما يقوم عامل البلدية التابعة لوزارة البلديات بالخدمة مقابل راتب شهري، فإن وزير تلك الوزارة يقوم بعمله مقابل راتب يتسلمه من خزينة الدولة والتي هي في الواقع خزينة الشعب ومال الشعب.
ليس من مسئوليتنا إن كان هؤلاء لا يعرفون أن المال والثروة والأرض هي ملك للشعب كل الشعب، منحهم الله إياها وسيحاسبهم عنها إذا ما فرطوا فيها أو تساهلوا في إداراته، وتركوها لسراق المال العام يلعبون فيها، وفي البحرين يمتلئ تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية بالمخالفات والفساد، ولكن «نسمع جعجعة ولا نرى طحناً»، كما أن لجان التحقيق كشفت عن مصائب لو جلست النيابة العامة والمحاكم تنظر فيها لما انتهت منها بعد عشر سنوات أو أكثر، وأوضح تلك المصائب والفساد هو ما كشفتها لجنة التحقيق في أملاك الدولة العامة والخاصة.
وأعتقد أن هؤلاء الذين يحملون هذا التفكير يظنون أن كل هذا الفساد هو من ضمن عطايا الحكومة للشعب لذلك لا يمكن المس به، وجزء منهم مستفيدون من هذا الفساد لذلك هم يطبلون ويزمرون له، ظنا منهم أن دوام الحال شيء حقيقي، إلا أن «دوام الحال من المحال»، خصوصا إذا ما كان هذا الحال هو فساد.
صحيفة الوسط البحرينية – العدد 3535 – السبت 12 مايو 2012م الموافق 21 جمادى الآخرة 1433هـ