مالك عبدالله
ينشد الجميع في أي أرض السلام والمحبة، ومن أجل أن يعم السلام والمحبة لابد من الثواب والعقاب، ونظمت الشرائع السماوية مسألة العقاب والثواب تنظيماً كاملاً خصوصاً في الشريعة الإسلامية. كما وضع الإنسان قوانين وضعية يحاول من خلالها تنظيم الثواب والعقاب من أجل ضبط المجتمع، وردع أي إنسان تسول له نفسه ارتكاب الجريمة.
وهذه القوانين تكون محترمة عندما تكون نصوصها عادلة وواضحة ومتوافق عليها، فضلاً عن أن تطبيقها يتم بعدالة تامة وبالمساواة بين الجميع، وهنا تأتي العبارة التي تتردد كثيراً «القانون فوق الجميع»، وهذه العبارة هي عبارة مستهلكة ليس لها أية قيمة في عالمنا العربي، لأن القانون هو ما يريده المتنفذون فقط لا غير، أما باقي المواطنين فيصفهم الحاكم الجرذ الذي قبض عليه في مكان الجرذان بأنهم «جرذان»، أو كما وصفهم حاكم سرير المرض بـ «العملاء للخارج».
فالفقير الجائع الذي لا يجد ما يأكله يمكن أن يعدم لو سرق بيضة أو قطعة خبز لسد جوعه، بينما لا يمكن أن تحاسب الهوامير والحيتان لو التهموا الأرض بمن عليها، وهذا ليس تبرير للسرقة أبداً ولكن وصفٌ لحال المواطنين في العالم العربي والإسلامي.
وهنا في وطننا الحبيب البحرين، ما أكثر ما يتغنى الوزراء والمسئولون بأن القانون فوق الجميع، والجميع سواسية، والقانون والقانون…، لكن ذلك القانون يهرب أمام تطبيقه على المتنفذين، فضلاً عن أن تطبيق القوانين هذا إذا كانت نصوصها متفقاً عليها وعادلة لا يتم بشكل صحيح وعادل.
فلو كان القانون فوق الجميع، هل كانت الانتهاكات التي ذكرها تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق ستحصل؟ وهل سيتم هدم المساجد وإرعاب الناس واستخدام القوة والتعذيب حتى الموت كما ذكر التقرير نفسه؟
أي قانون عادل ومتفق عليه، يمكن أن يقبل به العقل والضمير، يحول مسجداً مثل مسجد الأمير محمد البربغي الموجود على الأرض في البحرين قبل تأسيس وزارة العدل أو حتى إدارتي الأوقاف إلى مكان لم يخصص كمسجد، وأن تحول الأرض التي يقع فيها إلى ملكية خاصة؟ أي قانون هذا الذي يلغي الوقفية الشرعية والمسجدية الموجودة منذ عشرات بل مئات السنين، وهل بعد هذا سنقول، القانون فوق الجميع؟
لو كان القانون فوق الجميع، فهل كان المواطنون سيفصلون من أعمالهم وتقطع أرزاقهم؟ ولا يعود بعضهم لأعمالهم حتى بعد التوجيهات وتثبيت أن فصلهم غير قانوني.
لو كان القانون فوق الجميع، هل ستتحول السواحل والأراضي لملكيات خاصة والمواطنون يبحثون عن سكن أو منفذ للتنفس؟ وهل ستسحب الرمال بمليارات الدنانير والجميع يتفرج دون أن يوقف هذا النزيف في الأموال العامة؟
لو كان القانون فوق الجميع، فهل سيتجرأ البعض على سب طائفة ورموزها الدينية بألفاظ قبيحة قذرة؟ إنما تدل على قذارة نفسه وروحه.
فلو كان القانون فوق الجميع، فأين المنتهكون والمسئولون الذين ثبت تقرير بسيوني انتهاكم لكل محرمات المواطنين؟ وأين محاكمة المتسببين في هدر المال العام والذين غص بمخالفتهم تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية؟
نتمنى أن يكون القانون فوق الجميع بنصوصه العادلة المتوافق عليها، وأن يكون التطبيق عادلاً وبشكل متساوٍ.