هاني الفردان
في العام الماضي واليوم ذاته الموافق 12 فبراير نشرت مقالي بعنوان "ماذا نريد في 14 فبراير" فلخصت فيه حقيقة مطالب الشعب البحريني الذي لم يخرج بعد، ولم تنطلق ثورته، كانت مطالب طبيعية تحاكي التطورات الإنسانية لا تزيد في أي شيء عمّا يعيشه الآخرون.
وها أنا أعيد تلك المطالب التي مر عليها عام كامل، قدم فيه الشعب نحو 63 شهيداً، ومئات الجرحى والمعتقلين وآلاف المفصولين والمحرومين.
كان سؤالي في ذلك اليوم، ماذا نريد في 14 فبراير؟
وكان الجواب أيضاً في ذلك اليوم.
نريد حياة سياسية حقيقة يكون فيها الشعب وحده مصدر السلطات والتشريع.
نريد دستوراً عقدياً يضعه الشعب، ويتفق عليه، يكون هو الفيصل والحاكم في علاقة الحاكم بالمحكوم.
نريد انتخابات حقيقة عادلة تقوم على أسس عادلة وتوزيع دوائر يتساوى فيها كل فرد بحريني بأصواتهم.
نريد تمثيلاً حقيقاً لا يكون فيه التخوين دائماً سمة تلتصق بنا عندما نخرج لنطالب بحقنا.
نريد مجلساً نيابياً يعكس حقيقة تركيبة الشعب البحريني، لا تكون فيه الأكثرية أقلية ولا الأقلية أكثرية.
نريد حكومة منتخبة مشكلة من كفاءات لا من "ولاءات".
نريد محاربة الفساد ووقف نهب الخيرات، وتوزيعاً عادلاً للثروات.
نريد وقف المحسوبيات، ومنع التوظيف بحسب الانتماءات، وفتح كل القطاعات وخصوصاً العسكرية أمام كل أفراد الشعب.
نريد وقف التجنيس العشوائي السياسي، الذي زاد من الأعباء على الخدمات وضيق الخناق على الشعب.
نريد حرية حقيقة من دون قانون "الإرهاب" و "التجمعات".
نريد حرية حقيقة للإعلام وفتح الباب أمام الجميع بالتعبير عن آرائهم بحرية وبلا خوف.
نريد الأمن في القرى والمدن وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين وتبييض السجون، ووقف يد البطش والتعذيب والترهيب.
نريد حلولاً حقيقية لمشاكل البطالة، والإسكان، والتعليم، والصحة.
نريد أن تكون "الشرطة في خدمة الشعب"، نريد أن يكون الجيش من الشعب.
هذا بحق ما كنا نريده في ذلك الوقت، ولم نفكر يوماً في إسقاط النظام، كما يتخيل للكثيرين، ولا نريد السيطرة على الحكم، ولا نريد كراسي ومقاعد هنا أو هناك، نريد أن نكون شعباً يعيش بكرامة وحقوق.
ولكن بعد عام يتجدد السؤال، ولكن بصورة مختلفة، وهو لماذا 14 فبراير؟ وماذا تريدون الآن؟
14 فبراير، لأنه أصبح يوم الشعب بعد أن كان يوم السلطة، فأصبح يوم تحريره من قبضة الخوف، والسكون، ويوم رسم خط جديد لمسيرة البحرين، فما قبله لن يكون أبداً كيومه، ولن يكون ما قبله ويومه كبعده.
يوم 14 فبراير أصبح الخط الفاصل بين زمنين زمن العبودية وزمن الحرية، ولم يعد الإنسان البحريني بعده كما كان قبله، فالكل تغير، بلا رجعة.
لا تراجع… لا تنازل… ولا تباطؤ… فالحراك مستمر والاحتجاج قائم، إما الكرامة الكاملة، وإما التظاهرات الدائمة، لا خيار آخر، ولا سبيل لغير ذلك إلا الاستمرار.
ماذا نريد بعد عام؟
أضف لكل ذلك الذي قلته قبل عام، فقد بات إسقاط الحكومة ونظامها أساساً لا رجعة عنه أبداً.
مازالت أتذكر ذلك البرنامج التلفزيوني الذي لم يبثه تلفزيون البحرين أبداً وكان برفقتي الدكتور العظيم علي فخرو والزميل محمد مطر بضيافة الإعلامية وفاء العام، مع من كانوا يمثلون لسان النظام، فكانت الكلمة واضحة، لن نصافح يداً تلطخت بدماء شعبنا، لن نقبل بها، وستزول عاجلاً أم أجلاً وستحاكم علناً اليوم أو غداً.
لا مجال ولا حوار من دون رموز وقيادات المعارضة المعتقلة، ولا استكانة وأخ أو أخت لنا في السجون.
لا عفو عمّن قتل، عذب، سرق، وكذب، وساهم بكلمة في ظلم إنسان.
لا مصالحة مع من رأى أننا غنائم حرب، في الوظائف، أو سرقة المنازل، أو في نقاط التفتيش.
لا تنازل عن محاكمة المسئولين الكبار عن كل الجرائم.
لن نترك الساحات، ولن نعود لمنازلنا، ما لم تتحقق مطالبا.
فأهلاً بك يوم مجدنا وعزتنا وكرامتنا وشرفنا ووطنيتنا، أهلاً بك يوم استقلالنا من العبودية.