حسن المدحوب
الأمر بكل وضوح وبالخط العريض، نعم: الحكومة لا تريد توظيف الجامعيين البحرينيين العاطلين، ودعونا نتحدث قليلاً بلغة الأرقام، فوفقاً لإحصاءات رسمية، فعدد موظفي الحكومة الذين يحملون شهادات أقل من الشهادة الجامعية يبلغون 67 في المئة، أي أن قرابة ثلث موظفي الحكومة فقط هم من حملة البكالوريوس، وبقية الثلثين هم ممن يحملون شهادات أدنى من ذلك.
إذا كانت الأرقام في العام 2014 تتحدث عن وجود 48 ألف موظف عمومي، فإن من المفترض أن هناك 32 ألف موظف يحملون شهادات الثانوية وربما الإعدادية.
لو أرادت الحكومة أن تحل موضوع العاطلين الجامعيين، لفعلت ذلك خلال عامٍ واحد، فهؤلاء العاطلون لا يشكّلون حتى 5 في المئة من عدد الموظفين الذين يحملون شهادات ثانوية وإعدادية.
كذلك، فالكثير من العاطلين الجامعيين متخرجون من الجامعة الوطنية للبحرين (جامعة البحرين) وبدرجة امتياز وخصوصاً الإناث منهم، ولكنهم يرسبون في امتحانات التوظيف وخصوصاً في وزارة التربية والتعليم التي تعتبر المستقبل الأكبر للجامعيين، أو يقبعون على قائمة الانتظار لأنهم لم يحصلوا على أفضل النتائج كما تقول. لذلك نحتاج أن توضّح الحكومة أو حتى ديوان الخدمة المدنية ما هي الإجراءات التي قامت بها من أجل إعادة تأهيل هؤلاء البحرينيين والبحرينيات من أجل شغل الوظائف الحكومية، ألن يكون ذلك أقل كلفةً للحكومة من التعاقد مع موظفين أجانب، مع كامل احترامنا لكل العاملين منهم. السبب بسيط جداً وواضح، الحكومة لا تريد توظيف هؤلاء المواطنين البحرينيين الخريجين!
تقول الحكومة إنها ليست ملزمةً بتوظيف الجامعيين العاطلين في وزاراتها ومؤسساتها وهيئاتها، ربما يساندها في ذلك القانون الذي وضعته هي، ولكننا نقول لها إنها ملزمةٌ بتوظيفهم، هي ملزمةٌ أخلاقياً بذلك، هؤلاء الجامعيون مواطنون بحرينيون وهم بشر من لحم ودم ومشاعر، أفنوا شبابهم في الدراسة وطلب العلم من أجل مستقبل أفضل لهم ولأسرهم ولخدمة وطنهم، ومن حقهم على الحكومة أن تحفر في الصخر من أجل أن توجد لهم الوظيفة الكريمة اللائقة.
وقد تقول الحكومة، ووزارة العمل تحديداً، إنها تعرض وظائف على الجامعيين العاطلين، ولكن فتح هذا الموضوع فيه مساسٌ بمشاعر هؤلاء البحرينيين الجامعيين العاطلين، فهل يعتبر العمل في صالون نسائي أو مصنع أو شركة يمتد دوامها حتى الساعة الثامنة مساءً، وظيفة مناسبة أو لائقة أو محترمة لجامعية عاطلة؟ وهل يقبل من يعرض هذه الوظيفة على هؤلاء أن يعرضها على ابنه أو ابنته الجامعية؟
من المخجل أن نكون دولة خليجية ونفطية ولكنها دولة تمتلك طوابير طويلة من الجامعيين العاطلين، وأما التحجج بنقص الموازنات أو الاعتمادات المالية فهو حديثٌ واهٍ، فهي تصرف مئات الآلاف من الدنانير على حفلةٍ تُقام في يوم واحد، ولكنها لا تريد أن توفر اعتمادات أقل من مصاريف تلك الحفلات من أجل مستقبل هؤلاء الجامعيين وأسرهم.
نستطيع بعشرات الحجج والشواهد، أن نثبت أن الحكومة لا تريد لمشكلة الجامعيين العاطلين أن تنتهي أو أن توجد لها حلولٌ سليمة تحفظ كرامة أبنائها وبناتها البحرينيين والبحرينيات. نعرف إذاً أن الحكومة لا تريد أن توجد الحل لهم، ولكن يبقى السؤال الأهم: لماذا لا تريد ذلك؟