بقلم : محمود القصاب
فى الظروف الراهنة الصعبة التى تواجهها جمعية العمل الوطنى (وعد) وما تتعرض له من حملات إعلامية غير مسبوقة فى قسوتها وشراستها ، فى أعقاب رفع وزارة العدل والشوؤن الاسلامية والاوقاف دعوة تطالب فيها بحل هذه الجمعية ،وقد حدد يوم الاثنين السابع عشر من ابريل الجارى موعداً للجلسة التى سوف تنظر فى هذة القضية .
ويلاحظ انه مع اقتراب هذا الموعد تزداد حملات التحريض ضد الجمعية وضد قادتها وكوادرها فى محاولة للنيل من مواقفها الوطنية
عبر اللجوء الى كل ما هو متاح وغير متاح من المخزون الردئ فى قواميس القدح والشتم التى تفيض بها بعض الكتابات الصحفية المتحاملة ومايتم تداوله فى اجهزة التواصل الاجتماعي ،على الرغم من ان القضية قد أصبحت فى يد القضاء صاحب قول الفصل فيها.
فى مثل هذه الظروف نقول: ان المسؤولية الوطنية والأخلاقية تفرض علينا قول كلمة حق وانصاف وتسجيل موقف للتاريخ من اجل وعد، فقيمة اى كلمة تكمن فى توقيتها وأهدافها ومسؤوليتها ، وليس هناك أفضل وأوجب من هذا الوقت لإظهار الموقف التضامنى الحقيقى مع الإخوة فى وعد شركاؤنا فى العمل السياسى والهم الوطنى
وكما يقال :ان الكلمة هى مستودع الضمائر وكاشفة لمكنون السرائر .
نحن اذا فى تفاعلنا مع هذة القضية الوطنية امام خياران لا ثالث لهما : اما ان نكون مع مشروع الإصلاح السياسى والديمقراطي فى البلاد ، وبالتالي مع استمرار واستقامة العمل السياسى الوطنى الذى تمثل وعد فيه جزءً اصيلاً ، او نكون مع محاولات افشال المشروع والقضاء على مرتكزاته ،لذلك كان خيارنا ان نكون مع المسار الصحيح من وجهة نظر المصلحة العليا للبلاد .
ان جمعية وعد هى اول تنظيم سياسى وطنى خاض غمار التجربة السياسة العلنية بعد اعلان المشروع الاصلاحى لجلالة الملك ،وقد جاءت ولادته من رحم قوى المجتمع البحريني فى إطار التشريعات والقوانين القائمة ، ليكون مع القوى الوطنية الاخرى رافداً من روافد العمل الوطنى على طريق تعزيز النهج الديمقراطي وتكريس العمل السياسى الحضارى ونشر مبادئ حقوق الانسان ،مثل العدالة والمساواة وبناء دولة القانون واحترام التعددية السياسية والفكرية.
فهل تحاكم وعد لانها اختارت ان تكون مع هذه القيم ،؟ وان تكون امينة مع التزاماتها الوطنية كجمعية سياسية وطنية معارضة ؟
فهذه الجمعية لها أهدافها ومواقفها الوطنية المعلنة والمطروحة للقاصى والدانى وليس فيها ما هو مخفً ، وقد سجلها تاريخ العمل السياسي والنضالى فى العديد من المحطات المفصلية و حفظتها ادبيات ووثائق هذا التنظيم وكان يتصدرها الدفاع عن حقوق ومصالح المواطنيين دون اى اعتبار لأنتماءتهم المذهبية او العرقية لأنه تنظيم عابر للطوائف و مؤمن بالقيم الحضارية والإنسانية وبالدولة المدنية ،كما أنه متمسك بالعمل السياسى السلمى الرافض لكل أشكال العنف والتطرف والغُلو ، ولَه مواقفه الصريحة والقاطعة فى ادانة الارهارب بكل صوره
وكان صوته صادحاً فى الدفاع عن المرأة والشباب والعمال ورفض التمييز والفساد الادارى والمالى ، وغيرها من القضايا المتعلقة بالحريات العامة وحرية الرأى والتعبير والصحافة
قد نتفق او نختلف مع بعض مواقف وعد فى معالجتها لهذه المسالة او تلك ، وتكون لدينا بعض الملاحظات هنا وهناك على طريقة تعاطيها مع بعض الملفات والاحداث ،لكن ليس بمقدور احد ان يشكك فى منطلقاتها الوطنية والقومية التى باتت تمثل جزءً حيوياً وهاماً من الرصيد التاريخي للحركة الو طنية البحرينية ، وعلامة مضيئة فى تاريخ الوطن ؟
لذلك نقول: أنه مهما حصل ، ومهما كان الوضع الذى ستكون عليه وعد ،فإنها ستبقى فى وجدان وضمائر الناس ، لانها استطاعت بعطائها وتضحياتها وبتراثها النضالي ان تبرهن وتؤكد انحيازها التام والمطلق الى جانب هؤلاء الناس فى كل الظروف والاوقات.
من هنا نحن نتمنى ان تكون هناك استجابة الى صوت ورغبات هؤلاء الناس والتجاوب مع أمنياتهم وتطلعاتهم فى بقاء واستمرار هذا التنظيم الوطنى ، لان محاكمة وعد هى محاكمة للعمل السياسى الوطنى وانهاء وجودها إنهاء للتجربة السياسية برمتها.