د. أحمد العنيسي
كثرت نسبة أعداد المتقاعدين من مهنة التعليم التي كانت تعتبر من أشرف المهن وأرقاها اقتصاديا واجتماعيا، ولكن تزايد التقاعد من المهنة أصبح جلي ومثير في الأونة الأخيرة، مما جعل بعض المتتبعين والمختصين النظر في سبب زيادة المتقدمين، لا سيما في العشر سنوات الماضية وتحديدا
السنتين الماضيتين.
كتبت نائبة رئيس جمعية المعلمين البحرينية الاستاذة جليلة السلمان بعض التغريدات، لخصت فيها كثير من الاسباب الرئيسية، التي جعلت نسبة تقاعد المعلميين تتزايد، ولكن هناك اسباب اخرى مهمة ايضا يجب ان تصل لادارات التعليم العام بشكل خاص والى وكلاء الوزارة ووزير التربية والتعليم بشكل عام.
مع ان الاسباب كثيرة ومتعددة، إلا أننا سنتطرق لما هو بعتبر أهم الأسباب وهي كالتالي: ١- جدول المعلمين الاسبوعي الذي يعادل ما بين ٤-٥ حصص يوميا بما يعادل ٢٠ حصة اسبوعيا. ٢- متابعة نظام التحسين والجودة، الذي يتطلب الكثير من الجهد والتفرغ للمعلم لتحسين الدروس، مع وجود نفس النصاب مِن عدد الحصص أعلاه . وجود هذا الكم من عدد الحصص، لم يجعل المعلم أن يتفرغ للصلاة والفطور فكيف باستطاعته تحسين التعليم. ٣- عدم احترام المدرس من قبل الطلاب والعلاقة الفوقية غير المبنية على الاحترام المتبادل بين ادارات التعليم العام والمعلمين. ٤- فرض كثير من المتطلبات والأعباء على المعلم، ومن غير استشارته أو الحوار معه كونه محور العملية التعليمية، الى درجة عدم تحمله المزيد من الواجبات. ٥- انحسار الحوافز وتكريس التمييز المقيت. ٦- زيادة الدوام المدرسي، مقارنة بدول الخليج واخرها خبر دولة قطر تخفض الدوام المدرسي. ٧- تغيير المناهج ومتطلباتها بين فترة واخرى، مرة باستخدام التعليم الألكترونية، وأخرى باستخدام السبورة الذكية. لا نختلف عن تطوير التعليم باستخدام التكنولوجيا الحديثة أو البوربينت، ولكن هذا لا يمكن تحقيقه مع وجود 20 حصة اسبوعيا. وكذلك لايمكن تحقيق ذلك مع منهج محشو بالمادة والمعلومات الذي يتطلب من هذا المعلم أن يكمله في فترة محددة. ٨- عدم التشاور بين ادارات التعليم والمعلمين والنظر لمشاكلهم وتحقيق بعض متطلبات المعلمين ( محور أو ميدان العملية التعليمية) ، لكن ما يحدث العكس تنزل على رؤوسهم أوامر غير قابلة للتطبيق في ظل عدم تفرغ المعلم آنفة الذكر. ٩- تقليص الإجازة المدرسية مقارنة ببعض دول المنطقة. ١٠- قلة الحوار والعلاقة المتبادلة المشابة بعدم الاحترام للمعلم بين بعض ادارات المدارس ومنتسبي الوزارة، مما يجعل المعلم غير منجذب للعملية التعليمية ومتطلباتها.
11- نظرة المعلمين لتجاوزهم في كثير من قضايا التعليم، وتكريس الظلم والتمييز في الحوافز والترقيات مما جعل هذه المهنة غير جاذبة أيضا كونها لا تعتمد الكفاءة العلمية والمؤهلات للترقيات.
ما استخلصناه، الهدف منه تجاوزه ووضع الحلول لمشاكل المعلم والتعليم في هذا البلد العزيز، ولا يعتقد أحد أننا نبالغ فيما نقول، ولكن هذه الحقيقة التي انلسعنا بها قبل غيرنا، لهذا يجب العمل على وضع الخطط المناسبة لتصبح هذه المهنة مبجلة وجاذبة كما كانت بالسابق إن أردنا اصلاح التعليم الذي كان من ضمن أهدا رؤية مملكة البحرين لسنة 2030.
قبل الختام، نحن من خوفنا على التعليم دفعنا لتوضيح الأسباب الرئيسية في تقاعد الكثير من المعلمين، وهناك قائمة طويلة تنتظر التقاعد عندما يتحقق لهم اكمال السنوات المطلوبة للتقاعد، اذا لم تتحسن هذه الأسباب لا سيما في عدد الحصص الاسبوعية، التي لا تتناسب مع متطلبات التعليم الالكتروني أوالسبورة الذكية وتحسين التعليم، وتقليل المناهج المحشوة بالدروس المتشعبة، هذه الاستراتيجيات مهمة جدا لتحسين التعليم ، ونفتخر بها ونؤكد على أنها تحسن التعليم، ولكن لا تتوافق مع نصاب الحصص الاسبوعية التي يحاضرها المعلم.
نختم المقال، متمنين أن ينظر للأسباب بحرفية، لا بتحريفها وفق أهواء وأدمغة غير متخصصة في المجال التعليمي، والنظر لها أيضا، بحس وطني خالص، ونحن نقول في النهاية: صدِيقك من صَدَقك لا مَن صَدَّقك.
والله من وراء القصد.