مريم الشروقي
لكَ الله يا وطني! فبعد أن ضُرِبت بك الأمثال في تسامح شعبك، ووقوفهم صّفاً واحداً مع بعضهم البعض، وبعدما حَسَدنا القاصي والداني على التعايش والعيش جنباً إلى جنب، نجدك اليوم تعاني من أبنائك، وتعاني من تقسيم الأهل والأحباب، وليس هذا فقط، بل وتعاني الأمرّين من بدء الفتنة بين طائفتي المجتمع.
نعتقد بأنّ هناك عدداً لا بأس به من المواطنين ممّن شاهد الفيديو المنشور على «اليوتيوب»، حول الطريقة التي دخل بها بعض المؤجّجين واستحوذوا على برّادات 24 ساعة، وقاموا بتخريبها وسرقوا بعض محتوياتها أمام مرأى بعض عناصر الشرطة، وقد كان تعجّبنا من عناصر الشرطة أكثر من تعجّبنا لمن خرّب وأتلف!
فالشرطة في البحرين معهودٌ عنهم التميّز، وإقامة الأمن والعدالة، ولم يُعهد في تاريخهم الجليل الماضي مساعدة المخرّبين، أو التغاضي عنهم، بما يؤثر حتى على صورة بقيّة عناصر الشرطة ممّن لم يشاركوا في هذا الموقف.
إننا نستهجن ما حدث في دوّار ألبا وفي برّادات 24 ساعة، ونبارك لمن أجّج وحرّض، ونقول له اليوم اسعد بما قمت به من عمل مذل، فأنتَ مُحاسبٌ يوم القيامة على إشعال فتنة سيذخرها لك التاريخ.
ما الفائدة من تخريب برّادات 24 ساعة؟ أهو ردّة فعل كما قيل من قبل البعض، أم تصعيد للموقف الحالي حتى لا يكون هناك مجال لتعديل الوضع من خلال الحوار؟ أم هي العزّة بالإثم؟ إن ما شاهدناه من مناظر في هذا الحدث، مؤلم ومخزٍ لنا كمواطنين، فأين الشرف مما حدث في تلك الليلة؟
لستُ مدافعة عن المخرّبين أينما حلّوا، ولا أجد مبرّراً لما حدث في تلك الليلة، ولا حتى أجدُ مبرّراً لما يحدث في الشوارع العامة من حرق للإطارات، ولكني كنت أتمنى أن تتعامل الشرطة مع حادثة دوّار ألبا كما تعاملت مع المخرّبين في الشوارع العامة، وهذا هو الميزان الصحيح.
رسالةٌ لكل مخرّب يكره وطنه ولا يحب أمنه ولا استقراره ولا سياسة الاصلاح لدى قادته، بأن يتوقّف عن الأعمال الصبيانية الخبيثة التي لا تفيد، بل تضر المجتمع بأكمله، وتضر وطننا «البحرين»، ولا تجلب لنا إلا زيادة دمار أكثر من الكارثة الرئيسية التي حلّت بنا، فالأمور لن ترجع إلى طبيعتها ولو استمرت هذه الأعمال سنوات، بل إنّكم ستزيدون الطين بلة، وستعملون على زيادة الطائفية والتأجيج والتقسيم وخراب البحرين، فأرجوكم ثمّ أرجوكم انتبهوا لما تقومون به، فقد لا تعون خطر المصيبة التي ستحدث بعد الانفلات.
نطالب وزير الداخلية الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة بفتح ملف تحقيق بكل شفافية، فيما رأيناه حول المتورطين في هذا الحادث المؤلم، فإذا كانت الأخطاء تصدر من رجال حفظ الأمن والقانون فإنّنا نقول على الدنيا السلام؛ لأنّ رجل القانون هو من يبسط الأمن ويقيم العدالة، ولا يكون هو أوّل المخرّبين.