هاني الفردان
من لا يريد المصالحة؟
من يسعى للتأزيم؟
من يعقد الأمور؟
من هو الذي يقول شيئاً ويفعل عكسه؟
ومن يضع العصا في العجلة؟
هي أسئلة نطرحها، لنبحث في مضمونها، وخصوصاً أنها دائماً ما توجه للمعارضة من قبل المسئولين على أنها الوحيدة التي تعرقل أي خطى إصلاحية يمكن أن تخرج البلد من النفق المظلم الذي تسير فيه.
خرج وزير يتهم المعارضة بعرقلة الخطوات الإصلاحية، و "تكرار لأخطائها السابقة"، والسؤال أليس الإصرار على تسريح الموظفين في الوقت الراهن هو أيضاً تكرار يا سعادة الوزير للأخطاء السابقة؟ بل إصرار عليها وتجاوز لكل توصيات تقرير اللجنة البحرينية لتقصي الحقائق، وتوجيهات عاهل البلاد؟
سعادة الوزير، هل فصل الموظف لأنه شارك في مسيرة واعتصام وطالب بحقه السياسي، وعبر عن رأيه وقناعاته، لا يمكن أن يعد ضمن إطار التأزيم والتصعيد وجر البلد للمنزلق الخطير؟ أم فقط رفض المعارضة للدخول في "اللجنة الوطنية" هو المنزلق الخطير، وهو التأزيم والتصعيد، وهو الخيانة والانتكاسة وضَعْ ما شئت من أوصاف.
معذرة سعادة الوزير، الحل قبل كل شيء بيدك أنت، وفي مؤسستك أوقف التسريحات، وأرجع المسرحين، وأعطِهم حقهم الكامل، ومن ثم أبدأ بمطالبة غيرك بالتحرك نحو التصحيح.
معذرة سعادة الوزير فاقد الشيء لا يعطيه أبداً، ولا يمكن أن تؤخذ النصيحة ممن لا يعمل بها، ولا يؤمن بنجاعتها وقدرتها على الحل.
معذرة سعادة الوزير، لاتزال وزارتك تسرح الموظفين، ولأسباب مخالفة للدستور الإنساني قبل كل شيء، وللدستور الذي أقسمت عليه، وللحق الذي تنادي به، وللمبادئ التي ترى أنك تسير عليها، وللمشروع الإصلاحي الذي تؤمن بها.
سعادة الوزير لا أعتقد أن منظر اعتصام العمال أمام وزارة العمل وأطفالهم وأسرهم وهو يرفعون الخبز يعجبك، ولا يعكس الصورة الحضارية لبلد غني كالبحرين، ولا يمكن لهذا المنظر أن يساعد في تخطي أزمة، فمع استمرار التسريح سيبقى البلد متأزماً، متواتراً، لقمة العيش فيه محاربة، فلا تلمْ من سيحارب من أجل الحفاظ على لقمة عيشه وقبل ذلك كرامته.
أوقف التسريح في وزارتك، حاسب المسئولين عن ذلك، أرجع المسرحين، وأضمن حق كل موظف تحت رعايتك، فكلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته، قبل أن تنتقد الآخرين وتهاجمهم، وتتهمهم بتكرار الأخطاء السابقة.
هذا الكلام لا أوجهه لوزير واحد فقط، ولكن لجملة من الوزراء، الذين نراهم يتشدقون هناك وهناك ويقفزون هنا وهناك وراء المايكروفونات والكاميرات لانتقاد المعارضة فقط ومهاجمتها.
هذا الكلام موجه للمسئول الأول عن العمال في البحرين، وقبل أن تطالب الشركات بإرجاع المسرحين وتنفيذ توصيات لجنة التحقيق، أرجع المفصولين في وزارتك، لتكون أنت بذلك المثل الحسن الذي يقتدى به، ويسار على خطاه، لا تطالب غيرك بشيء أنت غير قادر على فعله.
لحظة من فضلك سعادة الوزير وفي أي وزارة كنت، الإصلاح والتغيير يبدأ من باب مكتبك.