بسم الله الرحمن الرحيم
أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة
وحدة حرية إشتراكية
يا جماهير أمتنا العربية المجيدة
أيها الصامدون على أرض الرافدين
أيها المناضلون في الأمة…. أيها الأحرار في العالم
تمر ذكرى ثورة 17 – 30 تموز عام 1968 المجيدة وقد دخل العراق مرحلة جديدة في المواجهة التاريخية لحسم معركة تحريره، وها هي قوات الاحتلال تنسحب إلى خارج المدن مؤكدة هزيمتها أمام هجمات المقاومة العراقية الباسلة. نعم تمر ذكرى هذه الثورة العظيمة التي استطاعت تحقيق أهداف شعب العراق الوطنية والقومية والاجتماعية، بنقل العراق نقلة نوعية، حولته من قطر متخلف تسود فيه الأمية والفقر في أوساط حوالي 80% من سكانه، وتغزوه شبكات التجسس الإقليمية والدولية، إلى مركز تقدم يمثل نموذجا لمشروع النهضة القومية للأمة العربية، مما جعله هدفا للتآمر والمواجهة والتصدي الحاقد من قبل أعداء الثورة والنهضة والتقدم والوحدة ليس في العراق بل في الإقليم والعالم…. فكانت سلسلة المؤامرات المتتابعة والمتعاظمة والخبيثة ضد ثورة البعث المجيدة، ابتداء من محاولات التخريب الداخلي المختلفة والمبرمجة من قبل تحالف قوى الردة والتآمر المكثف داخليا وخارجيا، وانتهاءً بغزوه وتدميره، هذه المؤامرات المكثفة الحاقدة تؤكد بما لا يقبل الشك على أن المشروع القومي النهضوي للبعث والذي بدأ يعطي ثماره لأول مرة في التاريخ العربي الحديث، هو الذي حشد تلك التحالفات المتناقضة، إقليمية، ودولية، وعربية، ضد نظام البعث الوطني والقومي والإسلامي ومشروعه الحضاري الكبير، وقد اتضح الآن لدى القاصي والداني أن القوى الاستعمارية الكبرى كأمريكا وبريطانيا، وربيبتهما الصهيونية العالمية كانت وما تزال، لا تتحمل وجود نظام وطني وقومي واضح الهوية والهدف في تعامله مع الحاضر والمستقبل في سياق مشروعه النهضوي الحضاري الكبير الذي يمثل طموح الإنسان العربي وأمانيه الوطنية والقومية.
أيها المقاومون يا اسود الرافدين أيها الشامخون في الأمة.
يا من تصنعون لأمتكم فجرا جديدا وتعيدون للتاريخ العربي اعتباره.
إنكم تعلمون وتعون إن تلك القوى الاستعمارية التي تواجهونها اليوم في الميدان كانت وما تزال محكومة في حساباتها بمعيار الربح والمكاسب الإستراتيجية وليس نشر دعوات إنسانية، أو ما يسمى بالإصلاحات السياسية وشعارات حقوق الإنسان والديمقراطية كما تدعي، إذ بات واضحا أن المعركة دارت وتدور بين مشروعين حضاريين، المشروع النهضوي التحرري العربي والمشروع الاستعماري التوسعي والاستيطاني وإستراتيجيتهم التي تتحكم بمنهجهم في التعامل مع قضايانا الوطنية والقومية.
أيها الأحرار في الأمة والعالم.
ياعشاق الحرية والتقدم
إن من ينظر الآن إلى تجربة البعث في العراق خلال 35 عاماً من حكمه قبل احتلاله، يلاحظ بلا أي غموض أن إنجازات البعث العظيمة في مختلف المجالات هي التي أوحت لتلك القوى الإمبريالية والصهيونية وحليفتهما الإقليمية الرئيسية إيران اتخاذ قرار شن سلسلة حروب على نظام البعث من أجل إسقاط تجربته التاريخية ومحاصرة أهدافه وعرقلة دوره وتعطيل مسيرته الوطنية والقومية، لإدراكهم الواضح أن البديل الحاضر أمامهم هو استمرار تطور وترسخ وتوسع تجربة النهضة القومية العربية في العراق والذي سيشجع الأقطار العربية الأخرى، بفضل نجاح تجربة العراق، كسر قيود التجزئة والتخلف والسير على طريق التنمية المستقلة وتحقيق وحدة الأمة العربية وتقدمها العلمي والتكنولوجي وتحرير الشعب العربي من الفقر والتخلف والاضطهاد. وأمام هذه المواجهة الواضحة لا بد لنا في هذه المناسبة التاريخية من التذكير بما حققته من المنجزات العظيمة التي أخافت قوى التخلف وأرعبت قوى الاستغلال والأطماع الإقليمية والدولية، وصعدت من وتيرة التآمر على العراق الثائر ورسم الخطط لغزوه وتدميره. ومن أهم هذه المنجزات يأتي:
1- تأميم النفط الذي مثل الرسالة الأولى الخطيرة الموجَّهة للتحالف الغربي – الصهيوني، تلك الرسالة التي قالت "إن نهبكم لنفط العرب قد اقترب من نهايته الحتمية"، فالنفط هو واحد من أهم ركيزتين للمصالح الاستعمارية الصهيونية، وهما (أمن النفط) و(أمن إسرائيل) ولذا فإن تأميم النفط قد عُد من قبل الغرب الاستعماري بمثابة بدء حرب شاملة.
2 – تأكيد ثورة 17-30 تموز لهويتها القومية برفضها التام التفريط بحقوق الشعب الفلسطيني في أرضه، إذ وقفت ضد التسويات الاستسلامية، لذلك وجدت الصهيونية في نظام البعث العدو الأخطر، كما أكدت كل مواقف ووثائق الكيان الصهيوني. وتكمن أهمية هذا الموقف القومي للبعث في أنه جاء في ذروة الإعداد لتصفية القضية الفلسطينية بعد عدوان 1967 وطرح مشروع روجرز وتبني مجلس الأمن قرار 242 القاضي بما أسماه (الأرض مقابل السلام).
3 – ازدياد جنون القوى الغربية الاستعمارية والصهيونية وحليفتها إيران بعد أن سخرت موارد النفط الضخمة لتحرير الشعب العراقي من الفقر والأمية والتخلف والمرض، ونجاحه في بناء مجتمع متحرر من الأمراض التقليدية وامتلاكه كادراً متميزا يتألف من مئات الآلاف من العلماء والمهندسين والخبراء، مما جعل شعب العراق، بعيشه الكريم والمرفَّه من خلال العدالة والمساواة وسيادة القانون ودولة النظام والمؤسسات التي اتسعت لجميع أبناء العراق، وهو ما جعله يشكل أنموذجا جذابا للعرب وغير العرب من عشاق الحرية والعدالة والمساواة والأمن والاستقرار، فكان ذلك تطوراً نوعيا يبشر بتغييرات جذرية تمتد إشعاعاتها في الوطن العربي تشجع جماهير الأمة وقواها الحية للتحرر من الظلم والاستغلال الداخلي والخارجي والنهب للثروات من قبل الإمبريالية.
4- نجاح البعث في إعادة بناء جيش العراق بصورة جذرية حولته إلى واحد من أهم جيوش العالم، فبعد أن كان يتألف من (4) فرق أصبح يتألف من (70) فرقة، وإن خطورة هذا التحول في بنية القوات المسلحة العراقية لا تقتصر على التعاظم الكمي بل الأهم انه كان تحولاً نوعياً تمثل في امتلاك الجيش العراقي، بعد دحر العدوان الإيراني الذي استمر 8 أعوام، تجارب وخبرات عسكرية متميزة في العالم.
5 – بعد أن كان في العراق جامعتان فقط قبل الثورة أصبحت لديه عشرات الجامعات، وصار في كل محافظة أكثر من جامعة.
6- شروع ثورة 17-30 تموز فوراً بتقديم الدعم المتنوع والخبرات الفنية للأشقاء العرب المحتاجين في الحقول المختلفة، فانتقل العراق الجديد حينئذ من حل مشاكل التخلف والتنمية لديه إلى محاولة مساعدة الأشقاء على حلها.
7- حسم موضوع التمرد الكردي المسلح بالاعتراف القانوني والفعلي بالقومية الكردية وإقامة الحكم الذاتي في شمال العراق، مسقطا كل الحجج التي كانت تساق لمواصلة التمرد المسلح، الذي أنهك الدولة والمجتمع بل وفتح ثغرة تآمرية ليس على العراق وحده بل على الأمة العربية، مكنت الكيانين الصهيوني والإيراني من التفنن في توسيع دائرة التآمر على الأمة العربية والوحدة العربية.
8- إقامة الجبهة الوطنية التقدمية من أجل إنهاء الصراعات بين القوى السياسية العراقية وتوحيد جهودها من أجل بناء عراق مستقر ومزدهر داخل محيط الأمة العربية والشعوب الإسلامية.
9- تحرير ثورة 17-30 تموز، للمرأة العراقية والاعتراف رسمياً وفعلياً بحقوقها وتمكينها من احتلال مواقع متقدمة في كل مفاصل الدولة والحزب.
10- جعل التعليم والطب والخدمات الأساسية مجانية أو شبه مجانية، فتحرر المجتمع من شبح المرض والفقر والأمية. بل استطاع العراق أن يقضي على الأمية بشهادة الهيئات المختصة للأمم المتحدة.
أيها المناضلون في الأمة
إن هذه الإنجازات العظيمة تؤيد وتدلل بلا أدنى شك أن حزبنا في العراق كان قد تجاوز كل الخطوط الحمر التي وضعتها القوى الاستعمارية لإبقاء تخلف العرب وضعفهم وتبعيتهم للغرب والصهيونية، لذلك كان من الطبيعي أن تتحد كل هذه القوى، وأن تنظم إليها إيران الصفوية التي تخشى من قيام عراق قوي، لأنه يردعها ويحرمها من تحقيق مطامعها التوسعية على حساب العرب، من خلال تدمير تجربة النهضة القومية العربية الناجحة والراسخة في العراق، وإن سلسلة الحروب والأزمات التي واجهت العراق منذ مطلع السبعينات ما هي إلا محاولات متعاقبة ومترابطة من أجل إفشال تجربة البعث في العراق واغتيالها من خلال إسقاط نظامه الوطني التقدمي وتدمير منجزاته ومحاولة تعطيل مسيرته الوطنية والقومية والإنسانية.
أيها الأحرار في الأمة… أيها التقدميون في العالم
إن الغزو الذي وقع في نيسان أبريل 2003م كان تتويجاً طبيعياً ومتوقعاً لسلسلة المؤامرات والحروب والأزمات التي أشعلت حول وداخل العراق من أجل غزوه وإسقاط نظامه الوطني والتقدمي.
من هنا، وفي ضوء ما تقدم فإن صراع البعث مع التحالف الاستعماري – الصهيوني – ألصفوي الإيراني، هو بالأساس صراع بين قوى تحررية عربية أسست تجربة قومية ووطنية ناجحة هددت بانتشارها في الوطن العربي، وبين قوى تحالفت أو التقت إستراتيجياتها حول قاسم مشترك وهو إجهاض هذه التجربة من أجل منع العرب من تحقيق التقدم والوحدة، وهذه الحقيقة تفرض على كل مناهضي الإمبريالية والصهيونية في الوطن العربي والعالم، دعم البعث والمقاومة العراقية، التي كانت الرد الحاسم على الغزو، من أجل تحرير العراق وتأكيد هويته العربية- التي تحترم الأقليات وتعترف بها- وتقديم كافة أشكال الدعم لها بلا تردد وبعيداً عن عُقد الصراعات الضيقة والعربية – العربية، لأن المستهدف ليس البعث فقط بل الأمة كلها بهويتها القومية وبمصالحها الإستراتيجية وحاضر ومستقبل شعبها وأجيالها القادمة.
إن القيادة القومية إذ تغتنم هذه المناسبة التاريخية تود التذكير بأنها كانت، ومنذ المؤتمر القومي الثاني عشر في عام 1992، تدعو إلى وحدة القوى القومية والإسلامية والوطنية من أجل إحباط مؤامرات التحالف الاستعماري – الصهيوني، وبأنها بذلت وتبذل جهوداً متواصلة من أجل تحقيق هذا الهدف، إلا أن التجاوب الفعال مع هذه الدعوة كان محدوداً مع الأسف الشديد، رغم ما حصل بعد إطلاق دعوتنا، وهو غزو العراق بكل آثاره الكارثية المباشرة وبما ينطوي عليه من آثار مدمرة على الأمة العربية كلها، لذلك فان حزبنا يعيد التأكيد على ضرورة بناء الجبهة القومية الإسلامية لمواجهة تداعيات احتلال العراق، العربية والإقليمية، بموقف موحد عربي وإسلامي عام، خصوصاً الاستعداد لمتطلبات وآثار سحب قوات الاحتلال إلى خارج المدن العراقية، وما يترتب عليه من تطورات خطيرة.
إن القيادة القومية وهي تجدد دعوتها لكافة القوى الحية في الأمة لتكثيف الجهود من أجل تحقيق الوحدة لتؤكد على أهمية دعوة الرفيق المجاهد عزة إبراهيم الأمين العام لحزبنا والقائد الأعلى للقيادة العليا للجهاد والتحرير، في خطابه بمناسبة انسحاب قوات الاحتلال إلى خارج المدن، دعوته إلى بناء موقف عربي موحد شعبياً ورسمياً من أجل تسهيل عملية تحرير العراق ومنع الاحتمالات السلبية المتوقعة، مثل الدور الإيراني التخريبي في العراق، وهذه الدعوة إذ تصدر من شيخ الجهاد والمجاهدين في العراق، تفرض أهمية التعامل معها بإيجابية وجدية لما تعنيه من الأبعاد الإستراتيجية بآفاقها في الحاضر والمستقبل.
أيها البعثيون في الأمة
أيها الأبطال المقاومون على أرض الرافدين والمرابطين على أرض فلسطين الحبيبة.
إن القيادة القومية تؤكد بأن ما دفع الغزاة لغزو العراق وتدميره هو نهجه التقدمي والوطني والقومي التحرري وبناء أعظم تجربة نهضة وتقدم، ولذلك فإن الرد القومي والوطني الطبيعي هو التأكيد على النهج التحرري والتقدمي للبعث وخيار المقاومة في العراق وفلسطين، والتمسك بمبادئ البعث وأهدافه الوطنية والقومية، وتحقيق أعلى انضباط حزبي نضالي من أجل إنجاز عملية التحرير بأسرع وقت وبأقل الخسائر.
وأخيراً وليس بآخر فإن احتفائنا بذكرى ثورة 17-30 من تموز هو مناسبة لتحية ذكرى القائد الشهيد صدام حسين، ورفيقه المرحوم أحمد حسن البكر، وكل من ساهم في الثورة وتحقيق إنجازاتها التاريخية العظيمة.
تحية إجلال لسيد شهداء العصر، شهيد الأمة العربية، صدام حسين.
الرحمة والغفران للرفيق أحمد حسن البكر رحمة الله عليه ورفاقه من كوكبة 17-30 تموز.
الرحمة لشهداء ثورة 17-30 من تموز وشهداء فلسطين والثورة العربية.
تحية حب وتقدير للقائد الأعلى للجهاد والتحرير الرفيق عزة إبراهيم شيخ الجهاد والمجاهدين الأمين العام لحزبنا.
تحية لكافة الرفاق الصامدين في سجون الاحتلال وعملائه وكل الشرفاء من أبناء العراق العظيم.
تحية إكبار لجيش العراق العظيم وللمقاومة العراقية البطلة.
تحيا فلسطين حرة عربية من البحر إلى النهر.
الله أكبر ألله أكبر الله أكبر وليخسأ الخاسئون.
القيادة القومية
مكتب الثقافة والإعلام القومي
17 تموز 2009م