متابعة التصريحات الصادرة من بعض التجمعات السياسية توضح بأن الوضع السياسي الحالي بحاجة إلى إصلاح جذري لإبعاد مخاطر التطرف التي تجر الساحة نحو المتناقضات والتناحر الذي لا نهاية له. إن ما يطرحه البعض من تهديدات واضحة ضد أي حوار أو اعتدال أو تصحيح للأوضاع غير السليمة، أو ما يدعو له آخرون من تصعيد مستمر، إنما يوضح حاجتنا إلى بيئة تعددية عادلة.
إن المخاطر المتأتية من أي نهج إقصائي لا تنحصر مضاره على اتجاه واحد أو فئة دون غيرها، ونرى كيف أن هناك تحذيرات بلهجة شديدة تصدر من أولئك الذين يدّعون بأنهم من أنصار السلطة، ولكنهم حالياً يخافون من احتمال تحريك البيئة السياسية نحو المستوى المقبول إنسانياً، وأصبحوا يهددون السلطة، وكأنها رهينة بأيديهم.
إحدى مشكلات الاستعانة بالمتشددين – سواء من هذا الجانب أو ذاك – هي أن من يستعين بهم يصبح رهينة مشلولة الحركة، وتدخل البلاد مأساة نقصان الحكمة، ومأساة انتشار جماعات الكراهية، وهذه الجماعات تمنع بلادنا من التعافي، وتمنعها من الالتحاق بالركب الإنساني الحضاري.
إن من يحب البحرين من أي جماعة كانت فإن عليه أن يثبت إنسانيته، وعليه أن يثبت أنه داعم لبحرين مستقرة وبعيدة عن التأثيرات الخارجية، وبعيدة عن المتمصلحين من التطرف. نعم، إننا بحاجة إلى عملية سياسية تحاورية تشد مجتمعنا مع بعضه البعض، وتقربنا من نظام تعددي ديمقراطي ينتصر فيه المخلص لبلاده من دون تفريق ومن دون دعوات انفصالية أو إقصائية، أو دعوات لإلغاء هوية البحرين العربية الثابتة تاريخياً ودستورياً، أو دعوات لإلغاء السيادة البحرينية.
إن البحرين حالياً تعاني من مراهقين سياسيين يسعون إلى تدمير الرأي الآخر بكل وسائل الحقد، وهم أيضاً يهددون أي توجه إصلاحي داخل السلطة أو خارجها، ويستعينون بكل جهة – داخلية أو خارجية – تحث على التطرف وتحث على تقسيم المجتمع طائفياً وإثنياً وقبلياً، وكأنهم يسعون إلى تحويلنا إلى «صومال الخليج» بعد أن كنا نحلم بأن نكون «سنغافورة الخليج».
إننا نتحدث عن مجتمع بحريني متنوع له تاريخ عظيم ويستحق ديمقراطية نابعة من إرادته، بحسب توافقات حوارية يجب أن تنطلق لتشمل كل أنحاء الطيف السياسي. أمّا من يود أن يعيش في بلد يشبه الصومال، فعليه أن يذهب إلى الصومال ويترك شعب البحرين بسنته وشيعته وكل من يقيم فيه أن يتعافوا من وضع يجب إصلاحه
صحيفة الوسط البحرينية – العدد 3346 – السبت 05 نوفمبر 2011م الموافق 08 ذي الحجة 1432هـ