لا لإرجاع المفصولين
مريم الشروقي
بعد قراءتي لتقرير بسيوني أكثر من مرّة، وتمحيصي في البنود التي كتبها في تقريره، سواء ما يخدم هذا الطرف أو ذاك، تيقنتُ بأن البعض قرأ مقال بسيوني بالمقلوب، وخصوصاً في شأن المفصولين، فلقد قرأوا جملة «إعادة المفصولين» بتفسير مختلف، بمعنى «لا لإرجاع المفصولين».
أضع اللوم اليوم على كل من سوّلت له نفسه التحدث عن إرجاع المفصولين أو الكتابة عنهم، لأنهم لم يقرأوا بالطريقة التي قرأها بعض المعنيين، ونحن نحيِّي فيهم تلك الأمانة والقراءة المضنية من أجل صلاح المجتمع البحريني!
ليس هذا فقط، فكل ما ورد في التقرير يجب أن يُقرأ بتلك الطريقة، فلا مساجد هُدمت ولا أحد تعرّض للتعذيب والترويع والتخويف، ولم يتضرّر أحد مما حدث في الشهور السابقة، وما يحدث اليوم ما هو إلا شجار هنا وهناك ومجموعة مخربين يحاولون القضاء على أمن واستقرار البحرين بأجندات خارجية.
لقد نجح أولئك الذين فصلوا أكبر عدد من الموظفين، لأنهم لا يستحقون العيش في أمان واستقرار، بسبب ما قاموا به من إبداء آرائهم، فالرأي في بلداننا عينٌ على ما يريده المسئول وليس الموظّف، وليس هناك حق لأحد أن يفتح فمه أو يشارك في شأن لا يرتضيه المسئول.
كما يجب علينا تعديل المادة الثانية في الدستور التي تقول: «الشعب مصدر السلطات»، لأن هذا الكلام لا يناسب منطقتنا، ونعيشه واقعاً جميلاً من خلال المؤسّسات الحكومية التي تصدر الأمر بفصل من شارك في مظاهرة أو تجَمهَرَ في مسيرة أو طالب بحق من حقوقه أو أبدى رأيه في شيء يخالف شيم العرب.
والجميع يظلم الوزير على الدور الذي قام به في فصل الناس من أعمالهم، ونسوا أن الوزير مجرد موظف قام بتأدية عمله بعدما أقرّت لجان التحقيق التي وضعها ديوان الخدمة المدنية لمعاقبة المسئولين على تلك الاحتجاجات والمظاهرات.
وهناك أمرٌ آخر يكاد ينساه البعض، إذ ليست هناك أياد خفيّة فنحن لا نؤمن بتلك الأيادي، بل هناك أيادٍ ظاهرة للعيان وواضحة وضوح الشمس من أجل العقاب الجماعي، حتى يتأدّب من حاول هدم الوحدة واللحمة في البحرين، وهذه الأيادي لا تعرقل مسيرة الإصلاح بل تشد على يد الإصلاح أكثر.
بسيوني كان أولى به أن يكتب تقريره بشكل واضح، ولابد له من عدم كتابة طلاسم قد يدخرها له التاريخ في إرجاع المفصولين، أليسوا هم من اعتصموا؟! أليسوا هم من طالبوا؟! هل نسي بسيوني أنهم تجمهروا؟!
وها نحن ندخل الأسبوع الثاني من تشكيل اللجنة الوطنية المستقلة المعنية بتوصيات تقرير بسيوني، ونعلم عِظم المسئولية التي ألقيت على عواتقهم، كما نعلم الحيرة المرسومة على وجوههم عند قراءة طلاسم البرفيسور بسيوني، فهم موضوعون تحت المجهر بين مقصلة تلك الفئة وحقوق الفئة الأخرى!
«نطري يا حريجة سار لين يجيكِ ماي الحنينية»، ولا ندري كم ستنتظر اللجنة «ماي لحنينية» حتى تدرس توصيات بسيوني وتقر بالحق الذي سيُخرج البحرين من أزمتها، ذلك الحق الذي يراه كلٌّ بتوجّهاته وعينه المجرّدة، فلهم الله اليوم وعلينا بالدعاء لهم لينفرج تقريرهم بعد تقرير وتوصيات بسيوني، وكان الله في العون
صحيفة الوسط البحرينية – العدد 3375 – الأحد 04 ديسمبر 2011م الموافق 09 محرم 1433هـ