المتحدثون في ندوة «الوسط» عن تقرير الرقابة المالية والإدارية 2011/ 2012
المخالفات ستكرر ما لم يحاسب المتجاوزون… في ندوة «{» عن تقرير «ديوان الرقابة 2011»…
فعاليات: لا توجد إرادة سياسية حقيقية لمواجهة «الفساد الحكومي»
قالت فعاليات سياسية وأهلية إن «تكرار المخالفات التي ذكرها تقرير الرقابة المالية للعام 2011، في نسخته التاسعة، مرده لغياب الإرادة الحقيقية لمكافحة الفساد في البحرين»، مشيرة إلى أن «عدم محاسبة المتجاوزين جعلت ملف المخالفات في القطاع الحكومي يزداد عاماً بعد عام».
وأشادت الفعاليات في ندوة لـ «الوسط» عن تقرير الرقابة المالية والإدارية الأخير، بما وصفوه بـ «المهنية والحرية في أداء ديوان الرقابة المالية والإدارية في هذا التقرير»، غير أنهم وجدوا أن «على الديوان ممارسة صلاحياته المنصوص عليها في القانون بإحالة المتجاوزين إلى النيابة العامة، التي تستطيع بدورها ومن تلقاء نفسها بتحريك دعاوى جنائية عليهم، دون انتظار ذلك من الديوان».
وأجمعوا على أنه «رغم أن تشخيص تقرير ديوان الرقابة للمخالفات في القطاع الحكومي كان مهنياً وحرفياً، لكننا نحتاج إلى الوصول إلى مرحلة إصلاح التجاوزات»، لافتين إلى أنه «ربما كان مجرد كشف الأخطاء مفيداً في سنوات إصدار التقارير الأولى، وقد يكون التوجيه مقبولاً، لكننا نحتاج الآن إلى الإصلاح والمحاسبة وإلا فإن الأخطاء ستتكرر».
ودعا المنتدون إلى «تشكيل هيئة وطنية لمكافحة الفساد في البحرين»، مشددين على أن «تقريراً محايداً كتقرير ديوان الرقابة المالية يجب أن يحاسب الجهات المقصرة، ولا يجب أن يكتفي فقط بذكر التجاوزات والأرقام، فهل منذ صدرت التقارير التسعة هل تم إقالة مدير في إدارة حكومية على الأقل؟».
وأشاروا إلى أنه «بعد 9 تقارير لديوان الرقابة المالية، من الخطأ أن نستمر في قراءتها كأرقام بل يجب أن تقرأ قراءة سياسية حقيقية، فالتقارير المتتالية تشير إلى الكثير من التجاوزات والأخطاء، فهي تشير بوضوح إلى مدى فداحة الأخطاء الإدارية في أجهزة تعرف مدى أهمية الموارد المالية وهي تصر في كل تقرير على الاستمرار في هدر المال العام بملايين الدنانير».
وتباينت مواقف المشاركين في الندوة، من الدور المنوط بمجلس النواب القيام به إزاء هذا التقرير، فبين من اعتبر أن «أقل عبء في محاسبة الجهات المتجاوزة التي أثبتها تقرير ديوان الرقابة المالية يقع على مجلس النواب، لأن الأدوات الدستورية المتوافرة له تحتاج إلى وقت طويل لتفعيلها، بدء من السؤال أو تشكيل لجنة تحقيق، أو الاستجواب»، معتبرين أن «الحل يكمن في مبادرة ديوان الرقابة المالية بإحالة المخالفات مباشرة إلى النيابة العامة مباشرة، استناداً إلى المادة 11 من قانون الديوان التي تؤكد أن له صلاحية إحالة الأمر إلى الجهة المختصة بتحريك الدعوى الجنائية إذا ما توافرت لديه أدلة جدية على وجود جريمة جنائية».
واعتبر بعضهم أن «الحديث عن أن هناك تعمداً بإحالة تقرير ديوان الرقابة إلى مجلس النواب بالتزامن مع إحالة الموازنة العامة للدولة للنواب، بهدف إشغالهم عنه، ولفت أنظارهم عما فيه من مخالفات، وتركيز اهتمامهم على الموازنة أمراً غير دقيق، إذ إن الوزارات جميعاً تحضر إلى مجلس النواب أثناء مناقشة الموازنة ويمكن الضغط عليها لتصحيح هذه الأمور التي تدخل في نطاق مهامها وأعمالها وتخصصها».
وشددوا على أن «الآليات الرقابية موجودة عند مجلس النواب، وإذا أراد مجلس النواب أن يراقب الأداء الحكومي بصورة مؤثرة وقوية فإنه يستطيع أن يراقب، النواب استطاعوا في فترات سابقة أن يراقبوا الحكومة بشكل مؤثر كما حدث في لجنة أملاك لدولة وتم كشف 65 كيلومتراً معتدى عليها، ولكن تبقى مسألة من يتحمل المسئولية السياسية على هذه التجاوزات وهل نجح الأداء النيابي في وقفها، ولكن بالتأكيد هذا أمر آخر».
وشارك في ندوة «الوسط» كل من: عضوي اللجنة المالية بمجلس النواب محمود المحمود وعلي الدرازي، ورئيس اللجنة سابقاً القيادي في جمعية الوفاق عبدالجليل خليل، والأمين العام لجمعية المنبر التقدمي عبدالنبي سلمان بالإضافة إلى الرئيس التنفيذي لاستشارات جافكون لتحسين الإنتاجية أكبر جعفري.
وفيما يأتي، نص الحديث خلال المنتدى:
كيف تنظرون إلى مهنية تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية التاسع الذي قدم للعاهل ومجلسي الوزراء والنواب مؤخراً؟
** محمود المحمود: «بشكل عام التقرير هذا العام 2011 و2012 يتميز بعدة نقاط أساسية وأهمها أنه أعد بطريقة حرفية ومهنية تامة، لدرجة أنه لم يغفل أي باب إلا بعد استخلاص النتائج من المؤسسة والوزارة التي تعامل بها، هذه كلمة حق تقال عن إعداد التقرير».
التشخيص كان مهنياً وحرفياً، لكننا نحتاج إلى الوصول إلى مرحلة إصلاح التجاوزات، ربما كان مجرد كشف الأخطاء مفيداً في سنوات إصدار التقارير الأولى، وقد يكون التوجيه مقبولاً، لكننا نحتاج الآن إلى الإصلاح والمحاسبة وإلا فإن الأخطاء ستتكرر.
** علي الدرازي: «التقرير وافٍ وقدم رؤية واضحة عن كل أداء للوزارات، وكل مخالفة أعطى عليها توصية، ووضح الردود الواهية للجهات الحكومية، الآن التقرير معد بشكل جيد وتوصياته واضحة وتحتاج فقط إلى التنفيذ».
** أكبر جعفري: «اتفق مع ما يذكر عن أن تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية مهني جداً، والتدقيق الذي يقوم به يستند إلى معايير دولية وإلى معايير موثقة.
نحن نفتخر بهذا التقرير، ففيه جرأة كبيرة جداً، لكن التجارب بينت أن هذه الجرأة لم تأتِ بأي نتائج ملموسة، كالتي ينتظرها الشعب من هذا التقرير، التقرير جاء في جانب والتصحيح في جانب آخر».
** عبدالنبي سلمان: «ديوان الرقابة المالية منذ بدء إصداره لتقاريره العام 2002، كانت تقاريره حرفية تطورت مع الوقت، وأصبح الديوان يمتلك كفاءات تستطيع أن تقدم تقريراً حرفياً، ودخل الديوان إلى أكثر من وزارة وجهة تابعة للدولة، وهذا يحسب للديوان، حيث كان هناك تساؤلات منذ بدء عمل مجلس النواب في العام 2002 لماذا لم يتم دراسة أوضاع شركات كألبا وطيران الخليج، وهو ما تم لاحقاً».
تنتقد الكثير من الجهات ومن ضمنها النواب والجمعيات السياسية عدم إحالة المخالفات إلى النيابة العامة، ما تفسيركم لعدم قيام الديوان بذلك، وكيف تنظرون إلى تعامل مختلف الجهات مع التقرير؟
** محمود المحمود: «أقل عبء في محاسبة الجهات المتجاوزة التي أثبتها تقرير ديوان الرقابة المالية يقع على مجلس النواب، لأن الأدوات الدستورية المتوافرة له تحتاج إلى وقت طويل لتفعيلها، بدء من السؤال أو تشكيل لجنة تحقيق، أو الاستجواب، الحل يكمن في مبادرة ديوان الرقابة المالية بإحالة المخالفات مباشرة إلى النيابة العامة مباشرة، استناداً إلى المادة 11 من قانون الديوان التي تؤكد أن له صلاحية» (…) إحالة الأمر إلى الجهة المختصة بتحريك الدعوى الجنائية إذا ما توافرت لديه أدلة جدية على وجود جريمة جنائية».
الأمر الآخر، فقد قام رئيس الوزراء بتشكيل لجان تحقيق في المخالفات والتجاوزات المالية والإدارية التي كشفها تقرير ديوان الرقابة المالية، وأعتقد أن هناك جدية في المحاسبة الحكومية هذه المرة بسبب تكرار المخالفات، وستكون هناك نتائج لقرارات ستكون صارمة في حق المسئولين، ولوجود الصحافة كطرف في دعم هذا الموضوع، حيث لعبت دوراً مهماً في دفع هذا التقرير ليتصدر الرأي العام، فنعتقد أن المحاسبة ستكون أقوى.
الجمعيات السياسية قامت بدورها، من خلال اللقاءات والتجمعات التي تمت وأجهزة التواصل الاجتماعي، والفعاليات والندوات التي تعقدها، ومن المفيد تعاون مختلف الجهات مع بعضها من أجل محاصرة الفساد والمفسدين.
** أكبر جعفري: «ناقشنا في الحوار الوطني تمرير تشريع للملاحقة القانونية المباشرة بحيث تكون تابعة للديوان، ولكن للأسف لايزال التطبيق غير موجود لهذا الأمر.
لا أعتقد أن مجلس النواب لديه أدوات رقابية سريعة، وكذلك الحكومة التي لا يمكنها أن تحاسب نفسها، نحتاج إلى طرف ثالث لديه صلاحية الملاحقة الرقابية، وليس النصح والتوجيه فقط، ربما كان هذا الأمر مسموحاً به في التقارير الأولى، لكن هذه المخالفات تتكرر، في ظل وجود شريحة كبيرة من المواطنين تعاني مشاكل في الخدمات الإسكانية والصحية والتعليمية.
مشكلتنا في البحرين أن لدينا أفضل القوانين، لكن المشكلة تكمن في التطبيق، وليس هناك إرادة قوية للتنفيذ».
** علي الدرازي: «يجب تغيير آلية التعامل مع التقارير في مجلس النواب، واتفق على أن أكثر جهة يجب أنت تتعامل مع التقرير هي الحكومة.
العادة كما وجدنا في السنوات الماضية أن تحدث زوبعة في فنجان بعد صدور تقارير ديوان الرقابة المالية، وتنتهي المدة وينسى الجميع، لذلك على المجلس النيابي إجبار الحكومة على تنفيذ التوصيات، وليس بدء التحقيق في أمور قام ديوان الرقابة المالية بالتحقيق فيها لإثباتها.
لابد أن تكون هناك آلية جادة للمحاسبة، وتكون المحاسبة سريعة، نحن دورنا رقابي وتشريعي، وموضوع الرقابة هنا جاهز، فلماذا نضع عليه تقريراً آخر.
دور الرقابة الشعبية وهيئات ومؤسسات المجتمع المدني مهم، لإيصال صوت الإصلاح ووقف التجاوزات، وهي من ركائز المجتمع الديمقراطي».
** عبدالنبي سلمان: «أنا أختلف مع الإخوة في أن دور مجلس النواب في هذا الموضوع محدود، تقرير العام الماضي ظل لدى المجلس حتى فترة طويلة دون أن يرى النور، ولم يناقش إلا في الجلسة الأخيرة للمجلس.
أما عن الحديث عن أن هناك تعمداً بإحالة تقرير ديوان الرقابة إلى مجلس النواب بالتزامن مع إحالة الموازنة العامة للدولة لهم، بهدف إشغالهم عنه، ولفت أنظارهم عما فيه من مخالفات، وتركيز اهتمامهم على الموازنة هو أمر غير دقيق، فمن تجربتنا وجدنا أنه أصلاً يجب دمج تقرير الرقابة والموازنة مع بعضهما البعض، فإذا أردنا أن نحاسب وزير أو جهة معنية، فإن الوزارات جميعاً تحضر إلى مجلس النواب أثناء مناقشة الموازنة ويمكن الضغط عليها لتصحيح هذه الأمور التي تدخل في نطاق مهامها وأعمالها وتخصصها.
تقرير محايد كتقرير ديوان الرقابة المالية يجب أن يحاسب الجهات المقصرة، ولا يجب أن يكتفي فقط بذكر التجاوزات والأرقام، فهل منذ صدرت التقارير التسعة هل تم إقالة مدير في إدارة حكومية على الأقل؟
الآليات الرقابية موجودة عند مجلس النواب، وإذا أراد مجلس النواب أن يراقب الأداء الحكومي بصورة مؤثرة وقوية فإنه يستطيع أن يراقب، النواب استطاعوا في فترات سابقة أن يراقبوا الحكومة بشكل مؤثر كما حدث في لجنة أملاك لدولة وتم كشف 65 كيلومتراً معتدى عليها، ولكن تبقى مسألة من يتحمل المسئولية السياسية على هذه التجاوزات وهل نجح الأداء النيابي في وقفها، ولكن بالتأكيد هذا أمر آخر.
إذا قصر مجلس النواب في دوره الرقابي إزاء تقارير ديوان الرقابة المالية والإدارية، فعلى الحكومة فعل اللازم إزاء هذه المخالفات كونها صدرت من موظفين في القطاع العام، لذلك فإن تصريح الحكومة بتوجيه الوزارات ولدراسة التقرير والرد عليه فقط لا يجوز.
وفيما يخص عدم قيام ديوان الرقابة المالية بدوره في إحالة المتجاوزين مالياً وإدارياً في القطاع الحكومي إلى النيابة العامة، فأعتقد أن الديوان مقصر في هذا الجانب، والمجتمع المدني كذلك، هذا الملف يجب رفعه إلى النيابة العامة فوراً».
** عبدالجليل خليل: «لا توجد إرادة حقيقية في البلاد لمكافحة الفساد، أي رئيس للجنة المالية بمجلس النواب لا يحتاج لقراءة كل التفاصيل الواردة في تقارير ديوان الرقابة المالية، بل لابد أن تكون هناك أولويات في مكافحة الفساد.
أنا يهمني فصل مصروفات «بابكو» عن وزارة المالية، وهذا يحتاج إلى قرار سياسي، وهي توصية موجودة منذ العام 2007، لكنها للآن لم تطبق رغم أهميتها.
القرار السياسي لتحقيق هذا الأمر غير موجود، هناك 80 في المئة من الإيرادات تأتي حقل أبوسعفة و20 في المئة من حقل البحرين، ولا يمكن أن تعرف الإيرادات الحقيقية لحقل البحرين، وربما تحتاج إلى تكوين لجنة تحقيق من أجل ذلك.
إذن القرار السياسي لمكافحة الفساد غير موجود، وأكبر دليل على ذلك التعامل مع تقرير أملاك الدولة، كان المفروض أن تقال وزارات وتهتز البلد، لكن شيئاً من ذلك لم يحصل.
المجلس النيابي محدود لصلاحيات لكن هناك بعض الملفات يمكن أن يفتح فيها لجان تحقيق، أما ديوان الرقابة المالية والإدارية فحراكه محدود، ولا يمكنه الدخول إلى كل الأماكن، كوزارة الدفاع التي لا تتعاون مع الديوان في كشف حساباتها الختامية بحجة السرية، في حين أن مصروفات الأسلحة فقط هي المشمولة بالسرية.
في «ألبا» رغم الفضيحة الموجودة فيها مع شركة ألكوا، عندما تقرأ الملاحظات تصاب بخيبة أمل، فلماذا لم يتم تنظيف «ألبا»؟ الجواب: لأن المتورطين فيها كبار، وتمت التغطية على الموضوع.
لا توجد إرادة حقيقية لمكافحة الفساد، لو أرادت القيادة السياسية إعفاء أي وزير لفعلت، وكذلك رئيس مجلس الوزراء بيده إصدار قرارات بوقف المسئولين المخالفين وملاحقتهم قضائياً.
ليس هناك توازن بين الصوت الشعبي والحكومي، نحن في البحرين نحتاج إلى حالة من التوازن بين الحكومة والمجلس النيابي في الصلاحيات والآليات، ويجب أن تكون الحكومة مساءلة.
تبقى قضايا الفساد تتكرر لأن هناك تغطية لبعض الفاسدين، ومسئولية النيابة العامة ومن صلاحياتها أن تحرك دعاوى للفساد إذا وجدت بعض الفاسدين.
نحن هيئة مكافحة فساد لا توجد عندنا في البحرين، واليوم عندما يخرج شاب في مسيرة سلمية يتم حبسه ستة أشهر، بينما من يقوم بالتجاوزات، لا تتم محاكمته إطلاقاً، فكيف سيتوقف الفساد؟».
** أكبر جعفري: «يجب أن تكون الرقابة تلقائية، بمعنى أن يقوم كل من ديوان الرقابة المالية بإحالة المتجاوزين إلى النيابة العامة، وتقوم النيابة العامة كذلك من تلقاء نفسها».
– ما هو المطلوب عمله بعد التقرير؟
** محمود المحمود: «جرت العادة أن مجلس النواب عندما يحال إليه تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية يتم إحالته إلى لجنة الشئون المالية والاقتصادية ومن ثم تقوم اللجنة المالية بالتباحث والتشاور وأحياناً يستدعى مسئولين ووزراء لمناقشتهم بشأن ما ورد في التقرير وتقوم اللجنة بإعداد تقريرها، ولكننا في اللجنة المالية اكتفينا بشأن تقرير العام 2010 بالتوصيات الواردة في التقرير لأنها أكثر من وافية وهي معالجة للوضع المخالف والأخطاء. ومن الممكن أن فترة النظر في التقرير طالت ولكننا استقرينا في النهاية على أن على الحكومة اتخاذ الإجراءات القانونية والإدارية التي تكفل الحفاظ على المال العام وتكفل إعادة ما هو مسلوب.
كما أن تقرير الرقابة المالية والإدارية للعام 2011-2012 عاد بمخالفات مشابهة للمخالفات الواردة في التقارير السابقة، إذ إن بعض المؤسسات والوزارات غير ملتزمة بشكل تام بتوصيات ديوان الرقابة المالية، وأرى شخصياً أن الموضوع يجب أن يأخذ أبعاد أخرى».
** أكبر جعفري: «يجب النظر في كيفية معالجة هذه التجاوزات، فبعضها قد تكون أخطاء بشرية ولكن الكثير منها أخطاء متعمدة، والدليل أن الكثير منها تجاوزات تتكرر في التقارير المتعاقبة، فالتقرير السابق تحدث عن أن إحدى الهيئات لديها موازنة تقدر بـ 270 مليون دينار وليس لديها نظام للتدقيق الداخلي أو الحسابات، وهذا المبلغ الضخم لا يمكن للقائمين على هذه الهيئة أن لا يفهموا أن هناك حاجة إلى التدقيق، كما أنني أعتقد أن الحكومة مقصرة بكل وضوح في هذا الملف فهي لا تتابع هذه الأمور وتكتفي بالتنبيه، والتنبيه لا يحل المشكلات وإذا استمرينا في هذا المنوال فإن الفساد سيزيد وسيكون كأنه شيء مقبول».
** علي الدرازي: «هناك تكرار للمخالفات في جميع التقارير الصادرة عن ديوان الرقابة المالية والإدارية، فبعض الوزراء والوزارات ليس لديهم أدنى استجابة لما يرد في التقرير فعلى سبيل المثل وزارة شئون البلديات والتخطيط العمراني ورد في التقرير أنها لم تأخذ بأي من التوصيات الواردة في التقرير، فهل وجود ديوان الرقابة المالية والإدارية هو لإصدار تقارير «يبطون بها جبود الناس»، ونتحدث بشأنها في الصحف وبعدها نرى أن بعض التوصيات أخذت ومعظمها لم يؤخذ به.
في كل الشركات بالعالم توضع مؤشرات وبوصلة للأداء وتقارير الرقابة المالية هي كمؤشرات للأداء في البحرين ومدى معالجة الفساد، أما وجودها من أجل الحديث للصحافة فقط فهذا أمير غير مقبول، وأشير هنا إلى أن آلية تنفيذ توصيات فيها خطأ، كما أن آليات مجلس النواب في العمل على التقرير بطيئة وخاطئة، فهذه الآلية يجب أن تتغير، وكان لنا حديث مع عدد من النواب للنظر للتقرير ليس كالموازنة أو غيرها، فالتقرير جاء من طرف ثالث فهو ليس من الحكومة ولا من مجلس النواب، لذلك لابد أن نطالب الحكومة أن تقدم لنا تفصيلياً ماذا فعلت بالتوصيات؟ بدل أن ندخل في البيروقراطية العقيمة وهي أن تقوم اللجنة المالية بإعداد تقرير وتوصيات على تقرير وتوصيات جاهزة مقدمة من فريق احترافي، فعلينا بدل أن نقوم بإعداد توصيات على التوصيات أن تكون لدينا آلية جديدة ليكون الأداء مختلف عن السابق».
** عبدالنبي سلمان: «بعد 9 تقارير لديوان الرقابة المالية، من الخطأ أن نستمر في قراءتها كأرقام بل يجب أن تقرأ من وجهة نظري قراءة سياسية حقيقية، لا نريد أن نخرج عن موضوعنا فالتقارير المتتالية تشير إلى الكثير من التجاوزات والأخطاء، فهي تشير بوضوح إلى مدى فداحة الأخطاء الإدارية في أجهزة تعرف مدى أهمية الموارد المالية وهي تصر في كل تقرير على الاستمرار في هدر المال العام بملايين الدنانير، فكيف يمكن الصمت على مديونية بالملايين لصالح شركة نفط البحرين «بابكو»؟ دون أي تحرك، بل الأمر يزداد سوء إذ إن هناك زيادة في هذه المديونيات، وهذا مثال واحد على تراكم الأخطاء. وعندما تتحدث المعارضة عن خلل في السياسة المالية والإدارية في الدولة فهذا دليل واضح على ذلك كما أنه لا توجد إرادة حقيقية في الحكومة لوقف التجاوزات، والطامة الكبرى هي عائدات النفط التي تشكل الدخل الرئيسي للدولة فالتقرير مازال يتحدث عن أن مدخولات النفط مرتبطة بوزارة المالية ما يتسبب في ضياع نحو مليار دولار من الموازنة.
طرحنا في مجلس النواب الأول هذا الموضوع إذ اكتشفنا أنه بسبب هذا التداخل بين «المالية» و«النفط»هناك مليار دولار ضائع في كل موازنة وفي الموازنة التي بعدها أيضاً وجدنا مليار دولار مفقوداً بسبب تداخل الحسابات، ورغم إعلاننا ذلك بوضوح إلا أن هذا الأمر مازال موجوداً وهذا لا يدخل ضمن الخطأ الإداري بل في التعمد، والبحرين تطلب مساعدات خليجية وصلت إلى 10 مليارات دولار لبناء البنى التحتية في الوقت الذي تضيع فيه مليار دولار في كل موازنة. وهناك أسئلة كثيرة بشأن ما ورد في التقارير أو حتى خارجها، لماذا هناك متأخرات بالملايين على هيئة الكهرباء لصالح شركة نفط البحرين لتأخرها في دفع قيمة الغاز؟ لماذا لا تقدم وزارة الدفاع حساباتها الختامية منذ العام 2009؟ رغم أهميتها وهي لديها أكثر من ثلث موازنة الدولة».
** عبدالجليل خليل: «تقرير الرقابة المالية والإدارية يقدم إلى ثلاث جهات هي الملك والحكومة ومجلس النواب، والمسئولية الرئيسية في تصحيح الأخطاء تقع على الجهاز التنفيذي، وإذا وجد فساد في الوزارات فيمكن تغيير الوزارة وتغيير الوزراء والمسئولين عن الوزارات، ولاشك أن هناك مسئولية على مجلس النواب من الناحية الرقابية والتشريعية، وأتفهم دور مجلس النواب باعتباره الأقل صلاحية فليست لديه الصلاحيات الكاملة وفي بعض الحالات لا يمكن أن يدخل بعض الوزارات، وأنا كنت في لجنة تحقيق في الأملاك العامة والخاصة واستفدنا من تقرير الرقابة عن الأراضي وبعد أن تم توثيق الفساد في الأراضي لم تفعل الدولة أي شيء، وهناك أخطاء متكررة ومنها تجاوز الموازنات وعدم فصل مصروفات بابكو عن وزارة المالية، وأكثر توصية متكررة هي عدم وجود رقابات داخلية وعدم الالتزام بقانون المناقصات وهذا يساعد على استمرار الفساد، والتكرار راجع لسبب واحد وهو عدم وجود محاسبة حقيقية للمخالفات المتكررة، ومسئولية مكافحة الفساد تقع أولاً على السلطة التنفيذية».
ألا يعود بنا موضوع عدم تحريك ديوان الرقابة المالية للدعاوى إلى موضوع تبعية الديوان، واقتراح تبعيته لمجلس النواب؟
** أكبر جعفري: «أعتقد أن ديوان الرقابة المالية والإدارية يجب أن يكون مستقلاً عن جميع الجهات وتكون لديه قوة سياسية واضحة، ويجب أن يكون بعيد عن السلطات الثلاث، وبكل صراحة مجلس النواب ليس لديها الآليات الفعالة أصلاً، وفي حال تبعيته للحكومة حينها سيكون السؤال، من يراقب من؟ ومن يلاحق من؟ والسلطة القضائية هي المعنية بالحكم في أي قضية تحرك، فبالتالي لابد من جهة خارج إطار الجهات الثلاث تقوم بهذا الدور».
** محمود المحمود: «أؤيد جعفري، حتى لو تم اقتراح تأسيس هيئة لمكافحة الفساد فيجب أن تكون هيئة مستقلة، وأؤكد أن الوضع الحالي لديوان الرقابة أفضل من تبعيته من مجلس النواب».
** علي الدرازي: «حالياً أفضل بكثير».
** عبدالنبي سلمان: «نحن كمعارضة نطالب باستمرار بأن يكون ديوان الرقابة المالية والإدارية تابعاً لمجلس النواب، ولكن مجلس النواب الذي لديه صلاحيات كاملة، ولكن في ظل الظروف الحالية فإن إحالة تبعيته لمجلس النواب سيفقده قدرته على المراقبة. فديوان المحاسبة في دولة الكويت الشقيقة تابع لمجلس الأمة وعلى رغم ذلك فإن الكويت من أكثر الدول التي تعاني من الفساد في العالم.
فحن نعاني من عدم وجود إرادة سياسية حقيقية لمكافحة الفساد، وإذا رأينا محاسبة للكبير والصغير ستنتفي الحاجة للحديث في هذه التفاصيل، وأسئلة كثيرة منها، كيف ترضى الحكومة أن مجلس إدارة بابكو وهي إحدى الشركات التابعة لهيئة النفط والغاز هو نفسه مجلس إدارة الهيئة؟ فهناك تداخل في الأدوار والصلاحيات في هيئات وشركات مهمة وهذا تعمد وليست أخطاء عابرة، وتقرير ديوان الرقابة فيه الكثير من التجاوزات في «بابكو» وذلك لعدم وجود مجلس إدارة يحاسب فما بالك بباقي الشركات والهيئات».
** عبدالجليل خليل: «المطلوب أن يكون هناك صلاحيات أوسع لمجلس النواب ومعها يجب أن يكون له دور في دفع ديوان الرقابة المالية، ووضع الديوان الحالي ليس هو السبب في التراكم والفساد، فهو قدم تقاريره إلى الجهات المعنية والمشكلة في الإرادة الحكومية في تنفيذ التوصيات والإجراءات المتخذة ضد الفساد. وما لم تكن هناك توازنات بين الإرادة الشعبية من خلال التمثيل والصلاحيات فلن يكون هناك حل للفساد».
** أكبر جعفري: «ليست هناك سياسة ردع».
هل يمتلك مجلس النواب الإرادة لمحاسبة المفسدين؟ وهل تسمح توازناته بذلك؟
** محمود المحمود: «بلاشك لا تقبل أي حكومة بوجود مخالفات وأنا عملت في الحكومة وأعلم بذلك، وهناك بعض المخالفات الإدارية التي يمكن معالجتها إدارياً والمخالفات المالية هي التي ترقى للجريمة وهي التي يجب أن تحال للنيابة العامة، وإذا تمسكت أكبر كتلتين باتخاذ إجراءات سياسية فيمكن أن يكون شيء».
** علي الدرازي: «المجلس في الدور السابق مر بتجربة استجوابين سقطا، إذا تعلّم المجلس من أخطائه سيقوم بشيء ما».
** أكبر جعفري: «لا أعتقد أن السلطة التشريعية لديها الإمكانية والقوة اللازمة للتأثير على مجريات الفساد وبإمكان السلطة التنفيذية اختراق الدائرة التشريعية بسهولة والتأثير على قراراتها.
ونحن في الوطن العربي تعتقد أن هذا ليس فساد وهذه مشكلتنا وأي طلب لتصحيح الأمور يتهم أنها ثقافة غربية مستوردة».
أخيراً، إذ صح التعبير، فإن تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية هو جهة واحدة لمواجهة الفساد والتجاوزات في القطاع الحكومي، لكن برأيكم هل هناك جهات وأبواب أخرى بالغة التأثير لوقف الفساد في البلاد؟
**عبدالنبي سلمان: «الأداة المهمة للرقابة ووقف التجاوزات هي المجلس التشريعي، ويجب أن يعطى الصلاحيات اللازمة لذلك، وسنكون في الجانب السليم إذا فعلنا ذلك، وطالما كانت هناك رقابة شعبية على الحكومة، قد يكون مثال الكويت غير جيد في هذا الصدد، بسبب عدم ثبات النظام السياسي بسبب تنامي المواجهات بين مجلس الأمة والحكومة، لكن هناك أمور داخل الكويت تحسب لها في طريقة التعاطي معها في ملف الفساد في القطاع الحكومي.
خلاصة الحديث أن دور المؤسسة التشريعية يجب أن تكون مراقبة السلطة التنفيذية بشكل قوي ومؤثر، حتى نتمكن من الحد من الفساد والتجاوزات».
** أكبر جعفري: «لا أرى في الوقت الحاضر إننا يمكن أن نتطور في هذا الموضوع، هناك آليات وأدوات وقوانين وتشريعات نافذة، لكن في غياب الإرادة السياسية في مواجهة هذه التجاوزات سيبقى الحال على ما هو عليه».
** محمود المحمود: «أنا متفائل بهذا التقرير، وأعتقد أنه سيكون هناك تجاوب حكومي معه وتقديم حلول قد تكون مؤلمة، وبدورنا فإن هناك مطالبات نيابية بإحالة كل المخالفات الواردة في تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية إلى النيابة العامة.
كنت أقترح بدلاً أن يحول التقرير إلى اللجنة المالية النيابية، أن يناقش الملف في مجلس النواب بصورة علنية، ويتم فتح المجال للنواب وللحكومة لبيان موقفهما منه، لأن التأثير سيكون سياسياً وقتها وتكون درجته أكبر».
** علي الدرازي: إذا نجح المجلس التشريعي في تغيير آلية التعاطي مع التقرير، ولم توضع له العراقيل، فإن السلطة التشريعية يمكن أن تقوم بدور أكبر في هذا الملف، أما إذا بقيت الآلية كما هي فكأنك (يا بوزيد ما غزيت).
** عبدالجليل خليل: «لا توجد إرادة سياسية لمواجهة الفساد، هذه الأحداث التي تمت في فبراير/ شباط 2011، لماذا حدثت؟ أليس بسبب الفساد، الربيع العربي حدث بأكمله بسبب الفساد، لذلك يجب أن تكون هناك إجراءات رادعة للفساد، ويجب أن يكون هناك ردع، وما يجري من حراك شعبي هو نتيجة حتمية لما هو موجود من فساد».
صحيفة الوسط البحرينية – العدد 3722 – الخميس 15 نوفمبر 2012م الموافق 01 محرم 1434هـ