هاني الفردان
لا أبداً يا سعادة الوزير، قف لحظة من فضلك وتأمل في ما يجري من حولك، ادرس التاريخ جيداً، تعلم من حاضرك، ولتكن لك نظرة ثاقبة في مستقبل أبناء وطنك.
لا يا سعادة الوزير، إلا نسبة البحرنة، هي صمام أمان للبحرينيين، الذين يعانون سنوات طوالاً من البطالة والتعطل، ولم يبقَ أمامهم سوى القطاع الخاص، بعد حرمانهم من القطاع العام لأسباب كثيرة أولها «التمييز»، والإقصاء والتخوين وحب الأجنبي، وآخرها تشبع القطاع.
قف لحظة، فقد أكدت سعادة الوزير أن البحرين تتجه لإلغاء اشتراط نسب البحرنة في القطاع الخاص مع نجاح خطة تأهيل العمالة الوطنية، وأن نسب البحرنة في مؤسسات الخاص ستخضع للتقييم لأن الوزارة لا تهدف لوضع نظام تعجيزي لأصحاب العمل وإنما هدفها توفير فرص العمل المناسبة للمواطنين في القطاع الخاص.
لحظة من فضلك سعادة الوزير، ألم تقل في 25 يونيو/ حزيران 2012 خلال تكريم 6 فنادق ومؤسسات تموينية حققت أعلى نسبة بحرنة، إن نسبة البحرنة في القطاع المذكور لاتزال دون المستوى المطلوب، إذ بلغت حوالي 17 في المئة فقط، وإن الوزارة والمجلس الأعلى للتدريب المهني يسعيان إلى رفعها لتصل 25 في المئة، ضمن خطط وأهداف محددة تشمل النهوض بقطاع الضيافة وبقية القطاعات الأخرى المنضوية تحت المجلس الأعلى للتدريب المهني.
ألم تقر سعادة الوزير في 5 أبريل/ نيسان 2012 أنه ورغم الجهود الكبيرة التي تبذلها وزارتك في رفع نسبة البحرنة في وظائف القطاع الخاص، إلاّ أنه في تراجع مستمر منذ 2007، إذ تراجعت من 28 في المئة قبل 5 سنوات، إلى 23 في المئة، بسبب انتعاش الحركة العمرانية والطفرات الاقتصادية.
أين ذهب ذلك التصريح في 6 يوليو/ تموز 2012 بشأن ما تعانيه دول مجلس التعاون الخليجي من إغراق أسواقها بالعمالة الأجنبية، فهل بعد إلغاء نسب البحرنة سينحصر مد العمالة الأجنبية أم سيزداد، سعادة الوزير؟!
إذاً، ما الذي تغير سعادة الوزير، خلال شهر واحد فقط، لتنقلب المعادلة من تدني مستوى البحرنة والسعي لرفعها، إلى إلغائها «خير شر»؟ من هو صاحب النظرة الثاقبة التي رأت خلال شهر واحد فقط ضرورة إلغاء البحرنة حتى لا تضع الوزارة نظاماً تعجيزياً لأصحاب العمل.
هل تغير حال البحرينيين في شهر واحد فقط؟ وهل أصبح المواطن مؤهلاً ليتقبله سوق العمل من دون فرض؟ وهل تم توظيف جميع العاطلين، وتأمين مستقبل الخريجين؟ هل قبل القطاع الخاص بأجور البحرينيين، وترفع عن استقدام الأيدي العاملة الرخيصة؟ أجبنا سعادة الوزير، ما الذي تغير؟ أم أن القرارات صدرت من فوق، فكانت أمراً مفروضا، وحتماً مقضيا.
لا يا سعادة الوزير، لقد شَبِعنا من أحاديث أن البحريني سيكون الخيار الأول لسوق العمل، فذلك كلام تبخر من زمان، وذهب مع رياح التغيير وما طال مشاريع سوق العمل ورؤية البحرين الاقتصادية 2030 من ضرب، إذ لم يبقَ منها سوى ذكراها.
سعادة الوزير ماذا بقي من مشاريع إصلاح سوق العمل سوى الاسم؟ وماذا بقي من أحلام جعل البحريني الخيار الأفضل سوى الذكرى، ومذكرات وكتيبات ودراسات وضعت على الرفوف وفي الخزانات، وألحقت بتاريخ مشاريع الأحلام الوردية.
قف لحظة لا تظلم هذا الشعب المسكين، ولا تجر عليها كما جار الزمان، ولا تكن جزءًا من ظلمه، من أجل مصالح مستنفعين، لا يهمهم الوطن ولا المواطنين.
بعد تجميد رسوم سوق العمل المتكرّر تمهيداً لإلغائها، وسحب نصف موازنة «تمكين» التي من المفترض لتطوير وتأهيل الكوادر البحرينية لتكون الأفضل لسوق العمل، وتخصيص ما تبقى لديها لدعم برامج وزارات ومؤسسات رسمية، يأتينا الآن توجه البحرين لإلغاء نسب البحرنة، فعن أي إصلاح لسوق العمل تتكلمون بعد الآن؟ فلا تخربوها وتقعدوا على تلها.