منصور الجمري
قبل ثلاثة أسابيع كانت هناك دلائل على أن وضعنا السياسي سيدخل مرحلة مختلفة؛ تفسح المجال لانفراجات على عدة أصعدة، من بينها طرق باب الحوار بصورة جادة وفاعلة، ومراجعة لطريقة التعامل مع الملفات السياسية الحرجة وإيقاف الممارسات غير السليمة التي تفاقم الأمور. على أننا تعوَّدنا أن نشهد استمرار النهج ذاته الذي أوصلنا إلى الطريق المسدود المكلف للمجتمع والدولة والاقتصاد.
ولعل واحدة من أسباب المراوحة في المكان ذاته؛ هي عدم الجرأة على الدخول في الحل السياسي، والإصرار على التعريفات الفنية للمشكلة، وبالتالي؛ فإن الحلول تطرح على أساس فني، مثلاً: زيادة تدريب هذا القطاع أو ذاك على حقوق الإنسان، وكأن المشكلة تتعلق بالتفاصيل فقط. وعليه؛ فإننا نعيش في حالة من ردود الأفعال، وفي الإصرار على المواقف (سواء كانت صحيحة أم خاطئة).
ولأن الحل السياسي ليس مطروحاً على الأجندة العامة؛ فإن مختلف الأطراف تسعى إلى تحصين مواقعها، ولذلك ترى تصعيداً واستنجاداً من كل جانب، وصل إلى حد الاستنجاد بالمقيمين الأجانب، ربما لتحشيدهم ضد الأطراف المعارضة، ونرى الاستمرار في خلق مؤسسات وهمية؛ هدفها الوحيد محاربة مؤسسات شعبية أخرى… وفي كل الأحوال؛ فإن هذه السياسة تأتي نتائجها معكوسة؛ لأن منطلقاتها غير صحيحة، ولأنها تسعى للهروب إلى الأمام بدلاً من مواجهة الواقع من خلال خطوات عملية واضحة ومنصوحٍ بها من كل محبي البحرين.
إن أكثر ما يثير الدهشة لدى كثير من المراقبين وأصدقاء الحكومة؛ هو استخدام وسائل غير ناجحة مع جهات دولية مرموقة، وهذه الوسائل لا تقتصر فقط على الخطاب اللاذع، وإنَّما أيضاً استخدام أساليب وإجراءات لا تستوعب طبيعة مجريات الأمور في عالم اليوم، وهذه جميعها إنما تثير الشكوك أكثر، ولا يستفيد منها سوى أولئك الذين يحصلون على ما يتم إنفاقه عليهم من مبالغ طائلة في هذا المجال الخاسر. ما نحتاج إليه هو حل سياسي ينهي الاستقطاب المثير للاشمئزاز ويحوِّل حالة القلق والشكوك إلى طاقة إيجابية نحو مستقبل أفضل.