لم تمضي أيام على خلع حسني مبارك من كرسي الحكم حتى فاحت رائحة الحسابات المصرفية والمشاريع والعمولات والاستثمارات العقارية التي كان يحصد ثمارها هو وعائلته،، وقد ظهرت وثيقة نشرتها مواقع الفيس بوك وتويتر مؤخراً صادرة عن البنك السويسري تشير إلى قيام حسني مبارك (بعد عام من توليه الرئاسة) بإيداع تسعة عشر طن واربعمائة كيلو غرام من البلاتينيوم الخام المعروف بالذهب الأبيض،، تصل قيمة الأيداع (حسب الوثيقة) إلى أربعة عشر مليار وتسعمائة مليون دولار!!،، ومن قيمة الوديعة نستنتج أن مبارك جنى خلال فترة حكمه ما يجعله في صفوف أغنياء العالم،، وهذا ما أثارته مجموعة أسلامية (في التسعينات من القرن الماضي) حيث صنفته بثاني أغنى الرؤساء في المنطقة!!،، وبالإضافة إلى وثيقة البلاتينيوم أعلن مسؤولون في سويسرا عن وجود حسابات مصرفية بعشرات الملايين من الدولارات تعود لحسني مبارك وأفراد عائلته!!،، كذلك اتهمت جهات مصرية عائلة مبارك بالتربح من الأستثمارات والمشاريع المقامة على أرض مصر،، مثل مصنع العبور للصناعات الحديد المتطورة لـ (محمد ثابت) شقيق سوزان مبارك،، وهو مصنع لصهر الحديد والدرفلة يمتلك أمكانيات كبيرة وتكنلوجيا متطورة،، كما ذكر وزير الأسكان والتعمير (حسب الله الكفراوي) في لقاء مع برنامج الحياة اليوم انه رفض اعطاء ألف فدان في منطقة ستة اكتوبر لأبناء حسني مبارك،، إلا أنهم حصلوا عليها بعد استقالته من منصبه!!،، فيما ذكرت جهات أخرى أن حجم ثروة مبارك وعائلته محصورة بين ثلاث إلى خمس مليارات دولار،، وأن كل ذلك التهويل مجرد حديث شارع لا صحة له،، على أية حال،، مهما كان حجم ثروة مبارك وعائلته و ثروات أزلام نظامه فسيبقى مصدرها غير شرعي.
في تونس،، قدرت ثروة الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي بـ (خمسة مليارات يورو)،، وهي عبارة عن أملاك في تونس وفنادق في البرازيل والأرجنتين وعقارات في فرنسا منها عمارة تقدر قيمتها بسبعة وثلاثون الف يورو!!،، بالإضافة ألى سيولة نقدية في بنوك سويسرا،، كما وأن هناك أقاويل حول قيام زوجة الرئيس ليلى الطرابلسي بتهريب طن ونصف من سبائك الذهب تقدر قيمتها بخمسة وأربعون مليون يورو،، لكن الخبر غير مؤكد وقد نفاه البنك المركزي التونسي،، ورغم ذلك،، فأن ليلى الطرابلسي وعائلتها تربحوا كثيرا من منصب بن علي كرئيس للجمهورية،، بحيث وصفت ليلى بانها الحاكم الفعلي لتونس.
القاسم المشترك بين مبارك وبن علي (ومن سيلحق بهما) ليس التربح والمليارات المسروقة والأموال المهربة،، بل عشقهم الكبير للكرسي،، فكلاهما انهار بسبب فقدانه الحكم،، زين العابدين بن علي دخل في غيبوبة (هناك اخبار عن وفاته غير مؤكدة)،، ومبارك دخل أيضاً في غيبوبة ووضع تحت العناية الطبية،، ومن سيلحق بهما سيلاقي نفس المصير،، جلطة دماغية،، سكتة قلبية،، جنون،،، ألخ،، كل هذا بسبب فقدانهم الكرسي الذي لاتعوضه (كما يبدو) ملياراتهم المكدسة،، ولهذا لم يفكروا بالتنازل عن الحكم والتمتع بما (لغفوه) من قوت الشعب،، لأن السلطة أكثر متعة من المال،، وحب السلطة والمناصب ذكرني بما تناقلته وسائل الإعلام الساخرة عن حادثة الأغماء التي تعرض لها (أجبن خلق الله) كريم شاهبوري (المعروف موفق الربيعي) في قصر المؤتمرات عندما سمع خبر أستقالة رامسفيلد!!،، ويشهد لنوري المالكي عندما شعر أن الكرسي سيذهب من تحت مقعده جن جنونه وراح يصرخ (ما أنطيهه)!!،، على أية حال،، ما يهمنا هو أن صدام حسين (رحمه الله) ورغم رحيله إلا أنه لازال يسجل نقاط أنتصاره على من تأمروا عليه.
صدام حسين (رحمه الله) لم يطرده شعبه وأنما وقع أسيراً بيد الأحتلال،، وهذه نقطة تحسب له،، بينما خرج غيره من السلطة بإنتفاضة شعبية (طرد بالثلاثة)،، ومن يقول أن العراقيين أنتفضوا عام 1991 (صفحة الخيانة والغدر) ضد صدام حسين فأننا سنصفعه على وجهه بأعتق حذاء ونقول له،، كيف لها أن تكون (أنتفاضة شعبية عراقية) ومن كان يقودها ويدعمها ويشارك بها هم الإيرانيون!!،، وفيها مرتزقة من أفغانستان والباكستان أعتقل منهم من أعتقل وقتل منهم من قتل،، وصارت فضيحة (الأنتفاضة) بجلاجل (كما يقال)،، وإذا كانت أنتفاضة شعبية لماذا وصفها أبو القاسم الخوئي (زعيم الحوزة النجفية) بالغوغاء؟!،، هل خاف على نفسه وهو في التسعين من عمره واستخدم التقية!!،، على العموم،، من جانب أخر،، منذ الأحتلال عام 2003 ولحد هذا اليوم لم تجد الشركات التي سخرتها الولايات المتحدة للبحث عن ما تسمى أموال صدام حسين وعائلته على أي حسابات مصرفية في العالم،، ولم يظهر لهم عقارات مملوكة داخل العراق أو خارجه،، وكل العقارات التي كانت تشغلها عائلته هي ملك للدولة وليس لهم،، حتى رجال نظامه لايملكون لامليارات ولا ملايين،، يقول المحامي بديع عارف أنه يدافع عن طارق عزيز بدون أتعاب لأن عائلته في ضائقة مالية،، حتى البيت الذي خرج به طارق عزيز اغتصبه عبد العزيز الحكيم واتخذه مسكن لعائلته،، ورغد صدام حسين تأخذ قرض من البنك العربي في عمان،، وأبو الجيش العراقي عبد الجبار شنشل لايمتلك أجور المستشفى التي يتعالج بها في الأردن رغم أنه خدم العراق ستون عاماً،، وسعدون حمادي يفارق الحياة ويوصي بكل ما يملكه إلى مشروع الوحدة العربية،، لكن كم يمتلك،، ستة وعشرون الف دولار فقط (رغم سنوات الخدمة الطويلة)،، ورغم أن الاحتلال واعوانه قدموا الرئيس صدام حسين لمحاكمة صورية أفتعلوا اركانها إلا أنهم لم يتجرأوا على أتهام ذمته أو نزاهته كما أتهم مبارك و زين العابدين بن علي،، ولم يتهموا أي من رجال النظام الوطني بـ (الفساد المالي) كما هو معروف عن أعوان الاحتلال في المنطقة الخضراء،، ولم يذكر أحد مطلقاً أنه قدم رشوة لأي شخص من النظام الوطني كما فعلها ……. وقبض ثمن فتوى عدم الدفاع عن العراق،، الأهم من هذا وذاك،، أن صدام حسين لم يصب بجلطة أو يدخل في غيبوبة بسبب كرسي الحكم،، فقد ظل قوياً مرفوع الرأس حتى أكرمه الله الشهادة،، رحمه الله،، لازال ينتصر حتى بعد رحيله،، في الختام أقول،، ليس المقصود هو المقارنة فلا يتساوى الثرى والثريا لكن المقصود هو التذكير.
20/شباط/2011