كي لا ننسى
جمال السلمان
نجحت الآلة الإعلامية الأميركية والغربية عموماً في تشكيل ذهن العالم ومسح ذاكرته، حتى يصل العالم كله إلى حالة النسيان وترسم في ذهن الناس الصورة التي خطط لها الإعلام الغربي لصورة الكيان الصهيوني الغاصب ليظهر في صورة دولة عصرية حديثة يمكن أن تقود المنطقة إلى حالة التحديث والتمدين والديمقراطية.
لذلك تقوم قائمة الغرب الاستعماري كلما تجرأ أحد بإعادة الصورة وإعادة الحديث عن حقائق تأسيس الكيان الصهيوني الغاصب، فلكي لا ننسى فإن تأسيس هذا الكيان الغاصب على أرض فلسطين كما تشير الوثائق في التاريخ الحديث عن زرع هذا الكيان في وسط الأرض العربية وجمع شتات اليهود من أوروبا للتخلص منهم وجعلهم قاعدة استعمارية في قلب الوطن العربي مانعة لوحدته.
إن الدولة الصهيونية المقامة في فلسطين «دولة عنصرية» وإنها «ارتكزت في قيامها على عنصري الإجلاء والتوطين»، إجلاء الفلسطينيين ووضع اليهود موضعهم، وهو الإجلاء الذي استخدمت فيه أساليب إرهابية متوحشة بدءاً بالحرب وانتهاء بالمذابح ضد المدنيين، فهذا هو الطابع العنصري والإرهابي للكيان الصهيوني، كما أنها لم تأتِ إلى «أرض بلا شعب».
الأيديولوجيات السياسية العنصرية للحركة الصهيونية تجيز استباحة دم العرب وممتلكاتهم والاستيلاء على أرضهم الممتدة من الفرات إلى النيل بوصفها وطناً قومياً لهم.. ففي سبيل تحقيق الحلم التوراتي والوعد الإلهي المزعوم بميراث الأرض العربية الممتدة من الفرات إلى النيل ينبغي تدمير أية قوة عربية تحول دون تحقيق الحلم الصهيوني، من هنا كانت المجازر الصهيونية في كفر قاسم ودير ياسين وصبرا وشاتيلا وقانا وجنين ونابلس ورفح وتدمير العراق وتخريب مدنه وقتل علمائه ومواطنيه وسرقة آثاره واحتلال الجولان وجنوب لبنان والاستمرار في قتل الفلسطينيين وتدمير مدنهم وقراهم وإتلاف أشجارهم ومزروعاتهم وتسميم مياههم وإقامة جدار العزل العنصري داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة.
اعتبار الحركة الصهيونية شكلاً من أشكال العنصرية هو أحد القرارات التاريخية مثل القرار 3379 الذي أصدرته الجمعية العمومية لهيئة الأمم المتحدة باعتبار الحركة الصهيونية شكلاً من أشكال العنصرية، والذي صدر العام ,1975 ثم عملت الولايات المتحدة الأميركية جاهدة على إلغائه بعد العام 1991 قبل مؤتمر مدريد حتى أوهام السلام التي روجت في ذلك الوقت بعد ضرب العراق.
وأما التلاقي بين النازية والصهيونية، فذلك ما أكدته وثيقة صهيونية، وتتمثل هذه الوثيقة بالمذكرة التي قدمتها المنظمات الصهيونية إلى الحزب النازي غداة وصوله إلى السلطة في ألمانيا، والتي أكدت فيها التماهي بين الجانبين وإمكانية التعاون الوثيق بينهما. المذكرة تؤكد كذلك أن المنظمات الصهيونية «لا ترفض المعتقدات العامة للنازية؛ لأنها هي الأخرى تعارض الزواج المختلط وتؤيد الحفاظ على نقاء الجماعة اليهودية وصفاء المناخ الثقافي اليهودي».
أين كانت الوفود العربية في «ديربان 2»؟ أين كانوا في مواجهة الكيان الصهيوني وفضح جرائمه، عبر التاريخ وتلك الطازجة التي لم تجف دماء ضحاياها ودموع أهليهم بعد في غزة؟ لماذا لم يرتفع صوت أحد وتأخذه النخوة العربية، ألا زالت الخديعة الكبرى المسماة مسيرة السلام مع أبشع استعمار استيطاني عرفته البشرية جمعاء؟