فايز رشيد
بعد السيناتور الصهيوني غينغرتش الذي ينكر وجود الشعب الفلسطيني، يُطّل علينا صهيوني متطرف آخر هو: وزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كيسينجر، صاحب سياسة الخطوة خطوة وعرّاب اتفاقية كامب ديفيد، الذي، وفي حديث صحفي له لصحيفة “ديلي سكيب” الأمريكية يقول: “في الحرب التي ستندلع في الشرق الأوسط لن تنتصر سوى قوة واحدة هي “إسرائيل” وأمريكا، وسيكون على “إسرائيل” القتال بما أوتيت من قوة وسلاح لقتل أكبر عدد ممكن من العرب واحتلال نصف الشرق الأوسط” .
ويضيف كيسينجر في نفس المقابلة “لقد أبْلَغَنا الجيش الأمريكي أننا مضطرون لتولي زمام الأمور في سبع دول في الشرق الوسط، نظراً لأهميتها الاستراتيجية لنا، خاصة أنها تحتوي على البترول وموارد اقتصادية أخرى” .
كيسينجر، بالدعوة الواضحة والصريحة ل”إسرائيل” لقتل نصف العرب، يثبت وبما لا يدع مجالاً للشك عنصريته الصهيونية الفائقة، فهو تلميذ جابوتنسكي وهيرتزل وديفيد بن غوريون، وهو “إسرائيلي” أكثر مما هو أمريكي، جيّرَ نشاطاته إبّان تسلمه حقبة الخارجية في الولايات المتحدة، لخدمة الكيان الصهيوني واللوبي الصهيوني في أمريكا . لذلك عمل على إنجاح اتفاقية كامب ديفيد المشؤومة بين “إسرائيل” ومصر، هذه الاتفاقية التي أزاحت أكبر وأقوى دولة عربية من الصراع مع العدو الصهيوني . وأنتجت قبلها زيارة العار التي قام بها السادات للقدس وخطابه في الكنيست “الإسرائيلي” . الرئيس المصري الأسبق كان ينادي كيسينجر ب”العزيز هنري” وهو الذي قام بزيارات مكوكية كثيرة للدول العربية التي لها تماس مع فلسطين المحتلة، وكذلك زار دولاً عربية كثيرة، بمعنى أنه استُضيف على موائد الكثيرين من الزعماء العرب، وأكل من خبزهم وملحهم، ومع ذلك يدعو إلى قتل نصف العرب، أما النصف الثاني فمن وجهة نظره على أمريكا أن تسيطر عليه، بمعنى آخر: يدعو إلى احتلاله مباشرة، ربما ليس من خلال الجيوش، وإنما بتسلم مقدرات هذه البلدان . كيسينجر يتبنى في دعوته هذه السياسات النازية والفاشية، ويدعو إلى التطهير العرقي للعرب، فقط لأنهم عرب، ومن أجل “عيون “إسرائيل” .
كيسينجر وأمثاله من المتطرفين الصهاينة لا يخرج من جلده، فحرصه إبان تسلمه الخارجية، على الإيحاء بأنه يمتلك سياسة متوازنة في الصراع العربي – الصهيوني، هو كذب ودجل ورياء، ربما انطلى نفاقه على السادات وأمثاله، لكنه ورغم حرصه على ارتداء قفازات حريرية ناعمة الملمس، لإخفاء قبضته الحديدية وحقده على كل ما هو فلسطيني وعربي، كان مكشوفاً من الكثيرين من العرب الذين وصفوه حينها ب”الصهيوني حتى العظم” .
كيسينجر المفترض فيه مراعاة زمن تسلمه للخارجية الأمريكية وسياساتها ودبلوماسيتها، والحرص على شعور “أصدقائه” من العرب، يُظهر في حديثه الصحفي صقوريته وعدوانيته وانطلاقه في كل ما يقول من “النظرية السوبرمانية الأمريكية”، القادرة على فعل كل ما تريده، والمتمكنة من هزيمة أعدائها، والمهيمنة على العالم، فهو يستطرد قائلاً: “لقد تلقى شبابنا في أمريكا والغرب تدريباً جيداً على القتال خلال العقد الماضي، وعندما يتلقون الأوامر للخروج إلى الشوارع ومحاربة تلك الذقون المجنونة، فسوف يطيعون الأوامر ويحولونهم إلى رماد”، ويضيف بكل ما في الدنيا من صلف وعنجهية واحتقار لكل الآخرين “إذا ما سارت الأمور كما ينبغي سنبني بعدها مجتمعاً عالمياً جديداً، لن يكون إلا لقوة واحدة وحكومة واحدة هي الحكومة العالمية يالسوبرباور” وأنا أحلم كثيراً بهذه اللحظة التاريخية” .
كيسينجر وعلى عادة كل المنطلقين من مبدأ القوة، ينسى أو يتناسى هزيمة بلاده في فيتنام عندما هرب سفير بلاده من سايغون من على ظهر السفارة وعلى طائرة مروحية . الوزير الأمريكي الأسبق ينسى هزيمة بلاده في العراق، وتعثرها وكافة الدول الغربية في أفغانستان، واضطرارها إلى سحب قواتها من بلاد الرافدين تحت وطأة ضربات المقاومة العراقية الباسلة، وعلى جدول أعمال هذه الإدارة الانسحاب من أفغانستان .
وينسى أو يتناسى أن لا بلده الثاني “أمريكا” ولا بلده الأول “إسرائيل” تشكل قدراً لا مفر منه للأمة العربية، من محيطها إلى خليجها، وينسى هزيمة “إسرائيل” على أيدي المقاومة الوطنية اللبنانية في عام ،2006 وعدم تحقيقها لأهدافها في حربها العدوانية على غزة في عام 2008 -2009 فهو مثل كل “العدوانيين” لا ينطلقون إلا من خلال مبدأ القوة، وينسى أو يتناسى أن كل المعتدين على الوطن العربي في التاريخ هزموا من قبل الأمة العربية، واندحروا مهزومين .
هذا الذي نقوله هو فقط من أجل تذكير الوزير الأمريكي بالتاريخ، ومن أجل التأكيد له ولأمثاله بأن العدو الصهيوني ودولته لن يكون مصيره إلا كمصير كل أولئك الغزاة .
الخليج الإماراتية:الاثنين ,20/02/2012
© جمعية التجمع القومي الديمقراطي 2023. Design and developed by Hami Multimedia.