دخل مفهوم تداخل السياسة بالعمل النقابي ونظام المحاصصة السياسية أو ما يعرف بالكوتا مرحلة عملية أميط اللثام فيها عن مدى إمكانية تطبيق هذا النظام على أرض الواقع متجليا ذلك في جلسات المؤتمر العام الأول للاتحاد العام لنقابات عمال البحرين الذي انهى أعماله مساء الخميس الماضي وشارك فيه 168مندوبا يمثلون 55 نقابة محلية. ونقصد هنا أن التجربة الجديدة غير واضحة المعالم وشابها بعض الغموض وبغض النظر عمن التزم بالكوتا وصوّت لصالح القائمة الموحدة لدرجة اننا سمعنا أحد المشاركين (رئيس نقابة الصحة) يصرخ مبارك على تغلغل الحزبية في العمل النقابي.. فيما علق رئيس نقابة المضيفين على الوضع بالقول: نلاحظ استحواذا على العمل النقابي من قبل الأغلبية، متسائلا: أين حقوق الأقلية الصامتة؟ كما أعرب رئيس نقابة أخرى يبدو عليه مهمشا بالقول: إن هناك طبخة وأنا وغيري لسنا من ضمنها.
وجاء فوز عناصر جمعية الوفاق في انتخابات الأمانة العامة من خلال حصولها على 9 مقاعد فيما حصلت عناصر جمعية وعد على مقعدين وجمعية المنبر مقعدا وتجمع النقابيين على مقعدين والمستقلين مقعدا واحدا ليصبح إجمالي المقاعد 15 مقعدا بالأمانة العامة. إلا ان ما تردد والمتفق عليه يوم الأربعاء وصباح يوم الخميس السابع عشر من إبريل الجاري أن يكون للوفاق 7 مقاعد و3 لجمعية وعد و3 للمنبر التقدمي و2 للمستقلين ثم طرحت كوتا أخرى على ضوء مطالبة وعد بحصولها على 4 مقاعد، ويقال إن وعد طلبت أكثر من حصتها.. وبهذا الحال وافقت الوفاق على تخفيض نصيبها من المقاعد إلى 7 ولكن بشروط لم نعرفها حتى هذه اللحظة بالضبط. ومن خلال الحوار والتجاذبات التي حصلت صباح وظهر الخميس اتفقت الأطراف الثلاثة على تشكيلة القائمة الموحدة البالغ عددها 15 عضوا موزعين على 7 للوفاق و3 لوعد و3 للمنبر و2 للمستقلين. ودخل الجميع على هذه القائمة الموحدة وعلى أساس المحاصصة المذكورة حيث على الناخبين اختيار 15 عضوا مرشحا من أصل 31 عضوا مرشحا وانسحب منهم 3 ليبقى العدد 28 عضوا وعلى أساس اتفاق مبدئي أن ينسحب باقي المرشحين فيما يثبت الـ15 من القائمة الموحدة المتفق عليها لتفوز القائمة بالتزكية. ولكن الذي جرى غير ذلك! مما أشاع نوعا من التجاذبات والمشادات ثم العودة إلى الهدوء كأفضل بديل عن الاتهامات في ظرف يصعب علينا كإعلاميين أن نعرف حقيقة الإتفاقات ماعدا عبارات السباب هنا وهناك في أروقة القاعة. وكان صندوق (الانتخابات) هو العنصر الحاسم والمفاجئ في لعبة المحاصصة من خلال عد الأوراق وفرز الأصوات ليكشف مدى الإلتزام العملي بالمحاصصة السياسية، والصندوق هو الحكم النهائي وصاحب القول الفصل حين أعلن المشرفون على الانتخابات بأن التشكيلة النهائية التي أفرزها الصندوق تتمثل في فوز الوفاق بـ 9 مقاعد ووعد مقعدين والمنبر التقدمي مقعد وتجمع النقابيين مقعدين والمستقلين مقعد. فمن هو الرابح ومن هو الخاسر وهل تم الالتزام بالكوتا السياسية؟ والجواب بكل بساطة إذا قلنا إن الوفاق اكتسحت فهي في الحقيقة القوة الأولى في الجسم النقابي ولطالما يقال إنها مسيطرة على 34 نقابة من أصل 55 نقابة.. فبالتالي من الطبيعي أن تتربع على القائمة. فمن يتحمل تراجع كفة المنبر أو وعد وهل الوفاق هي التي تتحمل ذلك؟.. هنا يأتي مدى الالتزام بما تم الاتفاق عليه بين الأطراف الثلاثة، ولكن الحدث الغريب هو عندما انسحب ثلاثة من الترشيح و2 منهم معروفان في الوسط النقابي والسياسي ومن جمعية وعد، ثم معاودة تثبيت أحدهما وهو (عبدالحميد الراشد) فيما ظلت نجية عبدالغفار على موقفها المنسحب في وقت تطلعت فيه الأنظار إليها وانذهل الحضور من انسحابها كعنصر نسائي معروف. وباختصار فإن هذه الملابسات ونتائجها هي أكبر دليل على وجود خلل في تطبيق المحاصصة على أرض الواقع.
نشر في : أخبار الخليج