الأخوة رؤساء الجمعيات السياسية
الأخوة الضيوف
الأخوات والأخوة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،
الشكر في البداية لنادي العروبة لاستضافته هذه المناسبة الوطنية الهامة، وما يجمع ما بين هذا النادي العتيد والمناضل عبد الرحمن النعيمي هو واضح وجلي ويتمثل في عطاءات غنية وثرية تتجاوز حدود البحرين الغالية لتمتد في كافة ساحات الوطن العربي.
في هذه المناسبة الوطنية، حفل تأبين فقيد البحرين والحركة الوطنية والقومية العربية المناضل عبد الرحمن النعيمي، من الواجب علينا أن نفي بعض ما يستحقه هذا المناضل الكبير، وما يستحقه كثير وكثير.
وما استوقفني أكثر من قضايا كثيرة كان الفقيد أبو أمل دائب التأكيد عليها هو موضوع الوحدة الوطنية، وقد عمدت للتركيز عليها في كلمتي هذه لنستذكر معا أهمية ما أوصانا به الفقيد من دروس وعبر للحفاظ على الوحدة الوطنية، وما احوجنا أليها في هذه الأيام، حيث تلاحقنا يوميا عشرات الخطابات والممارسات الطائفية البغيضة والمؤدية مستهدفة بصورة متعمدة شق الصف الوطني وإيلامه وأضعفاف مجمل النضال الوطني.
يقول الفقيد في مقالة اختطها بتاريخ 11 أغسطس 2003، متزامنة مع ذكرى استقلال البحرين:
"تشكل قضية الوحدة الوطنية القضية الاساسية الجوهرية التي نراها في الجمعيات السياسية. إنها حجر الزاوية في أي مشروع اصلاحي.. في أي مشروع وطني حقيقي.. ولا بد ان تتعاون الجمعيات السياسية ومؤسسات المجتمع المدني والسلطة السياسية في تعميق وتوطيد الوحدة الوطنية، وتخفيف الاحتقان الطائفي والعمل على تعميق الروح الوطنية، ليس بالكلام وانما في الممارسة العملية (ففي الكثير من الاحيان يردد الناس: اسمع كلامك يعجبني، اشوف افعالك اتعجب!!)
من بيده زمام الامور يتحمل العبء الاكبر..
يوضح أبو أمل " أن الحكم يتحمل المسؤولية الاكبر في تقديم المثل لمدى صدقه وايمانه بالوحدة الوطنية، وعدم تمييزه بين المواطنين.. وفي الوقت الذي نثمن ماجرى من انجازات على صعيد تخفيف التوتر بين الحكم والشعب عبر المبادرات التي قام بها صاحب الجلالة.. الا ان المطلوب اكثر من ذلك.. مطلوب الغاء التمييز الطائفي والعرقي والقبلي والاسري.. في الحياة اليومية، أي في التوظيف والامتيازات بحيث تكون الكفاءة هي المعيار.. وبحيث لا يتضخم الشعور بأن هناك تخوفاً من هذه الطائفة او تلك.. او ان هناك محاباة وتملقاً لهذه الاسرة او تلك..
ونحن نضيف اليوم أن ما مطلوب هو أرجاع مئات المعتقلين لمساكنهم آمنين والالاف من المفصولين لأعمالهم مكرمين ووقف الخطاب التحريضي أي كان مصدره.
وفي 17 أبريل 2004، يعود فقيدنا الراحل ليؤكد مرة أخرى أن" حركة المعارضة خلال الفترة السابقة أكدت ومنذ ان طرحت المسألة الدستورية انها متمسكة بالثوابت في العمل الوطني التي تتلخص في قضيتين أساسيتين، هما: الوحدة الوطنية والحقوق الدستورية المكتسبة والمزيد من التقدم في هذه المسألة.
ويضيف في ملاحظات مكثفة نحن نطالب حركتنا الوطنية اليوم التوقف أمامها مطولا ودراستها دراسة متعمقة، يقول أبو أمل"ان حجر الاساس في العمل السياسي في بلادنا يجب ان يكون مرتكزا على الوحدة الوطنية والعمل بدأب لتخفيف سلبيات الانقسام الطائفي، وكنا ندرك ان الحكم لا يريد اصطفافا تاريخيا واسعا ضده كما حصل في الخمسينيات من القرن المنصرم.. وان من مصلحته عدم وجود كتلة تاريخية كبيرة تعبر عن التوافق الوطني الكبير وتترجم حركتها باستخدام كل الامكانات الشعبية المتوافرة في هذا الموقع او ذاك لتحقيق المزيد من التقدم للمجتمع.
واذا كانت قيادة الحركة السياسية الديمقراطية حريصة كل الحرص على الوحدة الوطنية وضرورة تخفيف الاشكالية الطائفية التي نعاني منها، والتي تعاني منها الكثير من البلدان العربية والاسلامية، كما يقول أبو أمل .. فان من الضروري ان تشكل الوحدة الوطنية علامة فارقة في اية برامج تضعها في النضال ضد التوجهات الخاطئة للسلطة، وان تسعى باستمرار لتحقيق المزيد من الاصطفاف الوطني من خلال نشاطاتها في المجتمع.. ولا يجب ان تكون المكاسب الصغيرة الآنية التي قد تضر او تربك هذا الهدف الكبير، مغرية لنا للاستخفاف بمسألة مشاركة فئات اجتماعية – على صعيد مذهبي أو عرقي – وبالتالي فان الاهتمام الشديد بهذه القضية ستجعلنا نقيم كل خطوة نخطوها بناء على مصلحة كل شعبنا وليس بناء على مصلحة فئة أو طائفة أو حزب أو كتلة سياسية.. حتى لو اضطرتنا بعض المنعطفات للتراجع الى الوراء أو تأخير بعض الفعاليات الجماهيرية.. اذا وجدنا ان التقدم الى الامام سيفقدنا جزءا مهما من هذه الكتلة التاريخية ومن هذا التوافق الوطني المطلوب".
وفي 20 أبريل 2005 ، يتسائل الفقيد الراحل في مقالة له رابطا بين مطالب الإصلاح والوحدة الوطنية:
هل يمكن ان يكون الاصلاح الدستوري في البحرين ً مطلباً طائفياً، أم انه لمصلحة طائفة دون أخرى، أم ان البعض لديه أجندات سرية تشيعها السلطة لتعميق الشرخ الوطني؟
ويجيب على سؤاله قائلا "اذا كان من المستحيل شطب المخاوف الطائفية بجرة قلم، خاصة اذا انعكست في مصالح طبقية «كما هو الحال اللبناني» فإن العمل لتأسيس وعي سياسي وفكري جديد مقرون بالممارسة العملية اليومية من قبل القوى الوطنية هي مهمة اولى لها".
ويضيف "ان من الصعوبة بمكان اقناع السلطة الحاكمة بضرورة التخلي عن النهج والتمييز الطائفي الذي تسير عليه، ولا بد بالتالي من تحشيد قوى اجتماعية لها مصلحة في إلغاء التمييز الطائفي والعرقي من المعادلة السياسية وتلغي كلية فكرة أن المحرك الأساسي للاحتجاجات السياسية والمجتمعية مصدره خارجي لا يريد الأمن والاستقرار للبحرين أو منطقة الخليج، وتجد من يروج له سواء في أوساط كتبة أو صحفيي السلاطين المنتشرين بكثرة في بلاد العرب".
نعم أيها الأخوات والأخوة أن مواجهة السلطة التمييزية، كما يوصينا أبو أمل، يتطلب من القوى السياسية ان تبرهن قدرتها على التحرك الوطني البعيد عن الحسابات الطائفية، لنسج المزيد من الترابط بين قوى المجتمع السياسية والطبقية والاجتماعية، وكسر الحواجز باستمرار بين قوى المجتمع المعارضة لتتمكن فعلاً من بلورة مواقف قريبة من بعضها البعض، لاتستند على سياسة غالب ومغلوب في المقاطعة أو المشاركة، وإنما على تحليل واضح لطبيعة الصراع الدائر في المجتمع والقوى المتصارعة، وتكتيكات الأطراف الاساسية المتصارعة لكسب المزيد من النقاط الايجابية لصالح الوطن.. قبل الطائفة.. فمصلحة الوطن هو مصلحة الجميع. نعم مصلحة الوطن قبل مصلحة الطائفة قبل يؤكد رفقينا الكبير الراحل ابو أمل.
اننا نوصي في ختام هذه الكلمة أن تبادر القوى الوطنية الى تخليد ذكرى الفقيد الراحل بأحياء نضالاته وأدبياته بشتى الصور، لذلك، فأننا ندعو أن يكون أحد هذه الأشكال عقد مؤتمر وطني سنوي بأسمه يستظل بظله الوطن جميعه لمناقشة همومه وقضاياه مستلهما الدروس من تلك النضالات والأدبيات.
رحم الله أبو أمل وأسكنه فسيح جناته وألهم أهله وذويه ورفاقه الصبر والسلوان
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،
حسن العالي
الأمين العام
التجمع القومي الديمقراطي
21 سبتمبر 2011