كلمة المحرر الأسبوعي لموقع طليعة لبنان الواحد الانتصار للأقصى
لم يكد يمضي آخر أيام الأضحى، حتى بدأت سلطات الاحتلال تنفيذ إجراءاتها بحق الأقصى، عبر فرض التقسيم المكاني والزماني دون أن تواجه بموقف ردعي حازم سوى من المرابطين والمرابطات في حرم الأقصى.
إن الإجراءات التي بدأت"اسرائيل" بتطبيقها، فرضت أمراً واقعاً بحيث لم تعد لهذا الصرح الديني حرمة ولا قدسية، وبات يحق للصهاينة الدخول إليه والخروج منه في التوقيت الذي تحدده سلطات الاحتلال وهذا التحديد الذي منح الصهاينة"امتياز" الدخول إلى الحرم، فرض على المسلمين من الفلسطنيين العرب منعاً من تأدية المراسم الدينية من صلاة وتضرع في الأوقات الممنوحة لليهود.وبذلك تكون سلطات الاحتلال قد فرضت تهويد الأقصى كأمر واقع لمجرد ان ساوت بين اليهود والمسلمين عبر التقسيم الزماني والمكاني.
إن هذه الخطوة ستعقبها خطوات تالية وهي تشييد كنيس يهودي في الحرم.وعندما يشيد العدو هذا الكنيس سيمنع المسلمين من الدخول إلى الحرم بحجة حرمة الكنيس، ومعها تكون عملية القضم التدريجي الذي بدأ بالتقسيم الزماني والمكاني قد أفضى الى فرض التهويد الكامل للأقصى وبالتالي إزالة معالمه باعتباره مشيد على أنقاض هيكل سليمان المزعوم.
ان ما تنفذه"إسرائيل" ما كانت لتستطيعه لو ووجهت بموقف شعبي وسياسي شاملين على مستوى فلسطين، ولو أدرك العرب خطورة هذا الإجراء والذي يمس واحداً من أبرز المعالم المقدسة عند المسلمين عامة والعرب خاصة.
وأن تتمادى "اسرائيل" في سياستها هذه وهي التي تنهي الإشراف العربي على المقامات الدينية ذات الدلالات والوقع الخاص فهذا إنما يندرج في إطار فرض التهويد على كل معالم الحياة العربية في فلسطين المحتلة والتي لن تنجو منها أيضاً المقامات الدينية المسيحية.
فإذا كان الاستهداف اليوم يطال الأقصى كما طال قبله الحرم الإبراهيمي في الخليل، فإن الاستهداف المقبل سيكون كنيسة القيامة وكل مساجد وكنائس العرب من مسلمين ومسيحيين على كل بقاع فلسطين من الجليل الأعلى حتى صحراء النقب.
وتحسباً لانتفاضة حجارة جديدة عمدت سلطات الاحتلال على سن تشريع يجرم رماة الحجارة في خطوة استباقية لوضع كل الجماهير اذا ما انتفضت تحت طائلة المساءلة الجنائية.
من هنا، يجب وضع الاجراءات الصهيونية ضد الأقصى في سياق من ينفذه العدو في الأراضي المحتلة مستفيداً من الظروف والمعطيات التي تعيشها الأمة العربية والحرب العدوانية التي تشن عليها تحت ذريعة مكافحة الارهاب وكأن العدو الصهيوني لا يمارس إرهاباً ضد شعب طرد من أرضه ويراد اسقاط هويته الوطنية واخراجه من ارضه عبر الترحيل الجماعي "ترانسفير" واخراجه من تاريخه وارثه الإنساني وبالأخص مقاماته الدينية وكل تراث حضاري متصل به.
من هنا، إن الحؤول دون العدو من تحقيق أهدافه ضد الاقصى خاصة وما تبقى من معالم عربية في القدس، هو بإطلاق انتفاضة تعم كل أرض فلسطين، وبموقف عربي رسمي وشعبي يضع الاجراءات الصهيونية في أعلى مراحل التهديد الوجودي للأمة.
وعندما ينطلق الموقف الشعبي في داخل فلسطين وتتم ملاقاته من خارج فلسطين وفي كل الداخل العربي، يشعر العدو، بأن فلسطين ليست يتيمة متروكة على حافة الاستعطاف الدولي، بل لها أهلا لا يبكون عليها بل يبذلون الدم لأجل انقاذها واولها انقاذ الأقصى.
إذاً، الاقصى في خطر، وكل ما يرمز الى معالم الحياة العربية في فلسطين في خطر.واذا كانت "اسرائيل" اقدمت على تجريم رماة الحجارة، الا يفترض ان يجرم من يرمي الاطفال والشيوخ والنساء والعزل بالنار؟ والا يفترض ان يجرم من يحرق العائلات في منازلهم ويجبرهم على اخلاء بيوتهم ومزارعهم والا احراقها او تدميرها او جرفها؟
إن المطلوب موقف، فلسطيني أولاً، وعربي ثانياً ودولي ثالثاً، لأن الخشية ان تكون خطوة تهويد الاقصى واسقاط الرعاية العربية عنه خطوة نحو اسقاط الرعاية العربية عن كل المقامات الدينية الاسلامية في بلاد العرب وبذلك تكون الحملة المعادية على الامة قد استكلمت كامل اهدافها ليس عبر اسقاط اهدافها السياسية وحسب، وانما ايضاً اسقاط تاريخها الذي ينطوي على دلالات رمزية لدور الامة العربية الريادي.
فلتكن صرخة بإنقاذ الأقصى تنقذ عروبة فلسطين وبإنقاذ عروبة فلسطين تبدأ مسيرة اسقاط العداونية المتعددة المواقع والمشارب على عروبة الامة.
ان الامة امام اختبار عملاني جديد منطلقه الانتصار للأقصى.